بابا الإسكندرية تواضروس الثاني خلاف حفل افتتاح كنيسة "ميلاد المسيح"
بابا الإسكندرية تواضروس الثاني خلاف حفل افتتاح كنيسة "ميلاد المسيح"

"سعيد لرؤية أصدقائنا في مصر يفتتحون أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط". هكذا علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على افتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كنيسة ومسجدا في العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، عشية احتفال الأقباط الأرثوذكس بأعياد الميلاد.

وأضاف ترامب: "الرئيس السيسي ينقل بلاده إلى مستقبل أكثر شمولية ويتسع للجميع!".

يأتي هذا في ظل توجهات كبيرة لافتتاح كنائس ضخمة في عدد من الدول العربية أملا في ترسيخ قيم التعايش وحرية العقيدة والانفتاح على الأديان.

ووصفت الحكومة المصرية كاتدرائية "ميلاد المسيح" بأنها أكبر كنيسة في الشرق الأوسط.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني خلال حفل الافتتاح

​لكن إقدام حكومات عدد من دول المنطقة على بناء الكنائس ورعايتها لا يصاحبه تحول ملموس في الموقف الفقهي الإسلامي الجامد من بناء الكنائس.

وتقسم الأدبيات الفقهية البلدان التي يقطن فيها المسيحيون أو اليهود إلى ثلاثة أقسام، على أساسها يتم تحديد الموقف من بناء الكنائس.

فهناك البلدان التي بناها المسلمون ووضعوا حجرها الأساس. فهذه لا يجوز -حسب الموقف الفقهي السائد- بناء أية كنيسة فيها، بل يجب هدم كل ما بني لاحقا.​​

وهناك البلدان التي كانت موجودة قبل الإسلام ودخلها المسلمون بالقوة. فهذه لا يجوز قطعا أن تبنى فيها كنائس جديدة. ووقع الخلاف حول القديمة، هل يجري إبقاؤها أو يتم هدمها.

​أما الصنف الثالث، فهي البلدان التي دخلت تحت حكم المسلمين صلحا، أي بدون حرب. وهنا يخضع الأمر لما تضمنته وثيقة الصلح.

آمال ضعيفة

رغم الآمال المعقودة بأن يساهم بناء الكنائس في ترسيخ قيم التعايش ودفع المسلمين إلى التطبيع مع أتباع أديان أخرى، وإحداث تغير ولو طفيف في الخطاب الفقهي، إلا أن خبراء يقللون من هذه الآمال.

يقول سعد سلوم، الخبير العراقي في شؤون التنوع الديني والأقليات: "ليس هناك أي فائدة لافتتاح كنيسة جديدة، بينما المسيحيون يهاجرون".

ويشير سلوم، الحائز هذا العام على جائزة ستيفانوس الدولية التي تمنح كل عامين لأفراد قدموا مساهمات بارزة في مجال حقوق الإنسان، إلى وجود سياسات تمييزية ضد الأقليات، وغياب المساواة، وتعدد الفتاوى التي تحرم تهنئة المسيحيين حتى بعيد الميلاد.

ويشدد الباحث العراقي "المطلوب هو تفعيل المرجعيات القانونية الضامنة للمواطنة وحرية المعتقد، لإثبات أن هناك انفتاحا حقيقيا في المنطقة يحفظ التنوع".

وأشار سلوم إلى رسالة عمان لعام 2004، وإعلان مراكش لضمان حقوق الأقليات الدينية (2016)، وبيان الأزهر بشأن المواطنة (2017)، وإعلان بغداد لمواجهة خطاب الكراهية في العراق والشرق الأوسط لعام (2016).

‎‎من جانبه، يعتقد الدكتور سامح إسماعيل، وهو باحث مصري ومدير الأبحاث في مركز دال (منظمة مدنية محلية)، أن "بناء كنائس ضخمة لا يقدم حلولا للتطرف".

ويقول سامح: "تجديد الخطاب الديني يبدأ بالمعنى لا بالمبنى. خط الدفاع الأمامي والحقيقي أمام قوى التطرّف هو الفكر الحر والبناء واعلاء قيم المواطنة والمساواة وإدارة التنوع".

وفي مصر، حيث افتتحت الكنيسة الجديدة، يشكل الأقباط نحو 10 في المئة من سكان مصر، لكنهم ظلوا يشكون لفترة طويلة من التمييز.

