فتيات يمنيات/وكالة الصحافة الفرنسية
فتيات يمنيات

صنعاء - غمدان الدقيمي:

لا تخفي صفاء عبدالقادر، وهي سيدة يمنية في العقد الرابع من العمر، حالة الإحباط التي تنتابها بسبب عملية تشويه العضو التناسلي الأنثوي التي أجريت لها عقب ولادتها وتداعياتها السلبية على علاقتها الزوجية. 

"مجرد التفكير بأنني امرأة مختونة يجعلني مكتئبة، أعاني مشاكل كثيرة مع زوجي، لا نستمتع بعلاقتنا الجنسية"، قالت صفاء عبدالقادر، من محافظة الحديدة (غربي اليمن).

عن أي طهارة وعفة يتحدثون، بينما تعاني الفتاة المختونة القلق والاكتئاب وتداعيات نفسية وصحية مدى الحياة

​​

وأكدت صفاء (34 عاما) أن لديها تجربة مؤلمة مع عمليات تشويه العضو التناسلي الأنثوي، "فكل ما يطرح من تبريرات وسخافات عن ارتباطه بالطهارة والعفة مجرد هراء".

أضافت "عن أي طهارة وعفة يتحدثون، بينما تعاني الفتاة المختونة قلقا واكتئابا وتداعيات نفسية وصحية مدى الحياة".

وتابعت بلهجة حازمة "لا يمكن أبدا أن أسمح بختان بناتي".

أرقام

وتنتشر ظاهرة إزالة جزء من الأعضاء التناسلية للأنثى على نحو لافت في بعض المحافظات اليمنية الساحلية، كحضرموت والحديدة وعدن والمهرة، فيما تمارس بنسبة أقل في محافظات صعدة، ولحج، وذمار، وتعز تماشياً مع العادات والتقاليد السائدة في تلك المناطق، حسبما تقول فهمية الفتيح، وهي مسؤولة الإعلام والاتصال في صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.

وكشف مسح وطني نفذته وزارة الصحة والجهاز المركزي للإحصاء في 2013، شمل 20 ألف أسرة يمنية، أن نحو 19 في المئة من السيدات اليمنيات اللواتي يتراوح أعمارهن بين (1549 سنة) خضعن لعملية تشويه العضو التناسلي الأنثوي.

وحسب المسح الذي موّله عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، فإن 90 في المئة من تلك السيدات أجري لهن "قطع البظر وإزالة جزء من الأعضاء التناسلية الخارجية"، فيما أقرت 7 في المئة منهن بأنه تم "قطع البظر فقط دون إزالة أي جزء من الأعضاء التناسلية الخارجية".

ضحايا

رصدنا حالات اضطر فيها الزوج تطليق زوجته المختونة أو الزواج بأخرى بسبب عدم استجابة زوجته للجنس

​​

تقول فتحية عبدالله، وهي رئيسة اتحاد نساء اليمن (منظمة مجتمع مدني غير حكومية)، إنه من خلال العمل الميداني في بعض المناطق التي تمارس فيها هذه الظاهرة "وجدنا أن الختان يتم بعد أقل من 20 يوما من ولادة الفتاة، في حين يجرى في مناطق أخرى عندما تبلغ الفتاة سن 20 عاما، وبالتحديد قبيل الزواج، وهذا سيئ جدا".

وأشارت إلى أن الاتحاد يعتبر تشويع الأعضاء التناسلية للإناث من "أسوأ أشكال العنف ضد الطفولة والنساء".

وتحدثت فتحية عبدالله عن تعرض كثير من الفتيات لأضرار عضوية ونفسية بسبب هذه العادة التي رجحت انتقالها إلى اليمن من القرن الإفريقي.

"سمعنا قصصا كثيرة لطفلات أجريت لهن عمليات ختان تعرضن لنزيف حاد حتى الموت"، قالت فتحية، قبل أن تضيف "رصدنا حالات اضطر فيها الزوج إلى تطليق زوجته المختونة أو الزواج بأخرى بسبب عدم استجابة زوجته للجنس".

