تخوض الهند صراعا مريرا منذ سنوات لتصنيف  مسعود أزهر زعيم جيش محمد إرهابيا دوليا.
تخوض الهند صراعا مريرا منذ سنوات لتصنيف مسعود أزهر زعيم جيش محمد إرهابيا دوليا.

مرة أخرى، يعود الباكستاني محمد مسعود أزهر (49 عاما)، زعيم حركة “جيش محمد” ليشعل خلافا دبلوماسيا داخل أروقة مجلس الأمن الدولي بين الهند والصين.

ومنتصف الشهر الجاري، أجهضت الصين مجددا قرارا أمميا بإدراج أزهر على لائحة الإرهاب.

وتخوض الهند صراعا مريرا منذ سنوات لتصنيف زعيم جيش محمد إرهابيا دوليا.

وعلى الرغم من تصنيف دول عدة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وأستراليا وروسيا وكندا وباكستان والإمارات لحركة "جيش محمد" جماعة إرهابية، تعرقل الصين مرارا طلبا هنديا إلى مجلس الأمن بإضافة زعيم الجماعة الباكستانية المتشددة إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة للجماعات المرتبطة بالقاعدة وداعش.

وبررت الصين استخدام حق الفيتو بالقول إن إدراج مسعود أزهر على قائمة الإرهاب بحاجة إلى "مزيد من التشاور".

وقبل سنوات، بررت رفضها بأن الطلب "لا يستوفي بعض الشروط".

وفي أحد تعليقاتها، قالت الحكومة الهندية بأن معارضة الصين لا تعكس تصميم وجدية المجتمع الدولي لدحر خطر الإهاب بشكل حاسم.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أيضا طالبت مجلس الأمن الدولي في وقت سابق هذا الشهر بإدراج محمد مسعود أزهر في قائمته السوداء، عقب إعلان جماعته المسؤولية عن هجوم انتحاري بسيارة ملغومة أوقع أكثر من 40 قتيلا من أفراد الشرطة العسكرية الهندية في كشمير منتصف شباط/فبراير الماضي.

وهذا الهجوم هو الأكثر دموية ضد القوات الهندية بكشمير منذ نحو 30 عاما.

وتعود آخر عملية كبيرة في كشمير إلى عام 2016، عندما هاجم مسلحو جيش محمد موقعا عسكريا للقوات الهندية وقتلوا 20 جنديا.

وأثارت الأزمة بين الهند وباكستان مؤخرا مخاوف الدول الكبرى من صدام جديد بين البلدين النوويين الجارين.

أخطر الجماعات

وجيش محمد هو أحد أخطر الجماعات المتشددة التي تنشط في كشمير، حيث تتخذ من الإقليم مقرا لها.

وتعتبر هذه الحركة صاحبة تاريخ طويل من عمليات العنف الموجهة ضد الهند ودول أخرى.

ففي كانون الأول/ديسمبر 2001، شنت الحركة هجوما دمويا على البرلمان في نيودلهي كاد يشعل حربا رابعة بين الهند وباكستان.

ومنذ تأسيسها عام 1993 وحتى 2001، أي في أول ثماني سنوات لها، تورطت جماعة جيش محمد في 250 عملا إرهابيا، حسب موقع المركز العربي للبحوث والدراسات.

وتصنف دول كالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والهند وفرنسا “مسعود أزهر” على قوائم الإرهاب.

وتداولت وسائل إعلام دولية خلال الأيام الأخيرة الماضية، معلومات بأن ألمانيا قدمت مقترحا في الاتحاد الأوربي تقضي بحظر الاتحاد لمسعود أزهر "باعتباره إرهابيا عالميا".

تحريض وتجنيد

وإلى جانب الضربات الدامية التي شنها جيش محمد ضد الهند، تتهم الأخيرة مسعود أزهر، المرتبط بتنظيم القاعدة وطالبان، بالسعي لفصل إقليم كشمير عن الهند وضمه لباكستان وتأسيس إمارة خاصة هناك تهدد الأمن القومي الهندي.

ويقدر عدد مسلحي وأعضاء جيش محمد ببضعة آلاف، معظمهم من الكشميريين والباكستانيين وبعض الأفغان والعرب ممن شاركوا في الحرب الأفغانية السوفياتية.

وكان مسعود أزهر أحد "المجاهدين" ضد السوفيات في الحرب بأفغانستان، وعمل مترجما لزملائه العرب هناك.

وامتد إرهاب أزهر إلى مناطق أخرى غير الهند مثل كينيا والصومال وبريطانيا، تحريضا وتجنيدا وتدريسا للأفكار الجهادية.

مصالح اقتصادية

يعزو هاني نسيرة، وهو مفكر مصري وباحث متخصص في الفلسفة الإسلامية والفكر العربي، موقف الصين واعتراضها المتكرر على إدراج أزهر على قائمة الإرهاب العالمية، إلى تغليب مصالحها الاقتصادية.

"دائما الصين تكون مواقفها السياسية موائمة لمصالحها الاقتصادية"، يقول.

ويضيف لموقع (ارفع صوتك): "من المعروف أن الصين تتمتع بعلاقات اقتصادية استراتيجية مع باكستان. لذلك موقفها ليس غريبا".

ويعد مشروع "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني"، الذي تناهز قيمته 50 مليار دولار، أهم المشاريع الاستثمارية الاستراتيجية بين البلدين. وتعد الصين مستثمرا رئيسا في باكستان.

ويشير نسيرة أيضا إلى نزاع الصين التاريخي مع الهند حول الشريط الحدودي، خاصة الأراضي التي استولت عليها الصين في إقليم أكساي تشين، في الحرب بين البلدين عام 1962.

ويتابع "الفرد نفسه (أزهر) يمثل قضية كرامة لباكستان".

“هناك خلاف دولي واضح حول ما هو الإرهاب، وماهي الجماعات التي يجب مواجهتها خاصة ذات الطابع الوطني”، يؤكد الباحث المصري.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!