ولقيت خطوة الحكومة المصرية ترحيبا كبيرا وإشادة من قبل بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس وبابا الإسكندرية تواضروس الثاني.

وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب إن هذه الكاتدرائية الجديدة "ستقف شامخة إلى جوار مسجد الفتاح العليم، في صمود يتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن وبعث الفتن الطائفية".

البابا في الإمارات

وفي سياق الانفتاح الديني، من المتوقع أن يزور البابا فرانسيس الإمارات العربية المتحدة في شباط/فبراير القادم.​

وفي حال تم ذلك، سيكون البابا فرانسيس أول بابا يزور شبة الجزيرة العربية.

وسيقيم الحبر الأعظم "قداسا بابويا" داخل أحد ملاعب مدينة زايد الرياضية.

وافتتحت الإمارات، التي يقيم فيها نحو مليون مسيحي، العام الماضي، مبنى جديدا لكاتدرائية النبي إلياس في إمارة أبو ظبي.

وبالمناسبة، قال بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر إن "افتتاح هذه الكاتدرائية هو مثال آخر على تصدر دولة الإمارات المرتبة الأولى بين دول العالم، في مجال التعايش السلمي والتسامح واحترام مختلف المعتقدات والأديان".

وتعتبر المسيحية الديانة الثانية في الإمارات بعد الإسلام. ويشكل المسيحيون نحو 13 في المئة من مجمل سكان الدولة (مواطنين ومقيمين).

كنيسة في السعودية!

وتوجد كنائس محدودة للمسيحيين في البحرين والكويت وقطر والإمارات والعراق وسوريا واليمن والمغرب ولبنان والأردن، لكن لا توجد أي كنسية أو دور عبادة لغير المسلمين في السعودية، أرض الحرمين.

وهناك حظر رسمي على بناء الكنائس ودور العبادة استنادا إلى أحاديث نبوية وآراء وفتاوى رجال دين.​

​​ومطلع الشهر الماضي، عبر البابا تواضروس الثاني عن أمنيته في إقامة كنيسة في السعودية، متسائلا: "لما لا نقيم كنيسة في السعودية ما الذي يمنع إقامتها؟".

وكان تواضروس الثاني يتحدث خلال برنامج تلفزيوني على فضائية TEN المصرية.​

​وسبق ذلك زيارة الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة إلى الرياض، وإقامة أول قداس هناك في ظل تحولات سياسية ودينية لافتة يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تلاحقه أيضا اتهامات بالقمع وتصفية معارضيه.

وكانت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية نقلت عن مستشار في الديوان الملكي لم تسمه قوله إن "مدينة نيوم أقصى شمال غربي السعودية هي أحد الأماكن المحتملة لافتتاح كنيسة".

اليمن والعراق

وشهد العراق قبل أيام سجالا حول ما قيل عن عرض كنائس ودور عبادة مسيحية للاستثمار بتحويلها إلى محال تجارية، لكن بطريركية بابل للكلدان (الكاثوليكية) نفت عبر موقعها الرسمي صحة تلك المعلومات.

ويوجد في مختلف مدن العراق واقليم كردستان نحو 312 كنيسة تابعة لمختلف الطوائف المسيحية، حسب كتاب "حرية المعتقد للأقليات الدينية" للخبير في شؤون التنوع الديني والأقليات في العراق سعد سلوم.

في اليمن، تخلو العاصمة صنعاء من أية كنيسة، لذلك يمارس المسيحيون طقوسهم الدينية في منازل خاصة، لكن توجد أربعة دور عبادة مسيحية مغلقة في مدينة عدن جنوبي البلاد.

معارضة شديدة

ويواجه بناء الكنائس، خاصة في شبه الجزيرة العربية، معارضة دينية شديدة.

يقول علوي السقاف، وهو المشرف العام على مؤسسة الدرر السنية أحد المواقع الإسلامية المعروفة على شبكة الإنترنت، إن "الإسلام يحرم بناء الكنائس والمعابد في الجزيرة العربية".

ويستشهد السقاف بآراء الفقهاء المسلمين عبر التاريخ، وبمواقف "الخلفاء الراشدين" كتهجير الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ليهود خيبر ونجران وفدك، فضلا عن أحاديث منسوبة للنبي محمد (ص)، أبرزها "اخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، و"لا يجتمع في جزيرة العرب دينان".

