الكاريكاتير للرسام: نضال ديب
الكاريكاتير للرسام: نضال ديب

منذ بداية شهر رمضان، تصلني العديد من الرسائل ذات المحتوى الفكاهي حول الصيام، من أصدقاء في "واتساب" أو عبر صفحات في موقعي التواصل الاجتماعي (تويتر، وفيسبوك)، أغلبها يسخر من حال الصائمين وعاداتهم اليومية التي تمثل ثيمة مشتركة بين أغلبهم، إذ يبدو ذلك من تعليقات المتابعين والإشارة لأصدقائهم، الذين يتبادلون الضحك لأنهم يعيشون أو عاشوا ذات التجربة. 

وأنا أيضاً أضحك، على معظم ما يصلني، لكن الموضوع ليس مضحكاً للجميع، إذ يرى البعض فيه استهتاراً وإساءة لشهر الصيام. 

وما يسترعي الانتباه، هو زيادة المنشوارت الساخرة من أفعال الصائمين، مقارنة بالأعوام الفائتة، والدور الذي لعبته مواقع التواصل في زيادتها واستحداث أساليب متنوعة في صياغة النكتة، تتوازى مع الشائع في تلك المواقع، خصوصاً الـMemes. 

الميمز: هي أفكار أو مفاهيم سريعة الانتشار عبر الإنترنت، قد تكون فيديو أو صورة أو رسالة، لكن الأكثر شيوعاً هي الصور المرفقة بتعليقات فكاهية

​وعودة إلى سنوات ما قبل الاستخدام اليومي والاعتماد الكبير في التواصل بين الناس على مواقع التواصل والتطبيقات الذكية، كانت النكات الدينية (المرتبطة بمواسم أو رجال دين) بالإضافة للنكات الجنسية، متداولة على مستويات ضيّقة بين الناس، أو محدودة بمواقع إلكترونية ومجلات "صفراء" غير ذائعة الانتشار، إلا أنها معروفة بين الباحثين عنها. 

لكن مع التطبيقات الإلكترونية لمواقع التواصل والاتصال الملازمة لهاتفك الذكي، تصلك هذه النكات حتى لو لم تبحث عنها، وقد يجرك الضحك على أحدها، للبحث عن المزيد، لتضحك أكثر. 

وعطفاً على الجدل بين القبول والرفض، الذي يبرز مع انتشار هذا النوع من النكات، يعصف الذهن بأسئلة عدة، ما هي النكتة في سياقها الاجتماعي؟ لماذا الانتشار السريع لها؟ إذا كانت السخرية أكبر من التحفّظ، فأين هي الخطوط الحُمر؟ مَن يضعها؟ 

يقول البروفيسور محمد سعيدي في كتابه "الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق" إن النكتة الشعبية ظاهرها مرح وباطنها التنفيس من كبت اجتماعي نفسي من جهة ونقد المجتمع وسلوك بعض البشر من جهة أخرى.

كما يُلاحظ أن الكثير من النكات لا يمكن تصنيفها ضمن باب واحد فقط، فقد نجد نكتة تطال رجل دين عبر ألفاظ جنسية، وقد يختلط الدين بالجنس والسياسة معاً، حتى شهر الصيام نفسه ومواسم دينية مثل الحج والأعياد والفتاوى التي تتعرض لنقد لاذع، لا تسلم من منحها طابعاً جنسياً، وهو ما وجدناه في عديد "الميمز" عبر مواقع التواصل.  

وإذا كان التناقل للنكات الشفهية من جيل لجيل لا يزال قائماً، فهو ظاهر أيضاً في مواقع التواصل، إذ بمجرد بحثك عن نكتة ما، تجدها هنا وهناك كل مرة في شهر أو سنة، عدا أنك تراها متكررة بين عدد من أصدقائك في الفيسبوك مثلاً، رغم أن لا علاقات صداقة تربطهم. 

عرض معرض كامل

​​وفي رؤية أخرى للنكات باعتبارها تسليطاً للضوء على المتناقضات في حياة الناس، نجد المرتبطة برمضان أكثرها تركز على سلوكيات لا تتفق مع تعريف رمضان في الوعي الجمعي للمسلمين، يمارسها أغلبية الصائمين، لكن تسليط الضوء على هذه السلوكيات يضايق الكثيرين باعتباره "منافياً للحقيقة".

​​

​​

​​

وهنا نرى حواراً بين متابعين بعضهم يرى في السخرية إساءة ومقابله يراها فكاهة تعبر عن أمور واقعية.

​​​​أما النكتة الدينية بشكل عام، فهي "حرام" وفق دار الإفتاء الأردنية، بناء على فتوى صدرت عام  2017، مفادها "يحرم الاستخفاف أو الاستهزاء بأمور الدين؛ ومن ذلك تداول النكات المضحكة التي تمس الإسلام أو الأديان، فإنها تنتقص من قيمته، وتؤدي إلى الطعن فيه، والواجب على كل مسلم أن يعظم الله ورسوله وشريعته، قال سبحانه وتعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)".

وورد في الفتوى "والنكات إن كانت تتضمن سخرية واستهزاءً بالله أو رسله أو القرآن أو أي حكم مِن أحكام الدين أو شعيرة من شعائره؛ فإن صاحبها على خطر عظيم في دينه؛ حيث إنه سبحانه نهى عن ذلك، فقال: (وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا)".

وهذه الفتوى تنطبق على شهر رمضان، باعتباره إحدى شعائر الإسلام، فضلاً عن قدسيته باعتباره "أفضل الشهور" وفق علماء دين مسلمين سنّة وشيعة. 

والمقدس في الثقافة الإسلامية لفظ قد يطلق على الله أو المؤمن المعين مثل الأنبياء وأقطاب الصوفية والولاية أو الملائكة وقد يكون المكان مثل المسجد الأقصى والبيت الحرام أو الزمان مثل الأشهر الحرم، ما يستوجب الاحترام الشديد وعدم المس بكلمة أو فعل ضد ما ذكر،  (نور الدين الزاهي، كتاب المقدّس والمجتمع).

​​

​​

​​من جهة أخرى، شاع عدد من مقاطع الفيديو لشيوخ وأئمة يبتادلون طرائف حول شعائر دينية، وبدا الأمر بسيطاً مجرّداً من مخاوف "الوقوع في الحرام"، كما في الفيديو أدناه.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.