دمار داخل كنيسة تعرضت لهجوم في سريلانكا
دمار داخل كنيسة تعرضت لهجوم في سريلانكا

أثارت الهجمات الإرهابية اليوم الأحد التي استهدفت أربع مدن سريلانكية غضب العالم مجددا بعد نحو شهر وستة أيام على عمليات مماثلة وقعت في نيوزيلندا.

وسقط، الأحد أكثر من 290 قتيلا و500 جريح في ثمانية انفجارات على الأقل، استهدفت 3 كنائس في مدن كوتشيكادي ونغومبو وباتيكالوا، وأربعة فنادق في العاصمة السريلانكية كولومبو، أثناء الاحتفال بعيد القيامة.

وعيد القيامة أحد الأعياد الدينية المهمة في المسيحية. ويمثل انتصار المسيح على الموت بالقيامة بعد الصلب.

ضمن لائحة أسوأ الهجمات

أعاد هجوم أمس إلى أذهان السريلانكيين المجزرة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من 600 شرطي سنة 1990، على أيدي مقاتلي نمور تحرير إيلام تاميل.

ودخل هجوم أمس قائمة أسوأ الهجمات الإرهابية منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، التي راح ضحيتها قرابة 3000 قتيل.

وراح قرابة 600 شخص، في تشرين الأول/أكتوبر 2017، ضحية تفجير انتحاري بشاحنة في العاصمة الصومالية مقديشو.

قبلها بعام، تسببت سلسلة تفجيرات متزامنة في منطقة الكرادة في العاصمة العراقية بغداد في مقتل 340 شخصا على الأقل.

وكان العراق مسرحا لعدد من أسوأ الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة: مجزرة سبايكر (1700 شخص) سنة 2014، هجمات 2007 ضد أتباع الديانة الأيزيدية في الموصل (500 قتيل على الأقل).

وفي سوريا، قُتل العام الماضي أكثر 250 من الدروز في هجوم انتحاري نفذه أحده عناصر داعش في مدينة السويداء، معقل الدروز، جنوب غرب سوريا.

وفي مصر، قَتَل 40 مسلحا من تنظيم داعش أكثر من 300 مصل في مسجد الروضة شمال سيناء. وهو الهجوم الإرهابي الأسوأ في تاريخ مصر.

ووقعت هجمات دامية أيضا في كل من مدريد (2004)، باريس (2015)، أنقرة (2015)، ومومباي (2006 و2008).

الصدمة تهز العالم

ندد مسؤولون دوليون بهجوم سريلانكا الدامي الذي استهدف مدنيين. ودعت دول إلى توحيد الجهود ضد الكراهية.

وطالب الرئيس السريلانكي مايثريبالا سيريسينا مواطنيه بالتزام الهدوء ومساعدة السلطات في تحقيقاتها.

ويبلغ عدد سكان سريلانكا نحو 22 مليون نسمة. يعتنق 70 في المئة منهم الديانة البوذية، وقرابة 13 في المئة الهندوسية، فيما يعتنق الإسلام نحو 10 في المئة، والمسيحية الكاثوليكية 6 في المئة من إجمالي السكان.

وأدان البابا فرانسيس الثاني، بابا الفاتيكان، الهجوم. وقال "أود إبداء تعاطفي مع الجالية المسيحية التي تعرضت لهجوم أثناء تجمعها للصلاة"، بحسب وكالة رويترز.

ودعا الحبر الأعظم المسيحين "ألا يدفنوا الأمل".

وبدوره، قال شيخ الأزهر أحمد الطيب في بيان له: "هؤلاء الإرهابيون تناقضت فطرتهم مع تعاليم كل الأديان"، داعيا لذوي الضحايا بالصبر وللمصابين بالشفاء.

وأعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استعداد بلاده لمساعدة الشعب السريلانكي بعد هذه "المجزرة الإرهابية المروعة".

"نحن على استعداد للمساعدة!"، قال ترامب في تغريده له على تويتر.​

​​وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حزنه العميق وإدانته لهذه الأعمال البشعة.

وقال: "نشعر بحزن عميق إزاء الهجمات الإرهابية على الكنائس والفنادق في سيريلانكا. نحن ندين بشدة هذه الأعمال البغيضة. نحن نقف إلى جانب شعب سريلانكا وأفكارنا توجه إلى أحباء الضحايا يوم القيامة".

​ودعت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إلى الوحدة، وقالت: "علينا ان نتوحد للعمل على ألا يمارس أحد عقيدته بخوف".

ووصف وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس أخبار الهجمات في سريلانكا بـ"المذهلة". وقال إنها تفاقم "الكراهية".

وأكد في تغريدة على تويتر تعاطف بلاده مع أصدقاء وعائلات ضحايا الهجوم.

رئيس الوزراء الإسباني بيدور سانشيز وصف بدوره الهجمات بـ"الرهيبة". وقال إن الضحايا هناك "الذين يحتفلون بعيد القيامة يجعلوننا نبكي".

​​وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "أدين بأقوى العبارات الممكنة الهجمات الإرهابية في عيد الفصح في سريلانكا. هذا اعتداء على البشرية جمعاء

جاء ذلك عقب تغريدة هنأ فيها أردوغان المسيحيين بمناسبة عيد الفصح.

عربيا، أدانت كل من قطر، واليمن، والإمارات، ومصر، والأردن، والسعودية، هذه الهجمات ووصفتها بـ "الجريمة المروعة والشنيعة"، ودعت إلى لتعاون دولي ضد "الإرهاب".

وقالت السلطات السريلانكية إنها أوقفت 8 أشخاص مشتبه بتورطهم في العمليات الإرهابية.

ويوجد من بين القتلى نحو 35 أجنبيا، من بريطانيا والصين وهولندا والولايات المتحدة الأميركية واليابان والدنمارك وتركيا وباكستان وأفغانستان والمغرب والهند وبنغلاديش.

وشهدت الأعوام بين 2012 و 2019، عمليات إرهابية استهدفت المسيحيين قبيل وخلال الاحتفال بعيد الفصح أودت بحياة نحو 273 شخصا وإصابة المئات في مصر وباكستان ونيجيريا والفلبين واليمن.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!