- أنت في أي صف؟
- في صف الثالث.
- من أخرجك من المدرسة؟
- خطيبي أحمد.
- أنت مخطوبة؟ كم عمره أحمد؟
- لا أعرف.
- نفس عمرك؟
- لا.
- أحمد كبير أم صغير؟
- طويل.
هذا الحوار بين مذيع تلفزيوني وطفلة عمرها عشر سنوات، يجلس قربها رجل ضخم مقارنة بها سيكون هو زوجها المستقبلي.
قصة محاسن
قبل أشهر، أثارت قصة الطفلة محاسن (10 أعوام) التي حلّت ضيفة على برنامج أحمر بالخط العريض، الذي يعرض على قناة (LBC اللبنانية)، في حلقة تناولت موضوع "زواج قاصرات"، تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي يستمر حتى اليوم.
خطيب محاسن التي تظهر حول عينيها هالات التعب والهم المبكر على عمرها القصير، اسمه أحمد وهو يكبرها بـ15 عشر عاما. وهي في انتظار زواج لا تريده، لأنها صغيرة وتحب المدرسة.
أرقام خطيرة
قد تكون قصة محاسن نموذجا لملايين حالات زواج القاصرات في العالم.
ووفقا لإحصاء صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في 11 شباط/ فبراير 2019، تشكل نسبة زواج القاصرات نحو 21% من عدد الشابات، كما تتزوج سنويا 12 مليون فتاة دون سن 18 سنة.
وتصف اليونيسف أي زواج يحصل قبل سن 18 على أنه انتهاك لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من القوانين المناهضة له، فلا تزال هذه الممارسة واسعة الانتشار.
وتحتل مناطق جنوب قارة آسيا ووسط أفريقيا المراكز الأولى في نسب زواج القاصرات.
وتحذر المنظمة من أن أكثر من 150 مليون فتاة أخرى سيتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة بحلول عام 2030، في حال عدم الإسراع بمعالجة هذا الموضوع.
وتشير إلى أنها نجحت في منع 25 مليون زيجة أطفال خلال العقد الأخير.
بين الريف والمدينة
يعتبر زواج الفتيات في سن مبكرة قضية عالمية ولا تقتصر على دول الوطن العربي، لكن عددها يزيد في البلدان النامية بصفة عامة وخصوصا في المناطق الريفية.
وتقل نسبيا في المناطق الحضرية، حيث ترى الأسر أن الأولوية تعود إلى التعليم والعمل قبل الزواج، فيما ترتفع النسب بالمناطق الريفية والقبلية بحكم الأعراف التي تشجع على زواج الفتاة في سن مبكرة.
ووفقا لهذه الرؤية الاجتماعية، تبلغ نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكرة في الأرياف ضعف تلك المسجلة في المناطق الحضرية.
مخاطر الزواج المبكر
وقد يؤدي زواج الأطفال إلى المعاناة مدى الحياة، فالبنات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة أقل احتمالاً للاستمرار في المدرسة ويزيد احتمال تعرضهن للعنف المنزلي.
كما تزيد نسبة احتمال الوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة عند المراهقات مقارنة بالنساء في العشرينات من العمر، وأطفالهن أكثر عرضة للإملاص (ولادة الجنين ميتاً) وللوفاة في الشهر الأول من العمر.
وتقول أنجو مالهوترا، المستشارة الرئيسية لليونيسف في مجال النوع الجنساني، "عندما تُجبر الفتاة على الزواج وهي طفلة، فإنها تواجه تبعات فورية وعلى مدى حياتها، إذ تتناقص فرصتها بإتمام دراستها، في حين تزداد احتمالية تعرضها للإساءة من قبل زوجها واحتمالية تعرضها لتعقيدات أثناء الحمل".
يضاف إلى ذلك تبعات اجتماعية هائلة وخطر أكبر، بتواصل حلقات الفقر بين الأجيال.
وتضيف مالهوترا "نظراً للتأثير الذي يتركه زواج الأطفال على حياة الفتيات اليافعات والتغيير الدائم الذي يحدثه فيها، فإن أي تقليص يشهده يمثل تطورا إيجابيا، بيد أن أمامنا شوطاً طويلا لنقطعه".
زواج القاصرات عربيا
أكد تقرير أصدره مركز دراسات أميركي استنادا إلى معطيات جمعتها وزارة الخارجية الأميركية أن أغلبية قوانين الدول العربية تسمح بتزويج القاصرات.
وتسمح الدول العربية، التي تحدد سن الزواج في 18 سنة، للوالدين أو الأوصياء بالموافقة على تزويج القاصرات دون السن الذي يحدده القانون. وقد يكون ذلك أحيانا تحت مبرر "مصلحة" الفتاة.
وأظهر التقرير أنه حتى في الدول التي تحدد السن الأدنى لزواج الفتيات في 18 عاما مثل المغرب وتونس وموريتانيا ومصر والأردن، تبقى نسبة زواج القاصرات منتشرة فيها بشكل متفاوت خاصة في المناطق الريفية.
وهذه قائمة بالدول التي تسمح قوانينها بتزويج الفتيات دون الـ 18:
- البحرين
يحدد القانون البحريني السن الأدنى للزواج في 15 سنة للفتيات و18 للذكور.
- الكويت
السن الأدنى للزواج هو 15 سنة للإناث و17 للذكور.
- لبنان
حسب القانون اللبناني فإن الفتيات يمكن أن يتزوجن في عامهن الـ17، بينما يتزوج الشبان في عامهم الـ18.
- العراق
الحد الأدنى لزواج الفتيات هو 15 سنة مع ضرورة موافقة الوالدين.
- قطر
يمكن أن تتزوج الفتاة حسب القانون القطري في عامها الـ16.
- السعودية
لا يحدد القانون سنا معينا للزواج، ويفتي بعض العلماء في البلاد بإمكانية تزويج طفلة في عامها العاشر.
أين محاسن اليوم؟
انتهت قصة محاسن بحسب تقرير مصور على نفس القناة بخلع خاتم الخطوبة وعودتها إلى مقاعد الدراسة.
تعلق الطفلة محاسن التي تظهر مرتدية زي المدرسة بالقميص الأزرق، "عدت إلى المدرسة، وبدأت أدرس وأقرأ وأصبح لدي أصدقاء".