تقاليد

وتمارس عادة تشويه العضو التناسلي الأثنوي تحت مسوغات اجتماعية ثقافية ودينية كثيرة، يأتي في مقدمتها حسب بحوث ودراسات محلية وإقليمية، "الحفاظ على عفة الفتاة وكبح جماحها الجنسي، والطهارة، والعادات والتقاليد، إضافة إلى الاعتقاد بأنها سنة دينية".

وتذكر فهمية الفتيح، وهي مسؤولة الإعلام والاتصال في صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، أن هذه العادة تطال نحو 200 مليون امرأة في حوالي 30 بلدا، على رأسها الصومال والسودان ومصر وجيبوتي واليمن، بالإضافة إلى كردستان العراق، وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 2016.

وتؤكد عدم وجود اختلاف كبير بين اليمن والدول الأخرى في هذا الجانب. "قد يكون هناك اختلافات طفيفة من حيث نمط الختان الممارس".

أمراض مزمنة

وفي محاولة لاحتواء هذه الظاهرة، أصدرت وزارة الصحة اليمنية عام 2001 قرارا بمنع هذه الممارسة في المرافق الصحية، لكن فهمية الفتيح أفادت أن "الظاهرة ما زالت تمارس في المنازل دون مراعاة لأبسط قواعد النظافة وتعقيم المواد المستخدمة".

وتقدر تقارير حقوقية بأن 30 في المئة من النساء يتعرضن للموت بسبب النزيف أو التلوث البكتيري نتيجة لتشويه العضو التناسلي الأنثوي، فضلا عن أمراض مزمنة تؤدي لعدم الاستقرار الأسري والعجز الجنسي والعقم ومخاطر صحية أثناء الولادة.

وبينت نتائج المسح الوطني الذي أجرته وزارة الصحة والجهاز المركزي للإحصاء عام 2013 أن 85 في المئة من عمليات تشويه العضو التناسلي الأنثوي في اليمن قام بإجرائها عامل صحي تقليدي (ختانة تقليدية/قابلة)، و13 في المئة قام بها أشخاص مدربون يعملون في المجال الطبي (طبيب أو ممرضة/قابلة مدربة).

الموقف الديني

ولا يوجد أي نص شرعي في القرآن أو السنة النبوية يمكن الاعتماد عليه في مسألة تشويه العضو التناسلي الأنثوي، وفقا للشيخ جبري إبراهيم، وهو وكيل مساعد في وزارة الأوقاف والإرشاد في صنعاء.

رجل الدين اليمني البارز أكد أن "الأحاديث الواردة في هذا الشأن غير صحيحة".

وقال "هناك خلاف بين العلماء حول هذا الجانب، لكن أنا ضد ختان الإناث، الأفضل تركه ما دام ثبت طبيا ضرره، كل ما ثبت طبيا أنه مضر فلا يجوز فعله".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الطفل اليمني فارس يشاهد التلفاز/إرفع صوتك
الطفل اليمني فارس يشاهد التلفاز/إرفع صوتك

صنعاء - غمدان الدقيمي:

يقضي الطفل اليمني فارس (عامين ونصف)، جل وقته أمام شاشة التلفزيون في متابعة إحدى قنوات الأطفال، رافضاً الاندماج واللعب مع أشقائه على نحو مثير للقلق، كما تقول والدته ثريا ناصر، التي باتت تساورها الشكوك في أن يكون مصاباً بـ“مرض التوحد”.

“لا يتكلم، فقط يتمتم بكلمات لا أفهمها. صديقاتي وأقاربي يقولون إنه مصاب بمرض التوحد”، أضافت السيدة الثلاثينية، وهي أم لأربعة أطفال، تقطن مع زوجها في العاصمة اليمنية صنعاء.

وتجهل الأم أي فكرة عن مرض التوحد، وتؤكد لموقع (ارفع صوتك) أنها لم تقم بمراجعة أي طبيب مختص بشأن حالة ابنها رغم ظروف عائلتها المادية الجيدة.

وذكرت ثريا أنها سمعت مؤخراً عن أسر يمنية عديدة لديها أطفال مصابون بالتوحد، لكنها تعتقد أن حالة ابنها ستتحسن مع الوقت.

