مدمن مخدرات من المغرب/ وكالة الصحافة الفرنسية
مدمن مخدرات من المغرب/ وكالة الصحافة الفرنسية

ملايين البشر حول العالم يتعاطون المخدرات، وفيما تهتم كثير من دول العالم بتوفير رعاية خاصة تساعدهم على الإقلاع، يواجه المتاجرون بالمخدرات في الدول العربية عقوبات قانونية تصل إلى الإعدام.

ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، يوجد نحو 35 مليون شخص يعانون اضطرابات نتيجة تعاطي المخدرات، ويحتاجون خدمات صحية.

لسنا مجرمين..!

"سأستمر في تعاطي المخدرات، هذه حياتي وأنا حر، هؤلاء (رجال الأمن) مجرمون.."، بنبرة تحدٍ تحدث مسعد، وهو اسم مستعار لأربعيني يمني، عقب مغادرته سجناً دام أكثر من ثلاث سنوات بسبب تعاطي المخدرات التي أدمنها منذ نحو عشر سنوات.

يقول لـ(ارفع صوتك): "ضربوني بشكل مبرح وتعاملوا معي كقاتل.. لسنا مجرمين نحن مرضى نحتاج مساعدة ورعاية لا إلى العنف الذي يجعلنا نصرّ على التعاطي".

ويعتقد مسعد أنه تحوّل لـ"شخص محب للانتقام" بسبب المعاملة التي تلقاها في السجن.

وتفتقر اليمن لمراكز خاصة بعلاج المدمنين، وهو ما يشكل عقبة أمام الرّاغبين بالعلاج.

وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع، إن عدد متعاطي المخدرات الأفيونية بلغ 53 مليوناً عام 2017، بزيادة 56% عن التقديرات السابقة.

وأضافت أن شخصا واحدا فقط يتلقى العلاج كل عام من بين سبعة أشخاص يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات.

أرقام صادمة

وشهدت بعض الدول العربية ارتفاعاً في معدلات مدمني المخدرات خلال السنوات القليلة الماضية.

لكن ما يجعل التعامل مع هذه المشكلة صعباً هو قلة المعلومات والأرقام الرسمية عن حال المخدرات هناك.

وتتصدّر مصر قائمة الدول العربية من حيث عدد متعاطي ومدمني المخدرات بنسبة 10% من عدد السكان البلغ نحو 90 مليوناً، وفقاً لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي.

وفي تونس قال وزير الداخلية السابق الهادي مجدوب مطلع عام 2017، إن عدد القضايا المتعلقة باستهلاك المخدرات ارتفعت من 723 قضية عام 2000 إلى 5744 قضية عام 2016.

وكشفت دراسة أعدتها الجمعية التونسية لطب الإدمان وجود أكثر من 400 ألف مدمن على المخدرات في تونس.

ووفقاً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، حُوكم  أكثر من 7400 شخص، بينهم 145 امرأة في تونس حتى كانون أول/ ديسمبر 2015 في قضايا تتعلق باستهلاك الحشيش.

وخلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري 2019، عالجت السلطات المختصة في الجزائر نحو 15289 قضية تهريب واتجار وحيازة واستهلاك مخدرات ومؤثرات عقلية.

ومقارنة بالعام الماضي 2018، عالجت السلطات بين أشهر كانون ثان/ يناير وتشرين ثان/ نوفمبر أكثر من 36 ألف قضية مماثلة.

وفي الأردن، ضبطت السلطات سبع آلاف قضية مخدرات توزعت بين تعاطي واتجار خلال النصف الأول من العام الجاري، نصفهم تتراوح أعمارهم بين 18 و 28 عاما.

والعام الماضي سجلت 18 ألف جريمة مخدرات بزيادة بنسبة 31% عن سابقه.

سورية "بلد عبور"

لا توجد إحصاءات موثوقة عن عدد المدمنين في العراق وسورية واليمن.

وأعلنت إدارة مكافحة المخدرات في سورية نهاية نيسان/ أبريل الماضي أن عدد قضايا الاتجار بالمخدرات خلال 2018 بلغت في مناطق سيطرة النظام السوري 6600 قضية ووصل عدد المتهمين إلى 8400 متهم.

وارتفع عدد دعاوى المخدرات المنظورة أمام المحاكم في دمشق وحلب ثلاثة أضعاف منذ بداية 2014.

ووفقاً للتصنيف العالمي تعتبر سورية بلد عبور لا منتجاً ومصنعاً للمخدرات، لكن انتشارها في السنوات الأخيرة بات ملحوظا للسلطات.

وخلال الربع الأول من العام الجاري أوقفت السلطات العراقية في بغداد ومحافظات أخرى أكثر من 60 تاجراً ومتعاطي مخدرات، في بلد أصبح سوقاً للمخدرات بعدما كان ممراً لها.

وهناك زيادة بنسبة 40% عن العامين الماضيين حسب منظمات محلية. تقول المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق: "يوجد ثمانية آلاف معتقل بتهم تعاطي وتجارة المواد المخدرّة مقارنة بـ 2000 معتقل عام 2016".

ويوجد 13 سريراً فقط لمعالجة المدمنين في مستشفى ابن رشد في بغداد، بينما تفتقر بقية مستشفيات البلاد لأقسام معالجة الإدمان.

وتشكو الكوادر الصحية في مستشفى ابن رشد قلة الإمكانيات لعلاج المدمنين.

وفي حديث لفضائية الحرة، أرجع مدير عام البرامج الوقائية لصندوق مكافحة الإدمان في مصر الدكتور إبراهيم عسكر تفاقم مشكلة المخدرات في العالم العربي إلى عدة أسباب، منها غياب رؤية مستنيرة للعلاج، والقصور الكبير في جهود الوقاية من المخدرات.

تشريعات

تصل عقوبة التعامل مع المخدرات في غالبية التشريعات العربية حد الإعدام، لكنها غالبا ما تعفي المدمن من العقوبة إذا اعترف بالإدمان وطلب العلاج.

وينص قانون مكافحة الاتجار بالمخدرات اليمني على الإعدام أو السجن لمدة تصل إلى 25 عاما لكل من تملك أو حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي مادة مخدرة بقصد الاتجار فيها.

كما تصل عقوبة المتعاطي إلى السجن خمس سنوات.

ويجرم القانون العراقي كل صور حيازة المخدرات بقصد التعاطي، ويفرض على ذلك السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، أو الغرامة أو العقوبتان معا.

وانحاز القانون العراقي إلى الجانب الوقائي العلاجي أكثر من الجانب الردعي العقابي.

وخفف البرلمان التونسي في نيسان/ أبريل 2017 العقوبات الموجهة ضد المستهلكين لـ "الحشيش"، عقب ضغوطات من منظمات المجتمع المدني.

وفي السعودية، تصل عقوبة المهرب إلى الإعدام، والمتعاطي بالحبس لمدة سنتين مع التعزير، فيما يعفى الطلبة دون سن 20 عاماً من العقوبة ويكتفى بالتأديب والمراقبة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.