جلبت "ديزني" لشاشات السينما شخصيات نسائية تتمحور حول الأميرات وقصص الحب والبحث عن الرجل أو انتظاره، إلا أن مواصفات الأميرة بدأت تتغيّر منذ عام 1992 مع شخصية "ياسمينا" العربيّة، التي لا تقبل بالزواج من رجل لا تحبّه، ثم كانت "بوكاهانتاس" (1995) من سكان أميركا الأصليين التي تسعى لجلب السلام بين قبيلتها والمستعمرين الأوروبيين، وبعدها مولان من الموروث القصصي الصيني (1998) تتنكّر بدور رجل لتنضم إلى جيش بلادها بسبب كبر سن والدها، ثم تمنع اغتيال الامبراطور في وقت لم يؤمن أحد بقدراتها.
I don’t have anything against princess, but I was really excited that Moana showed a different form of leadership than most of Disney films. They didn’t just use a different name, they showed a different meaning of what royalty could be, a leader. Moana literally “shows the way.” pic.twitter.com/tvVpAEFzvN
— Fangirl Jeanne (@fangirlJeanne) April 16, 2018
تقول المغرّدة "ليس لدي شيء ضد أميرات ديزني، لكنني متحمّسة جداً لموانا، فهي تعكس امرأة قياديًة مختلفة عمّا كضى في أفلام ديزني، ولا يتعلق الأمر باسمها فقط، بل بإبراز المعنى الحقيقي للقيادة والحكم"
وهذه سبع شخصيات نسائية من خمسة أفلام أنتجتها "ديزني" بين الأعوام (2008- 2018)، وهي محاولة لتصدير صور جديدة للمرأة.
وهو شيء مهم لأن نسبة التلقي والتأثير عالمية لهذه الأفلام، فالأميرة التي لا يشغلها سوى الزواج والأمير الذي يعرف أن لا شيء للأميرة سوى انتظاره، سيصدّران بالضرورة صورة لرجل مسيطر وامرأة ضعيفة، وربما مع الوقت امرأة تتقبّل منه كل شيء حتى العنف، فهي الأضعف في هذه المعادلة، التي تنتظر قبلة الحب لكي تعيش أو تُشفى، وعلى سيرة قُبلة الحب، يبدو أنها "اللازمة الأدبية" التي لا تنتهي في "ديزني" سنراها في فيلمي "Frozen" و"The Princess and the Frog" مع تغيّر طفيف في المعنى، كما رأيناها في فيلم "Maleficent" لكنّي لن أتطرق له حيث يربط بين هذه الأفلام أنها رسوم متحركة.
""The princess and the Frog لي هدف سأحققه
2009- مكان القصة: الولايات المتحدة الأميركية
تيانا ابنة لعائلة بسيطة تسكن حياً للأميركيين الأفارقة في مدينة نيوأورليانز ذائعة الصيت بالجاز والسحر والشعوذة والمستنقعات والمقابر العالية، وكلها ظهرت في الفيلم.
كما اعتُبرت تيانا أول أميرة سمراء البشرة في تاريخ ديزني (هي تصبح أميرة بزواجها من أمير).
أما صديقتها شارلوت (بيضاء البشرة شقراء الشعر)، ابنة تاجر ثريّ في المدينة، لكنهما مقربّتان جداً منذ الطفولة، مذ كانت أم تيانا تخيط ملابس الأميرات لشارلوت، وسأدرج الفروق بينهما في الآتي.
أفكار قدمها الفيلم
- أنا امرأة لي هدف وأحققه بنفسي من خلال العمل الجاد والاجتهاد، لا من خلال الأحلام وانتظار معجزة أو طريقة سحرية لتحقيقه (حلم تيانا في امتلاك مطعمها الخاص).
- اللحظة التي نقرر فيها الاعتماد على الآخرين في تحقيق أحلامنا سنفقد ذواتنا (قبلة تيانا للضفدع الذي وعدها بتحقيق حلمها وأوهمها بأنه سيعود أميراً بعد تلك القبلة، لتتحوّل هي إلى ضفدع).
- تأثير المرأة الناجحة صاحبة الطموحات في تغيير سلوك الرجل الكسول (في حوار تيانا ونافين حين أخبرها أنه يحب الاستماع لكلامها عن أهدافها وأنها غيرته وهو المطرود من عائلته بسبب كسله وقلّة حيلته"
- المرأة المستقلّة والطموحة تستطيع ذلك أيضاً مع شريك تختاره بنفسها (حين قالت تيانا إن تحقيق مشروعها الشخصي دون نافين سيكون ناقصاً)
وكان من اللافت بعد زواج تيانا من نافين، وتمكنها من شراء مطعم أحلامها، دفعت المبلغ من النقود التي ادّخرتها طوال حياتها عبر عملها الدؤوب، رغم كون الزوج أميراً.
"Tangled" وقتي ليس فارغاً
2010- مكان القصة: ألمانيا
يعرض الفيلم قصة الفتاة ذات الشعر الذهبي الطويل "رابونزل"، وكل ما عرفناه عنها من نسخ عدة لها من أفلام قديمة، أنها تعيش مجبرة مع ساحرة شريرة، وتقضي وقتها بالجلوس على النافذة تبكي أو تغني بانتظار من يُنقذها، كما أنها ابنة عائلة مزارعة.
