صلاح عبد السلام
صلاح عبد السلام

منحت محكمة فرنسية صلاح عبد السلام، المتهم الرئيسي في هجمات باريس سنة 2015، تعويضاً يقدر بـ560 دولارا.

ويواجه عبد السلام، 29 عاماً، أحكاماً عديدة بالسجن المؤبد بسبب دوره في هجمات باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً، لكنه حصل على تعويض مالي بسبب انتهاك خصوصيته في السجن، وفق المحكمة.

واعتبرت المحكمة أن كاميرات المراقبة التي رصدته في الأشهر الأولى لاعتقاله على مدار 24 ساعة في زنزانة انفرادية انتهكت حقه في الحياة الخاصة.

ويوجد الشاب الفرنسي من أصول مغربية قيد الحبس الاحتياطي منذ نيسان/ أبريل 2016، لكن محكمة فرنسية إدارية قالت إن سجانيه بالغوا في إجراءات المراقبة، وحكمت على الدولة الفرنسية بأداء 500 يورو (560 دولارا).

ولقي الحكم بعض الاستياء. نيكولا دوبون إينيان زعيم حزب "انهضي فرنسا" وصفه بالـ"مخجل".​

​​وتم الكشف عن هذه المعلومات في كتاب نشرته الصحافية الفرنسية إيلسا فيغورو عن محامي صلاح عبد السلام، فرانك بروتون.

وفي آذار/ مارس 2017، تم اعتبار كاميرات المراقبة التي وضعت في جميع أنحاء زنزانة صلاح عبد السلام غير قانونية، بعد معركة قضائية طويلة، وفق ما نقلت صحيفة الديلي ميرور البريطانية.

واعتبرت المحكمة أن فترة المراقبة الطويلة "انتهكت حقه في الحياة الخاصة"، حسب تصريح بروتون.

وبعد الفوز بالقضية، طُلب من بروتون تقديم تفاصيل الحساب البنكي صلاح عبد السلام، لكن الأخير رفض الحصول على الأموال، حسبما أفاد موقع قناة LCI الفرنسية.

وفي حينه، صدر مرسوم عن وزارة العدل الفرنسية يسمح باعتماد الفيديو لمراقبة الأشخاص الذين يتم عزلهم في زنازين انفرادية والذين قد يكون لفرارهم أو انتحارهم تأثير على النظام العام. وهو المرسوم الذي رفع ضده محامي عبد السلام دعوى أمام المحكمة.​

​​ولا يزال عبد السلام في الحبس الانفرادي في سجن فلوري ميروجيه قرب باريس، وهو أكبر سجن في أوروبا.

وتلقى بالفعل عقوبة بالسجن لمدة 20 عاما في بلجيكا لمشاركته في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في بروكسل عام 2016.

وصدر هذا الحكم قبل ثلاثة أيام من إلقاء القبض عليه، وكان حينها هارباً في أعقاب هجمات باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.

وتسبب  عبد السلام، برفقة مجموعة من الانتحاريين، في مذبحة داخل ملعب فرنسا ومقاه ومطاعم بالإضافة لمسرح باتاكلان.

وبينما فجر أغلب رفاقه أنفسهم، وهو خطط لتفجير نفسه في ملعب فرنسا خلال مباراة دولية بين منتخبي فرنسا وألمانيا، إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة، وظل بعدها هاربا لأشهر عدة قبل اعتقاله في بلجيكا.

وقتل في هجمات باريس 130 شخصاً، بينهم 89 في مسرح باتاكلان. وهي الهجمات الأكثر دموية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!