بينما كانت تشرب القهوة، سألها زميلها في العمل "لماذا مفطرة؟"، فأجابته "لأني امرأة".
"تفاجأ، لم يسأل أكثر، وذهَب" هذا كان ردّ فعله لإجابتها، وهي ملتزمة بصوم رمضان، كما أنها لا تجد حرجاً من تناول طعام أو شراب بين المعارف من الذكور، أيّام الدورة الشهرية.
تقول السيدة المقيمة في الولايات المتحدة الأمركية "زوجي هو أوّل من شجعني على ذلك، باعتبارها إجازة شرعية، وجسدي بحاجة للطعام والشرب، كي لا أصاب بالإرهاق، خصوصا في العمل".
#من_أحكام_الصيام(3)مبطلات الصيام pic.twitter.com/fm4v6sFRGn
— محمد صالح المنجد (@almonajjid) May 27, 2018
"إذا بُليتم فاستتروا"
استطلع "ارفع صوتك" بعض الآراء عبر حوار مفتوح مع نساء ورجال في "فيسبوك"، والسؤال كالتالي "كامرأة ملتزمة بصوم رمضان، هل لديك مشكلة أن تأكلي أمام أقاربك من الذكور أو زملائك في العمل أثناء فترة إفطارك (موعد الطمث)؟
ترفض إيثار دحبور، المقيمة في المملكة السعودية، الجهر بالإفطار بتاتاً، حتى لو في سفر، وذلك "خجلاً واحتراماً لمشاعر الصائمين حولها".
صحيح أن المسألة "حرية شخصية وليس لأحد الحق في محاسبة أحد، لكن جهر المرأة بإفطارها بمثابة إعلان أنها في فترة الدورة الشهرية، وهذا "لا داعٍ له، وهي أيام قليلة ستمضي، فلتتحملها"، تقول براءة الحويطي، المقيمة بولاية فرجينيا الأميركية.
وترى أن استسهال أمر كذلك يشبه أيضاً الإعلان عن العلاقة "بين الرجل وزوجته".
ومن رام الله في الأراضي الفلسطينية، تقول أمل راتب "أعرف أن الدورة الشهرية ليست عيباً، لكني أخجل أن أفطر علانية".
وتضيف أمل "مهما كنّا منفتحين ونحاول عدم التدخل في الناس أو التفكير بنظرتهم لنا، هناك شيء داخلي يمنعني لأنني تربيت على ذلك".
سارة خواجة تتفق ضمنياً مع أمل في قولها "الخجل هو سيد الموقف حتى لو كان الأمر مباحاً شرعاً وعلمياً".
ربى عنبتاوي، من القدس، تقول "إذا بُليتم فاستتروا"، مردفةً "حرمة الشهر الفضيل تتوجب احترامه بعدم الجهر بالإفطار بعذر أو بغيره".
لكنها ترى الأمر عادياً في دولة أجنبية مع زملاء غير مسلمين.
ومن جنين في الأراضي الفلسطينية، تتفق فاتن صرصور مع ربى حول الجهر بالإفطار في بلد غير مسلم، باعتبار أن الأغلبية من غير الصائمين.
وتقول فاتن إن "الدورة الشهرية ليست مدعاة للخجل، لكن لا أفطر مراعاة لمشاعر الصائمين".
أمام الأطفال "ممنوع"
شيرين صندوقة من القدس، ترفض الأمر "قطعياً"، خصوصا أمام إخوتها الصغار، الذين لن يفهموا السبب حتى لو قالت إنها مريضة، أمّا في العمل، فسبب رفضها "الستر، لأنه الله أمر بذلك".
ومن ولاية كونتيكيت الأميركية، لا تجد نداء أبو حمدية حرجاً من الإفطار أمام إخوتها، لكن المشكلة أمام بناتها الصغيرات، موضحة "من الصعب شرح الأمر لهن الآن، يلزمني سنة أخرى لأحدثهن عن الدورة الشهرية".
"عادي"
من رام الله، تقول مي شحادة "أنا باكل (آكل) عادي"، مضيفةً "إذا صادف وكنت مع زميل أو صديق غير صائم، نشرب قهوة معاً، عادي جداً".