عبد الله الراعي، وهو رجل دين يمني بارز ينتمي لجماعة الحوثيين الشيعية، يعارض بشدة بناء دور عبادة لغير المسلمين في الجزيرة العربية.

"هذه مسألة دينية غير قابل تجاوزها"، يقول الراعي. ويضيف "ليس هناك عذر أو حاجة لهذه الكنائس".

ويحذر، في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، حكومة بلاده ودول الجزيرة العربية من الإقدام على خطوات من هذا النوع، لأنه تمهد "لانسلاخ الشباب الركيك في العقيدة عن دينه".

وتتباين ردود المواطنين العرب حول مدى تقبلهم لفكرة بناء كنائس في بلدانهم بين القبول والرفض وعدم الاهتمام.

يقول سالم بن السمح، وهو مواطن إماراتي، ردا على تغريدة لمحمد بن زايد، يرحب فيها بزيارة بابا الفاتيكان المنتظرة "هذه هي الإمارات بلد التسامح والرقي والتعامل الإنساني.. كثيرون لم يدركوا بعد أهمية هذا التسامح".​

ويؤكد آخر، يدعى دلال القحطاني، أن بلاده "أرض المحبة والتسامح والاعتدال والانسانية والتعايش مع جميع الأديان".

لكن اليمني السلفي، أحمد سعيد، الذي ينتمي للطائفة السنية، يقول لموقع (ارفع صوتك) "هذا لا يجوز، لأنه واحد من مظاهر المولاة المحرمة شرعا".

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Polish soldiers take part in trial drills prior to annual artillery show ‘Autumn Fire 23’ at a military range in Bemowo Piskie near Orzysz
من مناورات عسكرية للجيش البولندي- تعبيرية

في مثل هذا اليوم من كل عالم يحتفل العالم  بيوم السلام العالمي الذي تُوجّه في الدعوة لإحياء السلام وترسيخ ثقافة اللاعنف والتوقف عن القتال في جميع الجبهات المشتعلة ولو لفترة مؤقتة.

للأسف فإن العالم اليوم أبعد ما يكون عن الأحلام الوردية التي تروّج لها هذه الذكرى، فما أكثر الحروب والنزاعات العسكرية التي يشهدها العالم هذه الأيام.

حرب أوكرانيا

منذ 2014 اشتعل غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوكرانيا بعد تنصيب حكومة موالية للغرب فأمر بضمِّ شبه جزيرة القرم إلى بلاده ودعّم الحركات الانفصالية في منطقة دونباس. خفتت هذه الأزمة جزئياً بعد توقيع اتفاقية سلام "ميسنك" بين البلدين والتي أذعنَ فيها الأوكرانيون كثيراً للشروط الروسية.

في 2019 وصل فولوديمير زيلينسكي إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا ووعد بإحلال السلام في المنطقة لكنه أثار غضب بوتين بسبب سعيه الحثيث نحو التعاون العسكري مع أوروبا علاوة على رغبته في الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما اعتبره بوتين خطاً أحمر لن يسمح للغرب بتجاوزه فأمر بشنِّ حربٍ على أوكرانيا في نهاية العام الماضي.

رغم أن الجيش الأوكراني أثبت كفاءة أكبر من التي توقّعها بوتين في التصدّي للغزو فإن روسيا حتى الآن نجحت في احتلال مساحات شاسعة من الأراضي شرق أوكرانيا ودمّرت قاعدة ضخمة من البنى التحتية الأوكرانية الأمر الذي أدّى لانقطاع الكهرباء والماء عن أماكن كثيرة في البلاد.

في غياب الأرقام الرسمية يصعب تحديد الخسائر بشكل دقيق لكن وفقاً لأغلب الإحصائيات فإن هذا الصراع أدى إلى هجرة 8 ملايين أوكراني إلى أوروبا ونزوح 6 ملايين آخرين داخلياً فضلاً عن مقتل آلاف الأشخاص.

اليمن

على الرغم من توقيع اتفاق هدنة بين الأطراف المتصارعة في أكتوبر من العام الماضي فإن مسبّبات الحرب الرئيسية لا تزال تسيطر على الساحة اليمنية وتُنذر بالتفجير في أي وقت.

