شعار النجمة والهلال على سطح مسجد باريس الكبير/ وكالة الصحافة الفرنسية
شعار النجمة والهلال على سطح مسجد باريس الكبير/ وكالة الصحافة الفرنسية

في 16 آذار/مارس الماضي، ألغت الحكومة البلجيكية اتفاقا أبرمته مع السعودية قبل نصف قرن يمنح السعودية صلاحية إدارة المركز الإسلامي والثقافي في بلجيكا، أو ما يعرف بـالمسجد الكبير في العاصمة بروكسل، التابع لرابطة العالم الإسلامي.

قرار إلغاء الاتفاق، الذي أبرم عام 1968 ومدته 99 عاما، جاء استجابة لتوصيات لجنة تحقيق برلمانية تكونت بعد هجمات 22 آذار/مارس 2016 التي تبناها داعش وخلفت 32 قتيلا في بروكسل.

تقول نتائج التحقيقات إن هذه المؤسسة "تروج" لإسلام "سلفي وهابي" يمكن أن "يلعب دورا كبيرا جدا في التطرف العنيف"، وأوصت بإخضاعه لإدارة جديدة.

أوروبا.. سوق ديني مفتوح

ستنقل إدارة المسجد الكبير الذي يعتبر وكرا للتيار السلفي إلى كيان جديد يضم المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا (رسمي)، الذي يمثل مختلف الجاليات المسلمة، وهيئات محلية أخرى.

حسب تصريحات صحفية لجورج دالماني، النائب الوسطي ونائب رئيس لجنة التحقيق، فإن قرار السلطات البلجيكية إنهاء هيمنة السعودية على إدارة المسجد سيعيد الأمور إلى نصابها.

"الفترة السابقة عرفت استغلال مسلمي بلجيكا من طرف فكر ليس هو فكرهم وبعيد عن إسلامهم المالكي الأكثر تسامحا واعتدالا"، يقول دالماني.

ويعتنق أغلب مسلمي بلجيكا المذهب المالكي السائد في دول شمال أفريقيا. ويمثل القادمون من هذه البلدان أكبر جالية إسلامية في البلاد.

دول شمال أفريقيا، خاصة المغرب والجزائر، تخوض بدورها صراعا مريرا على النفوذ وسط مسلمي أوروبا، خاصة فرنسا.

وتتصارع الجاليتان المغربية والجزائرية، مدعومتان بحكومة بلديهما، على "مسجد باريس الكبير" أكبر مؤسسة إسلامية في البلاد.

ويشغل منصب عميد المسجد حاليا فرنسي من أصل جزائري هو دليل بوبكر، لكن هذا لا يروق للجالية المغربية التي تطالب بأحقيتها في إدارة المسجد باعتبار أن سلطان المغرب هو من وضع حجره الأساس قبل 90 عاما.

واحتدمت الصراعات بين الجاليات الإسلامية في السنوات الأخيرة حول "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية". لكنها خفت بعد أن توصل المغاربة والجزائريون والأتراك إلى الاتفاق على رئاسة دورية للمجلس.

وأسس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية سنة 2003 تحت رعاية وزير الداخلية الفرنسية (الرئيس لاحقا) نيكولا ساركوزي، لرعاية الشؤون الدينية للجالية المسلمة.

لكن التفاهمات بخصوص المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لم تمر دون انسحاب اتحاد المنظمات الإسلامية، المقرب من الإخوان المسلمين، منه.

يقول منتصر حمادة، الباحث في الشأن الديني، إن المشهد الديني في أوروبا "سوق ديني مفتوحة تتدافع فيها مؤسسات دينية وثقافية وحركات إسلامية دعوية وسياسية وجهادية وصوفية"، ويؤطرها "بتنافس شديد" فاعلون دينيون ينهلون من مرجعية عقدية ومذهبية مختلفة تسعى إلى الهيمنة.

ويشكل المسلمون في أوروبا حوالي 5 في المئة. وتنتشر عشرات المراكز والمؤسسات الإسلامية الخاضعة لنفوذ جهات مختلفة.

صراع نفوذ

المكون الشيعي حاضر بدوره في المشهد الديني في أوروبا.

يقول جمال الدين ريان، الخبير في الهجرة ورئيس مرصد التواصل والهجرة بهولندا، إن "إيران نجحت في تصدير أيديولوجيتها إلى بعض مسلمي أوروبا، حيث توجد حسنيات يستعملها المسلمون الشيعة".

ويتمثل الوجود الشيعي في أوروبا عبر مؤسسات دينية تنتشر في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وبريطانيا التي تضم  وحدها أزيد من 26 مركزا شيعيا و70 حسينية ومسجدا جلها تحت إدارة مجلس علماء الشيعة في أوروبا.

وتحاول الدول المغاربية، التي تتوفر على جالية مسلمة مهمة في أوروبا، الحفاظ على مذهبها المالكي في أوساط مواطنيها، فيما تسعى السعودية إلى دعم الفكر السلفي.

ويقول إدريس الكنبوري، الخبير المغربي في الجماعات الإسلامية، إن تركيا تحاول بدورها تصدير نموذج إسلامي لا يتعارض مع العلمانية الأوروبية، بينما تسعى وإيران إلى إيجاد موطئ قدم لها في المجتمعات الأوروبية عبر دعم التشيع.

ويؤكد الباحث المغربي أن هذه الدول تسعى إلى بسط نفوذها على أكبر عدد ممكن المؤسسات الإسلامية.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.