تقول دراسة للأمم المتحدة إن العقيدة الدينية لا تدفع إلى التطرف، وإنما عوامل أخرى تتعلق بالفقر والتهميش. لكن دراسة للبنك الدولي تقول العكس.
تقول دراسة للأمم المتحدة إن العقيدة الدينية لا تدفع إلى التطرف، وإنما عوامل أخرى تتعلق بالفقر والتهميش. لكن دراسة للبنك الدولي تقول العكس.

أعاد إعلان السلطات السريلانكية بأن معظم منفذي الهجمات الإرهابية التي ضربت البلاد نهاية الشهر الماضي "من أصحاب التعليم العالي وينتمون لعائلات ثرية وبعضهم درس في الخارج" النقاش مجددا حول موضوع الفقر كسبب رئيسي للتطرف والإرهاب.

ومن بين منفذي تلك المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 250 قتيلا، أثناء الاحتفال بعيد القيامة، شقيقان والدهما رجل أعمال ثري. وكان الشقيقان شريكين في محل تجاري لوالدهما، ولديهما ثروة كبيرة.

الفقر سبب أم لا؟

خلصت دراسة أممية نشرت نتائجها نهاية عام 2017، بعنوان "رحلة إلى التطرف في أفريقيا"، إلى أن "الافتقار إلى التعليم والفقر والتهميش من العوامل الكامنة وراء نزعة التطرف" والدفع بالشباب الأفارقة للانضمام إلى الجماعات المتطرفة.

مسؤولة أممية قالت آنذاك في مؤتمر صحفي في بروكسل، لتوضيح الدراسة التي تضمنت مقابلات مع 500 عنصر انضموا لجماعات متطرفة في أفريقيا، إن العقيدة الدينية لا تدفع الشباب إلى التطرف، وإنما عوامل أخرى تتعلق بالفقر والتهميش.

في المقابل، تقول دراسة ثانية للبنك الدولي، بعنوان "العدالة الاجتماعية والاقتصادية لمنع التطرف العنيف"، إن "الإرهاب لا يرتبط بالفقر وتدني مستويات التعليم".

حللت هذه الدراسة ملفات أكثر من 3800 مجند أجنبي في تنظيم داعش، معظمهم شباب).

وأكدت أن 69 في المئة منهم "حاصلون على التعليم الثانوي على الأقل"، بينما لا تتعدى نسبة الأميين عن 2 في المئة، كما أن غالبيتهم كانوا يعملون قبل الانضمام إلى داعش، و"ليسوا فقراء".

وتعد السعودية وتونس والمغرب ومصر وتركيا أكبر خمس بلدان مصدرة لمجندي داعش، وهي دول ذات مؤشر مرتفع أو متوسط على الأقل في التنمية البشرية.

وحتى دراسة الأمم المتحدة، التي تشير إلى دور الفقر والتهميش، تؤكد أن العنف الذي تمارسه الدولة وإساءة استعمال السلطة العامل يبقى الحاسم غالبا.

"71 في المئة ممن تمت مقابلتهم ذكروا أن إجراء حكوميا ما (كقتل أو اعتقال أحد أقاربهم في حرب الدولة ضد الإرهاب) جعلهم يلتحقون بتنظيم متطرف للانتقام"، تقول الدراسة.

وعبر 83 في المئة ممن تم تجنيدهم أنهم يشعرون بالظلم ويؤمنون بأن حكومات بلدانهم لا تهتم إلا بمصالح فئة قليلة.

وفقد نحو 33 ألفا حياتهم في أفريقيا بسبب التطرف العنيف بين عام 2011 وأوائل 2016، إضافة إلى تشرد ودمار اقتصادي هائل.

11 ألف هجوم

شهدت الأعوام الأخيرة ارتفاعا واضحا للهجمات الإرهابية التي تشنها تنظيمات متطرفة، مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام وحركة الشباب الصومالية، لتمثل تهديداً واضحاً للسلام والأمن والتنمية.

وبحسب الأمم المتحدة، نُفذ في 2017 وحدها قرابة 11 ألف اعتداء إرهابي في أكثر من 100 بلد. أوقعت الهجمات أكثر من 25 ألف قتيل.

وسجلت ثلاثة أرباع إجمالي الوفيات في خمس دول: العراق وأفغانستان وسوريا ونيجيريا والصومال.

ويعتقد باحثون، وحتى سياسيون غربيون، بأن مشاعر الغضب والإحباط والكراهية والتطرف "تغذى من انتشار الفقر وتدني مستوى التعليم وسوء إدارة الدولة".

نماذج ثرية

وعلى رأس قيادات التنظيمات الإرهابية التي لم تكن الظروف المعيشية دافعة لها لتبني الفكر المتطرف، يأتي أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة السابق، وهو ابن المقاول السعودي المعروف محمد بن لادن.

وينحدر خلفه أيمن الظواهري بدوره من عائلة مصرية بارزة. وعمل في السابق طبيبا جراحا.

وكان القيادي البارز في تنظيم القاعدة أنور العولقي، الذي لقي مصرعه بطائرة أميركية دون طيار أواخر أيلول/سبتمبر 2011، يعيش في الولايات المتحدة ودرس في جامعات في جورج واشنطن. وكان والده وزيرا للزراعة.

يقول عبد الملك عيسى، وهو أكاديمي يمني متخصص في علم الاجتماع السياسي، إن هناك مجموعة عوامل مجتمعة تغذي الإرهاب والتطرف، من بينها الفقر والحرمان والتعليم الديني (المتشدد) والتضييق السياسي وسوء الحكم والفساد وغياب المساواة وتنامي شعور القهر والمظلومية.

ويضيف عيسى لموقع (ارفع صوتك): "الجماعات الإرهابية تضم أشخاصا من شرائح مختلفة. فمثلاً أكثر المتطرفين الأوروبيين الذين انضموا لداعش من طبقات متوسطة وليسوا فقراء، وكذلك من بعض دول الخليج الغنية".

ويعزو عبد الملك عيسى الدافع وراء انجرار الشباب الأثرياء والميسورين إلى جماعات إسلامية متطرفة إلى "غياب القدوة والتناقضات الداخلية التي يعيشونها في مجتمعاتهم المغلقة مثل أوروبا".

ويؤكد أن هذا الوضع "يدفعهم إلى البحث عن ذواتهم، فيذهبون باتجاه التطرف الديني، خاصة أن غالبيتهم يستقون المعرفة الإسلامية عبر الانترنت وهي غالبا مغلوطة".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.