الصورة من مبادرة "دليل لا سياحي" الهولندية، تنشر بإذن من القائمين عليها
الصورة من مبادرة "دليل لا سياحي" الهولندية، تنشر بإذن من القائمين عليها

"أمستردام تنشّط السياحة بتشجيعها على زواج ليوم واحد!" و "في مبادرة غير مسبوقة.. هولندا تتيح للسياح التزوج من سكانها ليوم واحد لتشجيع السياحة"، و"أمستردام تشرع الزواج الموقت لتشجيع السياحة"، و"أمستردام تعرض على السياح زواج متعة ليوم واحد"، وغيرها من العناوين المشابهة في وسائل إعلام عربية.

أما المحتوى فجاء تأكيداً لهذه العناوين، بأن القرار "رسميّ" اتخذته "هيئة السياحة" في العاصمة الهولندية أمستردام، كما أن غالبيّة الصور المرافقة سواء للخبر في وسائل الإعلام أو لما تناقله نشطاء في مواقع التواصل، كانت لنساء.

هذه الصورة النمطية التي تتكرر كلمّا أشيع خبر غير دقيق أو كاذب عن زواج نساء غربيات برجال من خارج أوطانهن، تنهال التعليقات ووتصوير النساء كأنهن جالسات على العتبات في تلك الدول بانتظار الغرباء للزواج بهم على الحال! 

​​

​​

​​

​الخبر ليس كما تظن عزيزي القارئ، وعزيزتي القارئة، وفق سابين لينز، وهي شريكة مؤسِسَة لمبادرة "دليل لاسياحي Untourist Guide"، الساعية لخلق علاقات وتأثير إيجابي بين السيّاح والسكان المحليين بطرق ممتعة، غير مألوفة، يتفاعل فيها الطرفان إيجابياً لصالح المكان.

"فعالية الزواج والمشي ليست رسمية وغير مرتبطة بأي جهة حكومية"، تؤكد لينز لـ(ارفع صوتك)، مضيفةً "هي واحدة من فعاليات عدة نقوم بها من خلال 200 مُبادر في مجالات متنوعة داخل مركز المدينة وخارجها من مدن هولندية أخرى".

لكن لماذا تم اختيار فكرة الزواج، علماً بأن هناك مواقع عدة توفر "استئجار صديق محلّي" أو تطبيقات مثل "كاوتش سيرفينغ couchsurfing" اللذين يتيحان للسائح التعرّف على أي مكان من سكانه المحليين أو سيّاح مثله؟ 

"بسبب طقوس الزواج والبهجة التي يجلبها" تقول لينز. 

وتضيف لينز "ضمن الخدمة التي نقدمها في هذه المبادرة، نوفر جميع الأدوات اللازمة من ملابس وخطط للتجوال وخواتم الزواج، ويُجرى الزواج بشكله التقليدي، في مراسم شبه حقيقية، لكنه غير قانوني، ثم يأخذ الطرف المحلّي فيه الزائر في جولة قد تكون من جولاتنا أو شيئاً آخر لكن غير السياحي والمألوف لزوّار المدينة".

ومن الممتع بالنسبة لبعض السكان المحليين اكتشاف أماكن هم أنفسهم لم يزوروها من قبل، فتغدو متعة الاكتشاف مشتركة، وفق لينز.

ويتشارك الطرفان في رحلة الزواج ليوم، العديد من المعلومات والتجارب من خلال أداء نشاطات مشتركة.

بعد تداول خبر نشاط "زواج ومشي" في الإعلام الغربي، انهالت رسائل تطلب مواعدة شبان أو فتيات هولنديات عبر الموقع، كانت هذه الإضافة في التعريف "ملاحظة من فضلك، هذا ليس موقع مواعدة أو منصّة تعارف. النزاهة واللقاءات الهادفة والأثر الاجتماعي الإيجابي هو ما يُهمّنا"، كما تؤكد لينز.

مركب اللاجئين

ومن الفعاليات اللافتة ضمن مبادرة "دليل لاسياحي"، جولة مراكبية بقيادة لاجئ، وفي مركب حمل لاجئين من إحدى الدول العربية لجزيرة لامبيدوزا الإيطالية، ذائعة الصيت لأنها المحطة الأولى لآلاف المهاجرين خصوصاً من ليبيا، وشهدت حوادث غرق مفجعة للاجئين. 