ديزني اختارت لها مساراً آخر، وتمت إعادة صياغة القصة بشكل منطقي لخلق صفات جديدة لرابونزيل، فهي هنا أميرة مفقودة، خطفتها امرأة مسنّة لتحافظ على شبابها الدائم من خلال شعر رابونزيل حيث يحتوي تركيبة زهرة سحرية نجت منها والدتها أثناء الولادة، وكبرت رابونزيل وهي تظن أن هذه المرأة أمها.
إذن رابونزيل هنا لا تعي أنها مخطوفة، وتسمع كلام والدتها بعدم الخروج من البيت، وتقتنع بأسبابها، لكنها لا تجلس في البيت وكفى. لديها هوايات وأعمال عدة تملأ يومها، بحيث لا تشعر بالفراغ، من الرسم وصناعة الشمع وقراءة الكتب ولعب الشطرنج والبازل وخبز الحلويات وتنظيف البيت وغسل الملابس، وهي ليست مستكينة إلى وضعها، بل تتمنى وترجو ذلك اليوم الذي تخرج فيه للعالم.
وتحقق ذلك، ليس من خلال أمير هذه المرة، بل من خلال لص يصلها صدفة، تعتبره "قدراً"، وبعد رحلة معه، ومن خلال مواقف عدة تقع في حبه، وتدافع عنه، وتعالجه، وتحميه.
"Brave" من حقي أن أختار
2012- مكان القصة: سكوتلندا في القرون الوسطى
أفكار يقدمها الفيلم
- من حق الفتاة أن تختار ما تريد وتقرر بنفسها شكل حياتها لا أن تكون نسخة عن ذويها. ونذكر حوار ميريدا مع والدتها خلال مسابقات اختيار الأمير الذي سيتزوجها:
ميريدا: أمي اسمعيني فقط..
الأم: أنا الملكة وعليك أنت سماعي
- هذا ظلم، لم تسانديني أبداً، وكل ما تريدينه تزويجي، هل سألت نفسك ما الذي أريده أنا؟ لا. فقط توجهين لي الأوامر ما يجب فعله وما يجب ألا أفعله، ومحاولة جَعلي مثلك تماماً، لكنّي لن أصبح مثك..
- تتصرفين كالأطفال
- وأنت كوحش.. لن أكون مثلك!
- العادات والتقاليد ليست مقدسّة، وتناقلها من جيل لجيل ليس إجبارياً (موقف الأم في نهاية الفيلم حين تغيّر رأيها وتصبح في صف ميريدا، وتحررها من فكرة الزواج التقليدي كما يتحرر الأمراء منه أيضاً).
- الآخرون غير مسؤولين عن أقدارنا الشخصية، نحن فقط نملك ذلك، وميريدا تتمكن من هذا الأمر، فهي تخطئ وتتعلم من تجربتها وتغيّر مصيراً أريدَ لها بنفسها.
- المرأة شريكة في القرار السياسي، ولها مصدر قوة (العلاقة بين الملك والملكة وإبراز دورها الكبير في الحكم وانتظار الزعماء لرأيها الفَصل)
"Frozen" الحب ليس رجلاً فقط
2013- مكان القصة: النرويج
يمكننا رؤية الفرق الواضح بين الشخصيتين الرئيستين في الفيلم إلسا وآنا وهما أختان أميرتان، في أغنيتي كليهما (Let it go و For the first time and forever).
أفكار قدّمها الفيلم
- ما اعتقدته آنا حباً حقيقياً كان مجرّد كذبة، والتجربة والمواقف والمعرفة بالآخر هو الطريق لحب حقيقي (ما حصل بينها وكريستوف).
- الحب ليس رجلاً فقط، فقد يكون من قريب أو صديق، وهو ما حدث حين أنقذت دموع إلسا، آنا من موت محتّم بسبب لعنة التجمّد، في الوقت الذي اعتقد الجميع أن قُبلة حب ستشفيها.
- حرية الفتاة (المرأة) في التعبير عن نفسها كما تشاء، وليس في إخفائها ومحاولة الوصول للكمال من وجهة نظر الآخرين، وهو ما قالته إلسا في أغنيتها أنها تحررت حين علم الجميع بسرّها، حتى أن شكل تسريحة شعرها وملابسها تغيّر بشكل تريده.
- تقبّل الذات باختلافها ينشر الإيجابية أكثر من فكرة كتمها والعزلة عن الآخرين بسبب هذا الاختلاف (إلسا قبل كارثة الجليد وبعدها).
- الحب لا يعرف طبقة اجتماعية (الأميرة آنا وبائع الثلج) والصفات الجميلة ليست مسلّمة في شخصيات الأمراء (حين قالت آنا عن هانز إنه أمير ولا يمكن أن يفعل أشياء خاطئة).
"Moana" حب التعلّم والإيمان بالنفس
2016- مكان القصة: جزر بولونيزية الفرنسية جنوب المحيط الهادئ
تبدو موانا قوية محبّة للتعلّم، لا تستلم للمحاولات الفاشلة، وتبتكر طرقاً للنجاة وتحقيق الغاية، وعبر حوارات مع "ماوي" إله البحر والرّيح، الذي يرافقها في هذه المهمة، تظهر ملامح هذه الشخصية، خصوصاً حين يستهين بقدراتها لأنها فتاة.
وهذه هي القصة الوحيدة بين السابقة، التي لا أمير فيها، ولا سيرة للحب أو التوق للحب، ولا قُبَل تُمنح أو ضعف، هي امرأة تسعى لتحقيق هدف بذاته ولا تفكر سوى بإنقاذ شعبها.