يمثل متهم بضحايا العنف الجنسي لأول مرة أمام المحكمة الجنائي الدولية/Shutterstock
وفقا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية، اختطف داعش أكثر من 6400 أيزيدي، أكثر من نصفهم نساء.

يحل اليوم 19 حزيران/يونيو  اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، بحسب تصنيف الأمم المتحدة. وهو يشير إلى العنف الجنسي الذي يتعرض له نساء ورجال على حد سواء في مناطق النزاعات.

في السنوات الأخيرة، شهدت مناطق عدة في العالم حروبا ونزاعات مسلحة عرضت النساء والرجال لاضطهاد جنسي، بينما أفلت الفاعلون من العقاب أغلب الأحوال.

العراق

​​ تعرضت مئات الأيزيديات في العراق للاستعباد والاسترقاق الجنسي بعد الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على معقل الطائفة الأيزيدية في شمالي البلاد، صيف 2014.

ووفقا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية، اختطف داعش بين آب/أغسطس 2014 وتموز/يوليو 2017 أكثر من 6400 أيزيدي، أكثر من نصفهم نساء.

ونجح قرابة 3000 منهم في الهرب، فيما ما يزال مصير مثل هذا العدد مجهولا.

​​بعد التحرير، استمر تعرض النساء للعنف الجنسي أيضا.

وتفيد تقارير لمنظمات حقوقية أن نازحات كن على صلة بعناصر داعش تعرضن لانتهاكات واعتداءات جنسية من قبل عاملين في مخيمات النزوح، وأحيانا من قبل رجال الأمن ومسلحين من الميليشيات.

وحسب مقابلات أجرتها منظمة العفو الدولية مع 92 امرأة في ثمانية مخيمات بين  تشرين الأول/أكتوبر2017 ومارس/ آذار 2018، أكدت هؤلاء النسوة دخولهن في علاقات جنسية مع إدارييين استخدموا وسائل للضغط عليهن للقبول.

 

سورية

في شهر شباط/فبراير الماضي، كشفت تقارير صحافية تعرض سيدات سوريات للابتزاز الجنسي من قبل موظفي إغاثة محليين في جنوب سورية.

واضطرت كثير من السوريات إلى التخلي عن تلقي المساعدات في مراكز التوزيع خوفا من التعرض للاستغلال الجنسي.

وقال تقرير للأمم المتحدة، بعنوان "أصوات من سوريا 2018"، إن المساعدات الإنسانية يجري تبادلها مقابل الجنس في الكثير من المحافظات السورية.

وأورد التقرير أن موظفي إغاثة يعرضون على النساء تمكينهن من المساعدات الغذائية مقابل "قضاء ليلة معهن"، وفق ما نشرت شبكة بي بي سي البريطانية.

وتؤكد الأمم المتحدة أن هذه الوضعية مستمرة منذ ثلاث سنوات.

اليمن

يتعرض اليمنيون الغارقون في الحرب منذ سنوات للعنف الجنسي أيضا.

صندوق الأمم المتحدة للسكان أكد في تقرير أصدره في مارس/آذار 2018 أن 60 ألف سيدة يمنية قد تواجه خطر العنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب.

ولكن تبقى غالبية الحالات غير معلنة ما يصعب معرفة الوضع الحقيقي للنساء اليمنيات أُثناء الحرب.

نيجيريا

في نيجيريا، حيث تنشط جماعة بوكو حرام الإرهابية، تعرضت مئات النساء للعنف  الجنسي على يد الجماعة المتطرفة وعلى يد القوات الأمنية النيجيرية أيضا، حسب منظمات حقوقية.

واختطفت بوكو حرام في مناسبتين، سنة 2014 و2018، قرابة 400 فتاة نيجيرية بعضهن في سن العاشرة.

على الطرف الآخر، وثقت منظمة العفو الدولية ما قالت إنها انتهاكات جنسية نفذتها القوات الأمنية ضد نازحات.

وقالت المنظمة، في تقرير نشرته الشهر الفائت بعنوان "قاموا بخيانتنا"، إن عناصر من القوات الأمنية فصلوا النساء عن الرجال في مخيمات نائية في ولاية بورنو شمال شرق نيجيريا منذ 2015.​ وقاموا باغتصابهن، أحيانا مقابل الحصول على الطعام.

​​​

للذكور نصيب!

طال العنف الجنسي الذكور أيضاً.

هذا ما أشارت دراسة أجرتها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مخيمات للاجئين سوريين في ثلاث دول: الأردن ولبنان والعراق (إقليم كردستان).

وأفاد استبيان شمل 196 لاجئا في تشرين/أكتوبر 2016 أن نسبة الذكور الذين تعرضوا للعنف الجنسي تتراوح بين 20 و27 في المئة، حسب المخيم.

​​​​دون عقاب!

في شهر نيسان/أبريل الماضي، مثل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (هولندا) لأول مرة متهم من مالي لتورطه في جرائم اضطهاد جنسي واسترقاق، عندما كان مسؤولا رفيعا في جماعة متطرفة تغلغلت في مناطق واسعة شمال البلاد.

وقبل الحسن أغ عبد العزيز، لم يسبق لمتهم باقتراف جرائم استرقاق واستعباد جنسي أن حوكم أمام المحكمة الدولية.

​​

 

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!