عدد الألغام في العالم يتجاوز 110 ملايين. 40 في المئة منها في دول عربية.
عدد الألغام في العالم يتجاوز 110 ملايين. 40 في المئة منها في دول عربية.

تقتل الألغام الأرضية شخصين كل ساعة. 70 شخصا يتضررون أو يقتلون بسبب الألغام كل يوم. 800 يموتون كل شهر.

تقدر إحصاءات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال إزالة الألغام أن عدد الألغام المزروعة بمختلف دول العالم يتجاوز 110 ملايين، 40 في المئة منها في دول عربية.

13 دولة عربية فقط صادقت على "اتفاقية الأمم المتحدة لحظر استعمال أو تخزين أو إنتاج أو نقل الألغام التي تستهدف الأشخاص في كافة أنحاء العالم" التي تعرف بمعاهدة أوتاوا سنة 1997.

تعود الألغام المزروعة في الدول العربية إلى الحروب والنزاعات الداخلية أو الإقليمية. بعضها يرجع إلى مخلفات الحقبة الاستعمارية، خاصة في شمال أفريقيا.

التنظيمات الإرهابية كان لها أيضها دور في انتشار رقعة الألغام خصوصا في سورية والعراق، حيث نشط تنظيم داعش.

لغم لكل مواطن

تأتي مصر في مقدمة الدول التي تحتوي كميات هائلة من الألغام غير المدمرة بواقع 23 مليون لغم وجسم قابل للانفجار. في الواقع، لغم واحد من خمسة في العالم يوجد في مصر.

يعود السبب في ذلك إلى مخلفات الحروب بين مصر وإسرائيل، وقبلها الحرب العالمية الثانية التي كانت صحراء العلمين مسرحا لأحد فصولها بين قوات الحلفاء والقوات الألمانية.

ويأتي العراق ثانيا بحوالي 10 ملايين لغم. تعود أغلبها إلى الحرب الإيرانية العراقية التي امتدت لعشر سنوات.

وتسبب داعش أيضا بزرع آلاف الألغام في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته بالعراق، خاصة في محيط المدن في محاولة منه لصد تقدم القوات العراقية.

في 18 شباط/فبراير الماضي، قال بير لودهامر، وهو خبير نزع الألغام تابع للأمم المتحدة، إن مدينة الموصل تحتاج 10 سنوات لتطهيرها من الألغام والقنابل.

وقبل خروجه من سورية قام تنظيم داعش بتلغيم أجزاء واسعة من المناطق التي كان يسيطر عليها، خصوصا في مدينة الرقة. لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد الألغام المزروعة في الأراضي السورية، إلا أن منظمات دولية دقت ناقوس الخطر حول تزايد عدد ضحايا هذه الوسيلة الفتاكة.

في الأراضي الفلسطينية، يقدر عدد الألغام بحوالي مليون ونصف مليون لغم في الضفة الغربية وحدها.

وبدوره، يعاني لبنان من انتشار الألغام في مساحات واسعة. يقول الجيش اللبناني إن المشكلة برزت بعد انتهاء الحرب الأهلية سنة 1990. وأظهرت عمليات المسح الأولية وجود مساحات واسعة مليئة في كافة المناطق اللبنانية (حوالي 150 مليون متر مربع).

وأعلن الأردن سابقا انتهاءه من تطهير حقول الألغام على أراضيه، وأعلنت إسرائيل عزمها تطهير المناطق الحدودية مع الأردن من الألغام.

وتتهم السعودية المتمردين الحوثيين بزرع أزيد من 50 ألف لغم على الحدود بين البلدين.

اليمن نفسه يعاني من انتشار الألغام في مختلف أراضيه، ما خلف قرابة 9000 ضحية حتى نهاية 2016.

وتسابق الكويت الزمن لتطهير أراضيها من الألغام التي زرعها الجيش العراقي إبان غزوه البلاد عام 1990.

وكشفت وزارة الداخلية الكويتية، في منتصف 2016، أنها أزالت مليونا و650 ألف لغم. بلغت تكلفة تطهير الكيلومتر المربع الواحد منها بين 31 و67 ألف دولار. وتوقعت حينها بقاء 300 ألف لغم مزروع لم تتم إزالته بعد.

ألغام مغاربية

في المغرب، بلغ عدد ضحايا الألغام ما بين 1975 و2012 أكثر من 2536 ضحية، بينهم 831 قتيلا. في 2016، وحدها أودت الألغام بحياة ستة مغاربة.

تعود هذه الألغام إلى "حرب الرمال" مع الجزائر سنة 1963، وإلى الحرب مع جبهة البوليساريو بين سنتي 1975 و1991.

في كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت الجزائر تدمير كل الألغام التي خلفها الاستعمار الفرنسي على حدودها مع المغرب وتونس، والمقدر عددها بتسعة ملايين لغم.

وتقول السلطات إن الألغام الأرضية التي تعود للحقبة الاستعمارية أوقعت حوالي 7500 ضحية.

وبدورها، تضم الأراضي الموريتانية حوالي مليون لغم تنتشر على مسافة 310 آلاف كيلومتر مربع من مساحة البلاد، وتهدد حياة 12 في المئة من السكان.

تسببت الألغام منذ 1975 في مقتل أزيد من 365 شخصا في موريتانيا.

في ليبيا، تشير الأرقام إلى مقتل 2600 شخص بين 2015 و2016 فقط بسبب الألغام الأرضية.

أما في تونس، فتلجأ الجماعات المتطرفة إلى زراعة ألغام بدائية الصنع (وبالتالي غير قابلة للكشف) في مواجهتها مع الجيش في المناطق الجبلية.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!