صفوان منصور وحنظلة باتيل، مصدر الصورة: شرطة ويست ميدلاندز
صفوان منصور وحنظلة باتيل، مصدر الصورة: شرطة ويست ميدلاندز

خبر محاكمة شابين بريطانيين بالسجن 14 عاماً، بعد إدانتهما بالتخطيط لأعمال إرهابية، يأخذ منحى ساخراً في تفاعل القرّاء، والسبب "تريب أدفايزر".

ما القصّة؟ 

اشترى صفوان منصور وصديق طفولته حنظلة باتيل، معدّات التخييم والبقاء على قيد الحياة في الهواء الطلق، بالإضافة إلى الملابس وتذاكر الطيران، ذهاب وعودة لم ينوياها، كان السفر، ألمانيا أولاً ثم تركيا، والنيّة سوريا.

ومن خلال موقع "Trip advisor" الخاص بالسفر واقتراحات التجوال والتقييم للمعالم السياحية والرحلات من قبل المشتركين فيه، قام صفوان وحنظلة بفحص أحد المعالم السياحية التركية القريب من الحدود السورية، وفق ما نقلت صحيفة "الغارديان".

وكانا قد وصلا مدينة هاتاي الحدودية في رحلة مماثلة عام 2016، وعادا منها بعد مواجهة مع الشرطة التركية، ليكررا المحاولة عام 2017، وهناك قام باتيل بتفعيل حسابه في "تلغرام" وهو أحد تطبيقات المراسلة عالية الأمان البارز استخدامه بين عناصر الجماعات الإرهابية.

في الرحلة الثانية أقام كل منصور وباتيل في فندق بمدينة إسطنبول لأيام عدّة.

لكن هذه الرحلة لم تنجح، إذ لم يتمكنا من الوصول إلى الشخص الذي سينقلهما إلى معاقل تنظيم داعش في سوريا، وفق شرطة مقاطعة "ميد ويست لاند".

src=

​​وجاء في بيان الشرطة الذي نُشر بداية نيسان/أبريل الماضي "أثناء التحقيق، حافظ باتيل على موقف (لا تعليق) بينما ادّعى منصور أنهما خططا للذهاب إلى تركيا لقضاء عطلة، ومن المقرر التوقف في ألمانيا لشراء الهدايا".

وجاء فيه أن الشابين "خدعا والديهما بحجة أنهما كانا يقرآن الصلاة في مسجد في ألمانيا"، بينما لم يكن لدى عائلتيهما أدنى فكرة عن وجهتهما، وهو ما قاد والد باتيل للذهاب إلى الشرطة للتبليغ عن غياب ابنه. وحين فحصت الشرطة اسمه لم يكن في ألمانيا، لتبدأ بعدها مسيرة التحرّي عن الشابين.

ووجدت الشرطة في أجهزة باتيل الإلكترونية روابط إلى دليل عبر الإنترنت حول كيفية الانضمام لتنظيم داعش الإرهابي، كما نجح في استصدار بطاقات ائتمانية عدة لشراء المعدّات اللازمة للرحلة.

واحتوت الأجهزة الإلكترونية التي تم الاستيلاء عليها من باتيل عند اعتقاله في المملكة المتحدة على صور بيانية ومقاطع فيديو وتمجيد نصوص داعش.

"يعطي المحتوى نظرة ثاقبة عن تفكيرهما وأظهر اهتماما كبيراً منهما بأيدلوجية داعش الجهادية"، وفق بيان الشرطة.

"شَعر الأسد"

لاقى التقرير بعد نشره من قبل الشرطة والإعلام حالة من السخرية في موقعي التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، تركزت على فكرة سفر المتطرّفين عبر "تريب أدفايزر" وعلى شعر منصور، الذي بدا مثل شعر الأسد برأيهم.

​​يقول المغرّد ساخراً "افتح تريب أدفايزر، اختر سوريا، ابحث عن أفضل 100 شيء لفعله هناك، واختر تجربة الإرهاب"

​​يسخر مغرّد آخر "افتح تريب أدفايزر وابحث عن أفضل 100 موقع لتفجيرها في سوريا".

 

​​​​

لقطة من التعليقات في صفحة الشرطة الرسمية

​​​وأشارت تعليقات عديدة إلى أن جذور باتيل هندية، وهذه عائلة هندوسية في الأساس، لكن يبدو أن عائلة حنظلة باتيل ممن تحولّوا للإسلام، وفق نشطاء في تويتر.

​​​​فيما أبدى البعض رفضه لحبسهما 14 عاماً باعتبارها مدة كثيرة يتم فيها الإنفاق عليهما من أموال الضرائب للمواطنين، في وقت الأجدر "ترحيلهم" لبلادهم الأم.

​​

​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!