اقرأ أيضاً:

مئات الأسر تغادر صنعاء... ’لم تعد آمنة‘

جهود

ويعرّف علماء النفس “التوحد” بأنه عبارة عن مجموعة من الاضطرابات السلوكية والنفسية المعقدة، التي يمكن ملاحظتها على الطفل منذ سن مبكرة. ويؤدي التوحد إلى مشاكل في الحديث والمهارات الأساسية كالمهارات الاجتماعية والتواصل مع الناس.

ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المصابين بالتوحد في اليمن، لكن جمعيات مدنية تذهب إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون يمني يعانون نوعا من اضطرابات تندرج ضمن التوحد.

اقرأ أيضاً:

اليمن.. 50 إلى 100 شخص ينضمون يوميا إلى فئة المعوقين

تقول أحلام الرياشي، وهي المديرة التنفيذية لمركز اليمن للتوحد (منظمة مجتمع مدني)، لموقع (ارفع صوتك)، إن 45 طفلا وشابا يمنيا مصابين بالتوحد بأنواعه المختلفة يحصلون حالياً على خدمات وبرامج تأهيل وتدريب وإرشاد عبر المركز، مقارنة بأكثر من 200 حالة قبل الحرب الأخيرة، التي تسببت في شح الدعم وقلة الإمكانيات المادية والفنية والبشرية للمركز.

وبحسب القائمين على المركز، فيتم تقديم برامج تشخيص للأطفال لمعرفة نسبة الاضطراب لديهم، وعلى ضوء ذلك يحصل كل طفل على التدريب والتأهيل أو البرامج النفسية والتربوية والإدراكية والسلوكية واللغوية المناسبة.

فئة مهمشة

وقالت سهام السدمي، وهي رئيسة قسم البرامج في مركز اليمن للتوحد، إن “مرضى اضطراب التوحد في اليمن فئة مهمشة، ولا يحظون بأي رعاية أو اهتمام سواء حكومي أو عبر المؤسسات الخاصة والمدنية ووسائل الإعلام”.

وأضافت سهام، لموقع (ارفع صوتك)، “ارتفاع نسبة الجهل والأمية بين أولياء الأمور واليمنيين بشكل عام يفاقم مشاكل الطفل التوحدي. والأسوأ من ذلك تتعمد بعض الأسر إخفاء أطفالها المتوحدين وحرمانهم من التعليم والاندماج مع المجتمع”.

وتشير إلى أن الكثير من الحالات التي وصلت إلى المركز كانت في مراحل متقدمة، حيث يحضر الآباء أطفالهم في سن الثامنة أو العاشرة أو الثانية عشر من العمر.

وتؤكد أنه “كلما كان التدخل مبكرا، أي عندما يكون الطفل أقل من خمس سنوات، تكون الإيجابيات والنتائج مجدية وكبيرة جداً”.

ويقول الدكتور محمد عامر، وهو طبيب مختص بالعلاج النفسي في صنعاء، إن الطفل فارس، ومثله آلاف الأطفال المصابين بمرض “التوحد”، يحتاجون إلى عناية خاصة.

ويقدر أن ما بين 3 إلى 5 من أطفال المدارس في الصفوف الأولية في اليمن مصابون بالتوحد.

وحذر الدكتور عامر من السماح للأطفال المتوحدين اجتماعيا من مشاهدة أي برامج عدوانية على شاشات الأجهزة الإلكترونية.

وأضاف لموقع (إرفع صوتك) “في هذه الحالة نكون زدنا حدة التوحد لدى الطفل، وأوصلناه إلى مرحلة إدمان التكنولوجيا وحولناه إلى شخص عدواني”.

نصائح

وينصح الأطباء النفسانيون الآباء بعدم ترك أطفالهم المصابين بالتوحد بمفردهم، ويشددون على أهمية تضافر جهود الأب والأم للتغلب على مشكلة التوحد لدى طفلهم وتجنب أي خلافات أمامهم، وإلحاقهم بمراكز تأهيل خاصة.

وفوق ذلك يشددون على ضرورة اكتشاف ما إذا كان لدى الطفل موهبة أو قدرات معينة واستثمارها.

يؤكد الدكتور محمد عامر أن “بعض الأطفال المرضى بالتوحد يتحولون إلى عباقرة من خلال امتلاكهم قدرات معينة”.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659