"المحلّي" كلمة مهمة ولا تُطلق بسهولة على شخص، خصوصاً من سكان المدينة، هل هذه الجولة تعبير عن احتواء إيجابي للاجئين باعتبارهم جزء لا يتجزأ من حكاية المدينة؟ 

"نعم" تقول لينز، وتضيف "خلال الجولة المراكبية يستمع الزائر لقصص لاجئين متنوعة، وقائد الرحلة لاجئ، هنا لا فرق بين الذي وُلد في المدينة وعاش فيها عُمره، أو أتى إليها ثم عاش فيها أو زارها مؤقتاً، وإذا عدنا لتاريخ أمستردام سنجده قائماً بالأساسا على الهجرة واللجوء. ننظر إلى الجميع بشكل متساوٍ، لا فرق بيننا كبشر، فنحن نتشارك العيش في هذا الكوكب، أقلّه ما أؤمن به، وأعتقد متفق عليه بيننا في المبادرة".

وتؤكد لينز لـ (ارفع صوتك): "نسعى للتركيز على المشترك بيننا لا الاختلافات، وندعو الناس للترابط وتكوين صداقات، نعطي المدينة كما أعطتنا، ولا نكتفي بالأخذ منها. نعم كلّنا في هذه المدينة سواء، لكن الفرق هو السلوك الذي نتخذه تجاه المكان". 

صورة من جولات قارب اللاجئين، مبادرة "دليل لا سياحي"

بالإضافة إلى المركب السابق، جولة مراكبية أخرى تنظمها المبادرة للتحفيز على إعادة تدوير النفايات، والتوعية بمخاطر البلاستيك على المسطحات المائية في العالم، وتتم الجولة داخل مركب معاد تدويره من البلاستيك.

صورة من إحدى جولات المركب المصنوع من مواد معاد تدويرها، من مبادرة "دليل لا سياحي"

​​كما يتم جمع السوّاح بأشخاص من ذوي الإعاقة أو أشخاص عاشوا حياة التشرّد،  المشردّين السابقين، بالإضافة إلى جولة نسوية تروي حكايات غفل عنها التاريخ المروّج سياحياً عن نساء قويات ومؤثرات في هولندا.

 العلاقة بين المحلّي الهولندي والزائر.. كيف الحال؟

قبل عام تقريباً، كشفت أمستردام عن خطط لخفض عدد السياح الوافدين إليها في تجاوب مع استياء الكثير من سكان العاصمة الهولندية ممّا دعوه "غزو السياح لوسط المدينة العتيق". (الشرق الأوسط)

ويزور أمستردام سنوياً 18 مليون سائح، فيما عدد سكانها 800 ألف شخص. 

تعقيباً على ذلك، وعلاقة مبادرة "دليل لاسياحي" تقول لينز لـ(ارفع صوتك): "ليس من السهل تخفيض عدد السيّاح، لكن بإمكاننا أن نجعل البيئة السياحية أفضل. وهذا ما نحاول القيام به عبر مبادرتنا".

وعن تأثير عدد السيّاح على أهالي المدينة، توضح لينز "المركز تحوّل إلى مصيدة سياحية، إذ امتلأت الشوارع بمحال التذكارات والمطاعم، ما جعل السكان يشعرون بأن أمستردام لم تعد مدينتهم، والكثير من روّاد "المنطقة الحمراء" (مكان منظّم للدعارة) لا يتصرّفون باحترام، سواء تجاه النساء أو المكان، عدا عن أن الكثير من راكبي الدراجات يتصرّفون بلا مسؤولية ما يتسبب بمشاكل أو حوادث، نحن نشجع قيادة الدراجات الهوائية للحفاظ على البيئة لكن الأهم هو تعلّم قيادتها".

وهذه الأسباب كانت من أهم الدوافع لمحاولة نشر أجواء إيجابية بين السائحين والسكان عبر مبادرة "دليل لاسياحي"، كما توضح لينز.

وعبر نشاطاتهم، يشجع المبادرون على زيارة مدن أخرى غير أمستردام، حيث العديد من المواقع الجميلة والمهمة التي يغفل عنها زائر العاصمة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.