بعد 19 عاما على تأسيسه، صنفت الولايات المتحدة الأمريكية أمس الثلاثاء "جيش تحرير بلوشستان" على قائمتها للإرهاب، بعد تنفيذه هجمات دامية استهدفت مصالح صينية في باكستان.
وقالت الخارجية الأمريكية إنها تهدف من هذه الخطوة إلى حرمان هذه الجماعة من الموارد للتخطيط وتنفيذ أعمال إرهابية.
واعتبرت هذا الجيش جماعة انفصالية مسلحة تستهدف قوات الأمن والمدنيين، لا سيما في مناطق إتنية البلوش في باكستان.
ويُعرض هذا الاعلان كل شخص في الولايات المتحدة يؤازر هذا الجيش لاتهامات جنائية إضافة إلى تجميد أصوله على الأراضي الأمريكية.
وجيش تحرير بلوشستان، هو منظمة انفصالية مسلحة، تنطلق من إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان، وتهدف لتأسيس دولة بلوشية ذات سيادة (فصل بلوشستان عن باكستان).
وتعتبر هذه المنظمة صاحبة تاريخ طويل من عمليات العنف الموجهة ضد باكستان وإيران والصين، وذاع صيتها لأول مرة عام 2000 بعد تبنيها سلسلة تفجيرات.
وعام 2006 صنفت الحكومتان البريطانية والباكستانية هذا الجيش منظمة إرهابية.
وفي نوفمبر 2018، شنت المنظمة هجومين دمويين استهدف أحدهما قنصلية الصين في كراتشي كبرى مدن باكستان مسفرا عن مقتل أربعة أشخاص.
وركز المتمردون في بلوشستان الذين يعتبرون الصين "ظالمة"، هجماتهم في الأشهر والسنوات الأخيرة ضد الاستثمارات الصينية التي تعد جزءا رئيسيا من مبادرة "الحزام والطريق".
وفي مايو الماضي قتل خمسة أشخاص بينهم جندي بعد اقتحام مسلحين لفندق في مدينة جوادر الباكستانية، وأعلن جيش تحرير بلوشستان مسؤوليته عن الهجوم.
ودعا الصين لضرورة وقف "مشاريعها الاستغلالية في بلوشستان" وعدم دعم "إبادة شعب البلوش"، ما يهدد بحصول مزيد من الهجمات، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي أبريل الماضي، قتل 14 شخصا على الأقل من القوات البحرية والأمنية الباكستانية في هجوم على حافلات كانت تقلهم في إقليم بلوشستان الواقع على الحدود مع أفغانستان وإيران.
ومنذ 2004 تحارب باكستان المتمردين في الاقليم الذي يشهد بين الحين والآخر اشتباكات طائفية وعرقية، فيما تسعى الحكومة لإقرار مصالحة بالإقليم.
ويذهب البعض لوصف ما يجري كحرب بالوكالة بين الهند وباكستان مسرحها إقليم بلوشستان، وتتهم إسلام أباد الهند بدعم المتمردين هناك، مقابل اتهامات هندية مقابلة لباكستان والصين بدعم جيش محمد وزعيمه (مسعود أزهر) الذي يتخذ من كشمير الهندية مقرا له.
وتعتبر بلوشستان، التي تشكل 44% من مساحة باكستان، من المناطقة الغنية بالموارد الطبيعية كالغاز الطبيعي، النفط، الفحم، النحاس، والذهب، لكنها المحافظة الأقل نموا والأكثر فقرا في البلاد.
ويزعم المتمردون البلوش أن الحكومة المركزية تعيق التنمية لإبقاء الإقليم ضعيفا، وهو ما يحسب ضمن أسباب الصراع والتمرد خصوصا أن غالبية السكان في بلوشستان يفتقرون ظروف العيش الكريمة.
وتنفي إسلام اباد تقارير منظمات حقوقية تتهمها بانتهاك حقوق الإنسان في إطار حملتها لقمع التمرد في بلوشستان، وتتهم عدوتها التاريخية الهند بإثارة التمرد، وهو الاتهام الذي تسخر منه نيودلهي.
وقاتلت حركات التمرد التي أنشأها القوميون البلوش عام 1948، 1958-59، 1962-63 و 1973-77، لكن أوسع تمرد بدأ مطلع عام 2003.
واستغل المتمردون تدهور القانون ووضع النظام في أفغانستان المجاورة وعدم الاستقرار على المستوى الاتحادي، ليكتسبوا قوة ضاربة ليهاجموا جميع المنشآت الحكومية ويقتلوا كبار المسؤولين.
وينضوي تحت جيش تحرير بلوشستان جماعات انفصالية أخرى مثل عسكر بلوشستان والجبهة المتحدة لتحرير بلوشستان.
ونهاية عام 2017، أعلنت السلطات الباكستانية أن أكثر من 300 انفصالي، بينهم 17 قياديا من جماعات مسلحة متمردة، سلموا انفسهم واسلحتهم لقوات الأمن في إقليم "بلوشستان"، في اطار مصالحة سياسية بالإقليم المضطرب.
ومعظم قادة وأعضاء جيش تحرير بلوشستان هم من المجتمع البلوشي، وتحديدا من قبيلة مري وأرجاء بلوشستان.
وأدى مقتل الزعيم البلوشي نواب أكبر بكتي (عام 2006) إلى انتشار موجة العنف في كافة أنحاء الإقليم، وتوحيد القبائل البلوشية في محاربة الحكومة المركزية ورفع شعار الانفصال عن باكستان.