فمنذ تمرد الحوثيين على رئيس البلاد عبدربه منصور في منتصف 2014 ونجاحهم في الاستيلاء على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي شمال غرب اليمن ردّت السعودية بإطلاق العملية العسكرية "عاصفة الحزم"، والتي لم تنجح في حسم الصراع اليمني بل ساهمت في تعقيده وامتدَّ الصراع إلى الأراضي السعودية ذاتها عقب قصف منشآت "أرامكو" النفطية. أملاً في حلحلة الأزمة اضطر الرئيس منصور إلى الاستقالة والتنازل عن صلاحياته لمجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي.

ورغم جمود الوضع الحالي واستمرار معاناة اليمنيين من "الألغام" السياسية في بلادهم فإن السعودية سارت شوطاً بعيداً في سعيها لإنهاء حالة الحرب الدائرة منذ 8 سنوات تقريباً حتى أقامت في الفترة القريبة الماضية مفاوضات مباشرة بينها وبين الحوثيين لحلِّ جميع النقاط الخلافية بين الطرفين وصفتها بـ"الإيجابية والبنّاءة" ما يبشر بقُرب انتهاء تلك الحرب.

أرمينيا وأذربيجان

تعيش أذربيجان وأرمينيا صراعاً منذ 3 عقود بسبب رغبة كل منهما السيطرة على اقليم "ناغورني كراباخ"، واندلع آخر قتال بين البلدين في 2020 ودام قرابة 6 أسابيع.

تعود جذور هذا الصراع إلى عشرات السنوات الماضية بسبب التنافس القديم على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والأذريين المسلمين منذ أن كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي وعقب سقوطه اشتعلت أعمال عنف وحشية بين الطرفين.

السودان

منذ أبريل الماضي اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) متسببين في مقتل 7500 فردٍ ونزوح 7.1 مليون فرد من بينهم 3.3 مليون طفل بحسب تقديرات أممية.

هجومٌ فشلت في إنهائه جميع الوساطات الدولية التي تدخّلت لحل الأزمة وظلَّ مستمراً حتى أيامٍ قريبة مسفراً عن احتراق واحدٍ من أكبر أبراج العاصمة الخرطوم وأكثرها شهرة.

وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات عن التصعيد العسكري أعلنت السُلطات الصحية خروج جميع المستشفيات الرئيسية في الخرطوم ودارفور عن الخدمة.

ووفقاً للإحصائيات فإن 72% من سكان الخرطوم نزحوا عنها بسبب استمرار الأعمال العسكرية داخلها.

أوضاعٌ مأساوية تغيب الإرادة الدولية عن حلّها إذ لم يتم تمويل إلا 26.4% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية المطلوبة لمساعدة ضحايا الحرب.

وفي كلمةٍ لها هذا الشهر حذّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو من أن 6 ملايين سوداني باتوا "على بُعد خطوة واحدة من المجاعة" وأن استمرار هذه الحرب يهدد بـ"إغراق المنطقة في صراعٍ أوسع نطاقاً".

جمهورية أفريقيا الوسطى

تعاني هذه الدولة الأفريقية من حروبٍ أهلية ضارية وانقلاباتٍ عسكرية متتالية مزّقتها لعقودٍ منذ استقلالها عن فرنسا قي 1960، تسببت في حرمان أغلب سكانها من جميع الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والرعاية الصحية حتى وُصفت بأنها أحد "أكثر دول العالم اضطراباً".

ومنذ شهرين أجرى فوستين أرشانج تواديرا رئيس البلاد تعديلاً دستورياً لإطالة مُدة فترته الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات وإلغاء عدد الولايات الأقصى، تعديلات دستورية لم يتورّع أنصار الرئيس الحالي عن استخدام أقصى درجات الترهيب لضمان نسبة موافقة كاسحة عليها.

في 2013 فقد تواديرا منصبه كرئيسٍ للوزراء بسبب انقلابٍ عسكري انتهى خلالٍ عامٍ بتدخل عسكري مباشر من فرنسا لتولّى الحُكم في بلدٍ يموج بالاقتتال الأهلي والعرقي.

ومنذ 2018 نشرت شركة "فاجنر" الروسية ألفي مقاتل تابعين لها بدعوى المساهمة في تهدئة الاقتتال الأهلي وفي المقابل سيطرت على بعض مناجم الذهب ومناطق مليئة بالأخشاب النادرة. بل وإن آخر صور التُقطت ليفغيني بريغوجين كانت خلال زيارة له إلى أفريفيا الوسطى لتفقد أعمال شركته بها ومنها رحل إلى موسكو حيث استقلَّ طائرة كان مفترضاً أن تتجه به إلى بطرسبورج لكنها تحطّمت في منتصف الطريق وأودت بحياته.

