تنشر حركة طالبان منذ شهر تقريبا سلسلة فيديوهات تتضمن شهادات وتصريحات لمواطنين أفغان حول انتهاكات تنظيم داعش الذي تحاربه الحركة.
والحركتان معا مصنفتان على قائمة الإرهاب لدى الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وحملت سلسلة الفيديوهات عنوان "ظلم ووحشية داعش"، وهي صادرة عن مؤسسة "السابقون" التابعة لطالبان.
وتشهد عدد من الولايات الأفغانية صراعا عنيفا بين داعش وطالبان. وهو الصراع الذي احتدم في الأسابيع الأخيرة في ولايتي نانغارهار وكنر شرقي البلاد.
وارتكبت كل من الحركتين انتهاكات واسعة في حق المواطنين الأفغان. وحكمت طالبان البلاد بين سنتي 1996 و2001، قبل أن تتم الإطاحة بها على يد الولايات المتحدة وقوات أفغانية متحالفة معها.
لكنها اليوم تسيطر على أراض أكثر من أي وقت منذ الإطاحة بها من السلطة قبل نحو 18 عاما.
في المقابل، ظهر فرع داعش في أفغانستان لأول مرة عام 2014 تحديدا في المنطقة الواقعة على الحدود مع باكستان التي أطلق عليها اسم "ولاية خراسان"، بعدما أعلنت جماعات صغيرة منشقة عن طالبان مبايعتها له.
وفي الفيديوهات التي نشرتها طالبان، ظهر معلمون في مدارس دينية ورعاة وسائقو سيارات ومواطنون عاديون يشتكون انتهاكات داعش. وكشف بعضهم عن إصابات جسدية تعرض لها.
واندلعت الحرب بين الجماعتين المتطرفتين عام 2015، عقب إعلان زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري تبرأه من داعش، معتبرا أن "القاعدة تمثل قيما يفتقر إليها داعش"!
وشهد هذا العام تنافسا سياسيا وميدانيا شرسا بين طالبان وداعش للهيمنة على الساحة في أفغانستان.
ومنتصف 2015، أرسلت حركة طالبان خطابا إلى زعيم داعش أبو بكر البغدادي تحثه على الكف عن تجنيد المقاتلين في أفغانستان وعدم التدخل في شؤونها بدافع ما أسمته "الأخوة في الدين"، لكن داعش تكفر طالبان في حين تعتبر الثانية الأولى من "الخوارج".
وقالت طالبان إن المجال لا يتسع سوى لعلم واحد وقيادة واحدة في القتال. لكن الحركة تقود حاليا مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية، وهو أحد أسباب تكفير داعش لها.
ومطلع أيار/مايو 2017، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن اغتيال القيادي في حركة طالبان مولوي محمد داوود، لأنه حارب ضده في ولاية نانغارهار.
وذكرت وسائل إعلام محلية حينها أن تنظيم داعش ينشط في 25 ولاية من أصل 34 في أفغانستان.
وأمس الاثنين فقط، شن عناصر من تنظيم داعش أو ما يعرف بـ"داعش خراسان" هجوما على عدد من المواقع التي تسيطر عليها حركة طالبان في نانغارهار، أسفر عن سقوط 12 شخصا بين قتيل وجريح.
وتدور منذ أسابيع اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سيطرة داعش على عدد من القرى في ولاية كنر شرقي أفغانستان.
وتحتل أفغانستان مكانة هامة في أدبيات "الجماعات الجهادية" ومنظريها.
"كفار" ضد "خوارج"!
تنتمي حركة طالبان عقديّا إلى الماتريدية، نسبة إلى أبي منصور الماتريدي، وهي مدرسة عقدية ضمن الإسلام السني ظهرت في القرن الرابع الهجري، وهي التي تسود أفغانستان وباكستان وفي أوساط مسلمي الهند والصين. وفقهيا، تنتمي الحركة إلى المذهب الحنفي السائد في البلاد.
في المقابل، يصنف تنظيم داعش ضمن مدرسة مخالفة تماما: المدرسة السلفية، الوهابية أساسا. ولا يتردد في تكفير طالبان ونعثها بالمرتدة والقبورية.
وأصدر الطرفان فتاوى جهاد ضد بعضهما.
وتكفر داعش حركة طالبان وتصفها بـ "الوطنية المرتدة" التي يحتوي دستورها "على مواد وثنية وطنية كفرية".
جاء ذلك في كتيب نشره داعش مطلع العام الماضي وحمل عنوان "الرد القاصف على شيوخ القاعدة الخوالف".
وهاجم الكاتب، الذي يحمل اسما مستعارا هو أبو البراء اليماني، حركة طالبان أو "قاعدة خراسان" التي يسمح منهجها "بزراعة الحشيش والأفيون من أجل المال، وأباحت العلاقات مع حكومة باكستان المرتدة بل ومع دولة المجوس إيران".
أما حركة طالبان، فتعتبر تنظيم داعش من "الخوارج" وهي التسمية التي تطلقها أغلب الحركات الجهادية المرتبطة أو القريبة من تنظيم القاعدة.