وتحدثنا مبتسمة عن موقف طريف مع أخيها "رآني أتناول الطعام فسألني (ماذا تأكلين؟) قلت له سمبسوك" في إشارة إلى بساطة الأمر.
مي مرعي من جنين، تقول إن المسألة "عادية تقريباً" بالنسبة لها، موضحة بمثال "رآني صديق مسيحي، فأبدى دهشته لأنه يعرف أنني ملتزمة بالصيام. لم أخبره السبب، لكن الأمر كان مضحكاً".
تشاركنا يافا تجربتها بين مكان عملها داخل الأراضي الفلسطينية وبين مكان دراستها في قبرص، بالقول "أحد أيام رمضان، شعرت بالجوع والتعب بسبب ضغط الدراسة، إلى جانب أنه موعد الدورة الشهرية، فذهبت إلى مطعم، وكان بعض موظفيه يشربون القهوة، لكن النادلة استغربت وبدأت تحدثني باللغة التركية، وفهمت من حديثها أنها تتوقعني صائمة لأنني محجبة، وعرفت أنها مسلمة أيضاً".
وعند سؤالها "هل كان حديث النادلة لك بمثابة انتقاد أو فضول؟"، قالت يافا "انتقاد..".
ولا تجد يافا حرجاً من شرب الماء أو تناول حبّة دواء أمام أصدقائها الذكور حتى في فلسطين، لكنها جربت مرة واحدة الجهر بإفطارها ولم تكررها بسبب ما حدث معها.
توضح "سألني أحد الزملاء عن السبب، فأجبته أنني مفطرة لعُذر. لكنّه صار كل يوم يسألني (مفطرة أم صائمة؟) ما أزعجني، رغم أن عملي متنوع، أشخاص يصومون وآخرون غير ملتزمون لأسباب منها عدم التديّن أو أنهم غير مقتنعين".
وترى يافا الأمر برمتّه مرتبطاً بالمرأة، فمثلا "الرجل لا يتحرّج من الجهر بعدم تديّنه دون أي انتقاد من الآخرين، بينما المرأة تتعرّض لتلميحات ساخرة ومزعجة إذا ما بدا ذلك منها".
ما رأي الرجال؟
وجهنا هذا السؤال للذكور "أخبرنا بصراحة، عن موقفك أو ردّة فعلك إذا رأيت زميلتك في العمل أو إحدى قريباتك، تتناول طعاماً أو شراباً جهراً في رمضان، رغم علمك بالتزامها بالصيام؟"
يقول محمد جمهور من رام الله، إن لكل شخص عذره، وأول ما يخطر في باله إن كانت فتاة مفطرة "الدورة الشهرية ثم المرض".
خضر نجم من القدس، يقول "كل بالغ عاقل يتحمل مسؤولياته، لكن الإفطار جهراً قلة أخلاق، فمهما كانت الظروف مهم مراعاة الآخر".
ويرى أحمد برهوش المسألة "حرية شخصية"، مضيفاً "أعتبر شخصيتها قويّة بغض النظر عن سبب إفطارها، ذلك لأنها لا تهتم لرأي الناس".
أحمد ديريّة من الخليل، يختصر رأيه بالقول "لا شأن لي بها، حتى لو كانت لا تصوم من أساسه".
"كل مفطر و عذره معه" يقول عبّود درويش من رام الله، موضحاً "إحنا الشرقيين بنعتبر الإفصاح عن العذر الشرعي للمرأة عيب، ويتحوّل لنكتة، هذا هو الواقع".
رأيه هنا يتقاطع مع ما قالته يافا.
ويقول عبّود "لكن الصحيح أن الصيام لله وليس للعباد، ولا يهمني المفطر بعذر أو بغير عذر لأن إفطاره لا يؤثر على صيامي، ولا أعتقد فيه قلّة احترام لصيامي".
وضرب مثلاً صيام المسيحيين قبل عيد الفصح "هل نمتنع كمسلمين عن تناول الأطعمة المحرّمة عليهم أمامهم مثلاً، طبعاً لا" في إشارة ألا فرق بين الحالتين.
سامر حامد، يقول إن "الصوم عبادة خالصة لوجه الله تعالى لا يجوز لأي مسلم التدخل بعبادات الآخرين مهما كانت درجة القرابة أو المعرفة إلا بالتي هي أحسن، وكل مفطر له عذره الخاص".