مثل أمير في فيلم "عدّاء الطائرة الورقية"، ركض حمزة (8 أعوام) بين خيم النازحين في مخيّم الهول شرق سورية، لإخبار أختيه بأن جدّتهما وصلت.
ركضت الجدّة الأسترالية كارين نيتلتون خلف حفيدها، بلهفة فراق خمس سنوات وشهرين، حتى وصلت إحدى الخيام.
صرخت: "هدى!" واندفعت نحوها بالعناق والقُبَل.
كانت الطفلة هدى حريصة على عدم إظهار وجهها، ترتدي نقابا وعباءة سوداء، لكن الجدّة تابعت تقبيلها من وراء النقاب.
أمّا حمزة، فعاد للركض مجددا لإحضار زينب، أخته الكبرى. جميعهم أحفاد كارين من ابنتها تارا التي هاجرت مع زوجها وأبنائها إلى سوريا، للالتحاق بصفوف داعش.
وقبل أن تغادر المخيّم، وعدت الجدّة أحفادها بتخليصهم من الحياة البائسة، عبر التواصل مع السلطات الأسترالية.
لم تنته قصّة كارين وأحفادها، التي أعدّها فريق برنامج "Four Corners" بالتعاون مع مؤسسة "ABC" الإعلامية الأسترالية، ولا تزال تحاول جاهدة تحقيق وعدها.
أمّا البداية فكانت..
تروي كارين قصة ابنتها تارا. "حظيت بطفولة ممتعة، وكان لديها حصان والكثير من الأصدقاء، تذهب للمسبح وتلعب التنس".
وفي الثانوية، تركت تارا منزل والدتها فجأة دون علم مسبق، لكنها عادت للتواصل مع أمّها والتقتها خارج البيت، لتخبرها أنها تزوجت شاباً مسلماً وتحولت إلى الإسلام.
"عرفت ذلك بالطبع قبل أن تخبرني، إذ كانت ترتدي حجاباً وفستاناً طويلاً"، تقول كارين.
وتضيف: "ماذا بوسعي أن أفعل حينها؟ لقد أحبّته".
وخالد شروف أسترالي من أصل لبناني كان مدمناً على المخدرات، وسجن بتهم حيازة المخدرات مرات عدة قبل زواجه بتارا.
عرف بعدها بتطرفه الديني، وسجن مجددا بتهم التخطيط مع جماعة جهادية لعمليات إرهابية داخل أستراليا.
وبعد خروجه من السجن، غادر إلى سوريا مع عائلته المكونة من زوجته، وخمسة أبناء هم: عبد الله، زينب، حمزة،هدى، وزرقاوي
وفق الجدّة ورواية الفتيات، اللواتي ما زلن قاصرات، فإن خالد لم يخبر أطفاله بوجهتهم حتى وجدوا أنفسهم في معقل التنظيم الإرهابي في سوريا.
حاولت الأم وأطفالها الهرب مراراً دون جدوى.
Get ready for an incredible hour of television on #4Corners as we follow the journey of an Australian grandmother to save her family from the horror of life under Islamic State. Here%27s a peek, %27Orphans of ISIS%27 next @4Corners pic.twitter.com/0VYUuNwfXS
— Sally Neighbour (@neighbour_s) April 10, 2019
توفيت تارا بمرض أثناء إقامة العائلة في مدينة الموصل العراقية التي كانت تحت حكم داعش حينها.
تقول زينب إن أمهم ظلت تعدهم بالهرب ومغادرة سوريا حتى آخر أيامها في المستشفى.
ونُشرت أخبار غير مؤكدة عن مقتل الأب خالد خلال غارة جويّة بالإضافة لمقاتل آخر من أصول أسترالية.
وبعد سقوط آخر معاقل التنظيم، الباغوز، يقيم الأطفال معا في مخيم الهول جنوب شرقي محافظة الحسكة السورية.
وإلى جانبهم، يقيم أيضا ابنان لزينب التي زوجها أبوها في عمر 13 عاما لصديقين له قتلا على التوالي.
زينب حامل الآن بابنها الثالث.
واشتهر خالد شروف بصور وفيديوهات أثارت استنكاراً دولياً، ظهر في إحداها مع ابنه حمزة، وكان عمره 6 سنوات، يحمل رأسا مقطوعا.
استراليا تسحب جنسية خالد شروف اللبناني الأصل والذي انضم لداعش واشتهر بلقطة يرفع فيها رؤوس مقطوعة لجنود من جيش بشار. هذه أول مرة تسحب جنسية. pic.twitter.com/rPqsu0ei5h
— عبد العزيز الخميس (@alkhames) February 11, 2017
هل تسمح أستراليا؟
صرّح رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، الشهر الماضي، أنه "لن يعرّض مواطنيه للخطر عن طريق استعادة المتطرفين الأستراليين من الشرق الأوسط".
وقال موريسون إن "الأستراليين الذين أخذوا عائلاتهم لمناطق الحرب من أجل القتال مع داعش عليهم تحمل مسؤولية أفعالهم".
وفي تصريح جديد بداية الشهر الحالي، قال موريسون إن السلطات الأسترالية قد تسمح بعودة الأطفال بالتعاون مع منظمات دولية مثل الصليب الأحمر.
تقول كارين تعقيبا على ذلك: "الحكومة ستساعد بكل الإمكانيات المتاحة لإعادة دمج الأطفال في المجتمع."
وتضيف "الأطفال ليسوا خطراً أو تهديداً لأي أحد. زينب لا تزال صغيرة، عمرها 17 سنة، لها طفلان والآخر على الطريق. هدى وحمزة ليسوا خطراً، وأن يكون اسم عائلتهم شروف لا يعني أنهم وحوش. هل أطفالي خطر على أستراليا؟ قطعاً لا".