هذا البقاء الطويل في السُلطة لم يجلب الاستقرار إلى أفريقيا الوسطى ولم تتوقف فيها أوضاع العنف، هذا العام استهدفت الأمم المتحدة مساعدة 2.4 مليون متضرر لكنها لم تتحصّل إلا على 36% فقط من تمويل نفقاتها.

ميانمار

في فبراير 2021 شهدت ميانمار انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكومة المدنية وكان بداية لسلسلة من أعمال العنف والاقتتال الأهلي لم تنقطع حتى اليوم قُتل فيها قرابة 4 آلاف فرد وسُجن 20 الفاً بسبب معارضتهم للسُلطة العسكرية الحاكمة.

في بداية هذا الشهر ألقى نيكولاس كومجيان رئيس فريق التحقيق الأممي في انتهاكات حقوق الإنسان كلمةً أكد فيها أن جيش البلاد ارتكب فظائع ضد المدنيين في البلاد شملت القصف العشوائي للمظاهرات وحرق المنازل وإعدام المعارضين.

شكّل معارضو هذا الانقلاب حكومة موازية عُرفت بِاسم حكومة الوحدة الوطنية المدنية، التي لم تكتفِ بالاحتجاجات السلمية وإنما شكّلت قوات عسكرية أعلنت "الحرب الدفاعية الشعبية" ضد المجلس العسكري للبلاد، ومنذ عام أعلن القائم بأعمال الحكومة أن القوات التابعة له سيطرت على نصف مساحة ميانمار.

أعادت هذه الممارسات التذكير بالتكتيكات الوحشية التي اّبعها جيش البلاد تجاه الأقلية المسلمة من الروهينجا والتي يُعتقد أنها تسببت في مقتل 10 آلاف فرد وإحراق 300 قرية وإجبار 70 ألف نازحٍ على الفرار إلى بنجلاديش.

الصومال

رغم الإطاحة بحركة الشباب الإسلامية من الحُكم منذ 15 عاماً تقريباً إلا أنها لم تتوقف قطُّ عن تنفيذ هجمات إرهابية بحق جنود الجيش الصومالي كما نجحت في فرض سيطرتها على مساحات شاسعة من الريف.

وتتلقّى الحكومة المحلية دعماً أمريكياً كبيراً في هذه الحرب المستعرة منذ سنوات آخرها إدراج وزارة الخارجية الأمريكية 5 من قيادات الحركة على لوائح الإرهاب الدولية.

شهد هذا العام موجات من الكر والفر في الصراع الأهلي الدائر بين الجيش الحكومي والميليشيات الإسلامية المتطرفة؛ في مايو هاجم مسلحو الحركة قاعدة يسيطر عليها جنود أوغنديون تابعون لقوة الاتحاد الأفريقي متسببين في مقتل 54 جندياً على الأقل، بعدها بشهر تبنّت الحركة هجوماً على فندقٍ في قلب العاصمة انتهى بمقتل 3 من رجال الأمن و6 مدنيين، وفي 20 أغسطس الماضي ردَّ الجيش الصومالي على هذه الهجمات عبر تنفيذ عمليتين عسكريتين أسفرتا عن مقتل 50 عنصراً من حركة الشباب لتستمرُّ المعركة بين الطرفين دون حسم.

سوريا والعراق

بالإضافة إلى الصراع الفلسلطيني- الإسرائيلي المستمر منذ ما يقرب من 75 عاماً، لا تزال العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات أمنية، وحروباً مستمرة منذ أعوام، كما هي الحال مع سوريا التي تعيش حرباً داخلية منذ العام 2011 بعد اندلاع ثورة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد انحدرت إلى عنف دموي بعد ان حاول الأسد قمعها بالقوة. كما يعيش العراق توترات تتعلق بالحدود في اقليم كردستان، التي تشهد اعمالاً أمنية يرتكبها الجيش التركي في حق مناطق يشغلها حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، وأخرى يرتكبها الحرس الثوري الإيراني الذي يقصف مواقع يقول إنها تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية في الإقليم.