يتكرر مصطلح "الطاغوت" أو "النظام الطاغوتي" في أدبيات الجماعات الجهادية وخطاباتها.
في كتابه المثير للجدل "ملة إبراهيم"، بدأ أبو محمد المقدسي، وهو أحد أبرز منظري التيار الجهادي، كلامه بالقول "إلى الطواغيت في كل زمان ومكان، إلى سدنتهم وعلمائهم المضلين، نقول لهؤلاء إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله".
حكام المسلمين كفّار
من وجهة نظر الجماعات الجهادية، جميع حكام المسلمين كفّار.
وبالمثل، كل من رضي بحكمهم، سواء كانوا جنودا أو شرطة أو موظفين أو مواطنين.
"كفرنا بكم وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده"، يقول المقدسي.
ويعلن السلفي الأردني البراءة من كل "القوانين والمناهج والدساتير والمحاكم والحكومات الوضعية".
ويستمد المتشددون الإسلاميون كلمة "الطاغوت" من عدد من الآيات القرآنية، من قبيل "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" (النحل، الآية 36)، و"يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به" (النساء، الآية 60).
ويفسر المقدسي الطاغوت بأنه الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، ومن ثم فهو كافر.
وينسحب الأمر على عدد من مؤسسات الدولة الكبرى، وعلى رأسها الجيش.
"الأصل في جيوش الطواغيت وأنصارهم الكفر. لا غبار عليه، لنصرتهم الشرك بتولي القانون والتشريع الكفري الطاغوتي"، يصر الداعية السلفي المتشدد.
تحريف وهابي
يقول أحمد عبد العزيز، وهو باحث متخصص في الجماعات الإسلامية، إن "مصطلح "الطاغوت" تكرر ذكره في القرآن 7 أو 8 مرات.
ويوضح أن تنزيله على الواقع بالشكل الشبيه بما تعمله الحركات الجهادية اليوم بدأ بشكل أساسي مع الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر.
وكفرت الحركة الوهابية حينها الدولة العثمانية، وقاتل جنودها القرى القريبة والزعماء المحليين في الجزيرة العربية على أساس أنهم كفار.
وأولت هذه الحركة عناية خاصة لمن أسمتهم بـ"طاغوت الحكم" و"طاغوت القبور".
وخصص محمد بن عبد الوهاب (1703-1792م) صفحات مطولة لمفهوم "الطاغوت" في كتابه" التوحيد"، يقول أحمد عبد العزيز.
ويضيف في تصريح لموقع (ارفع صوتك): "شارحو كتاب التوحيد زادوا الطين بلة، وأنزلوا هذا المصطلح على الواقع الإسلامي بشكل مخيف وفظيع. فأطلقوا الكفر البواح بالحكام الطواغيت بحجة أنهم بدّلوا الشريعة وأتوا بالقوانين”.
عبد الرحمن آل الشيخ، حفيد محمد بن عبد الوهاب وأحد شراح كتاب "التوحيد" ينص صراحة أن تحكيم هذه القوانين يعد طاعة للطاغوت، وأن من يفعل ذلك يعد من الطواغيت.
تيار الحازميين
تتفاوت الجماعات الجهادية في استخدام مفهوم الكفر بالطاغوت.
بعضها كفّر الحكام فقط، وبعضها كفّر الحكام والحكومات، فيما كفّر آخرون الحكام والشعوب معا.
وتمثل جماعة "التكفير والهجرة"، بقيادة شكري مصطفى، من أوائل الجماعات الجهادية التي استغلت هذا المصطلح في تكفير الحكام، وعلماء الدين الذين لم يكفّروهم.
واختطفت الجماعة العالم الأزهري ووزير الأوقاف محمد حسين الذهبي وقتلته سنة 1977.
ويوضح أحمد عبد العزيز أن التيار الحازمي في تنظيم داعش اعتمد على هذا المصطلح بقوة في التكفير.
ويتابع "يكفي أن نعرف أن أحمد الحازمي مؤسس التيار داخل داعش هو أساسا واحد من شارحي كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب".
حرب كونية للإطاحة بالطاغوت
أبو بكر ناجي، وهو شخصية متطرفة غامضة (لا أحد يعرف هويتها الحقيقية)، أورد في كتابه "إدارة التوحش"، وهو أحد مراجع الحركات الجهادية، مصطلح “الطاغوت/النظام الطاغوتي” عشرات المرات.
وشرح ناجي مشروع السلفية الجهادية لإدارة الأزمة عقب تفكيك "دولة الطاغوت" وإزالة السلطات الحاكمة.
ودعا إلى جر الشعوب الإسلامية وإرغامها على خوض حرب كونية شاملة لإسقاط "نظام الطاغوت بشتى الوسائل من أجل إقامة الشريعة الإسلامية"، على حد قوله.
ويقول "لئن اقتتلت البادية والحاضرة فلم يبق منهما أحد أفضل من أن ينصب طاغوت يحكم بخلاف شريعة الإسلام".