في استوديو واحد، يجلس مفتيان من المذهبين السني والشيعي، يتحاوران حول أبرز نقاط الخلاف والمغالطات بين المذهبين.
الشيخان هما أحمد طالب، وهو مفت جعفري من الطائفة الشيعية في لبنان، ومحمد أبو زيد قاضي المحكمة الشرعية وخطيب مسجد سني في منطقة صيدا.
على غير العادة، وغير ما هو معروف عن رجال الدين من جدية في تناول مواضيع الدين، يتناول المفتيان بابتسامة ما يثار من نقاط خلافية مذهبية ويصححان المغالطات في مقطع فيديو.
تحتدم الصراعات المذهبية بين السنّة والشيعة في عدة دول عربية، وينشأ أبناء مذهب معيّن على مشاعر عدائية تجاه أبناء المذهب الآخر من دون أن يدققوا أحيانا أو أن يكوّنوا معرفة كافية حول نقاط الاختلاف أو حتى ما يجمعهم بالمذهب الآخر.
تقول داليا المقداد، مديرة موقع "تعددية" الذي نشر المقطع المصور للمفتيين، إن "الابتسامة الحاضرة عند الشيخين خلال حديثهم عن النقاط الخلافية بين المذهبين في حياتهما الطبيعية، هي ما دفعنا إلى فكرة التصوير".
مقطع الفيديو نشر على موقع "تعددية"، وهو موقع إلكتروني تابع لمؤسسة "أديان"، يعمل على نشر ثقافة التنوع وقبول الآخر المختلف دينيا.
وتعتبر المقداد أن عالم السوشيال ميديا بات "مصدرا خطرا" لموضوع التنوع الثقافي والديني، مضيفة "الإنترنت ليس مصدرا عمليا وموضوعيا للحصول على الثقافة والمعلومات الدينية".
ولعبور الحواجز الاجتماعية التقليدية التي تحول عادة دون الخوض في الحديث عن أمور الدين وقع الاختيار على الشيخين للحديث في مقطع الفيديو عن أبرز الأفكار السلبية والخاطئة تجاه معتقداتهم.
ومن بين المواضيع التي أثارها الشيخان، حب أهل السنة لأهل البيت وحقيقة عبادة الشيعة لقرص الطين (التربة الحسينية)، وهل أن كل السنة دواعش، فضلا عن موضوع قرآن فاطمة الذي يقال أنه موجود بشكل حصري لدى رجال الدين الشيعة.
وتوضح المقداد، أنه عندما تبحث عن معلومات عن تقاليد أو ديانات أخرى، تجد أشخاصا من خارج تلك الديانات يكتبون عنها، بطريقة "خاطئة وتزيد الأفكار السيئة، مما يزيد التشنج بين الأديان".
مسلم ومسيحي
بالطريقة ذاتها، يجلس رجلا دين مسلم ومسيحي، في حلقة ثانية، عنوانها “أفكار نمطيّة عن المسيحيّين والمسلمين".
الشيخ المسلم أسعد اسكندراني إمام وخطيب مسجد، والأب أغابيوس كفوري راعي كاتدرائية النبي إيليا في بيروت.
"ببساطة الرسالة التي أردنا نشرها هي أنه يمكننا أن نتناقش في الدين برحابة وابتسامة وبساطة"، يقول الأب كفوري.
ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن الأحكام النمطية التي ورثناها "تجعلنا نضطرب وهذه الابتسامة دائما موجودة مع أصدقائي المسلمين".
ويرى الأب كفوري أن "الإنسان عدو ما يجهل"، فكيف الحال "إذا كان هناك مشاكل بين المسلمين والمسيحيين وحروب وسوء فهم عبر التاريخ".
أما أبرز المواضيع التي تناولتها الشخصيتان في الحلقة، فهي قمع الفتيات المسلمات وتعنيفهن وهل أن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة، وهل أن المسلمين رجعيون؟
ويشير الأب كفوري إلى أنه في كل العالم لكن بشكل "أكثر في العالم العربي، أصبح هناك كسل في القراءة"، وهذا ما دفعهم إلى استخدام مقاطع الفيديو اإيصال الرسائل إلى المجتمع.
ويتابع "منذ عرض الفيديو وصلني أكثر من خمسين طلب صداقة على فيسبوك من أشخاص مسلمين، لديهم أفكار وأسئلة ويريدون الحصول على أجوبة عنها".
"هذا الشيء يحصل مع الشيوخ المسلمين الذي يتميزون برحابة الصدر"، يقول الأب كفوري، فالمسيحيون أيضا يريدون "التعرف أكثر على الإسلام".
التعطش للمعلومات موجود لدى الجميع، لكن المهم هو طريقة إيصال الرسائل.
و"العنف إذا واجهناه بالعنف سيولد عنفا مزدوجا، على عكس التسامح الذي يولد التفاهم والتقارب" وفق ما يرى الأب كفوري.