دفعت الحرب، في السنوات الأخيرة، الملايين من العراقيين والسوريين إلى مغادرة ديارهم نحو مخيمات النزوح واللجوء. في هذه المخيمات، وجدت نساء أنفسهن عرضة للابتزاز: الجنس مقابل الخدمات الإغاثية. في الكثير من الحالات، كان موظفو إغاثة مسؤولين عن الابتزاز.
سوريا
في شهر شباط/فبراير الماضي، كشفت تقارير صحافية عن تعرض سيدات سوريات للابتزاز الجنسي من قبل موظفي إغاثة محليين في جنوب البلاد.
واضطرت سوريات كثيرات إلى التخلي عن تلقي المساعدات في مراكز التوزيع خوفا من التعرض للاستغلال الجنسي.
وقال تقرير للأمم المتحدة، بعنوان "أصوات من سوريا 2018"، إن المساعدات الإنسانية يجري تبادلها مقابل الجنس في الكثير من المحافظات السورية.
وحسب التقرير، الذي يمتد على 150 صفحة، فإن موظفي إغاثة يعرضون على النساء تمكينهن من المساعدات الغذائية مقابل قضاء ليلة معهن.
وتؤكد الأمم المتحدة أن هذه الوضعية مستمرة منذ ثلاث سنوات.
وفي سنة 2015، نبهت منظمتان إغاثيتان إلى تلك الانتهاكات، قبل أن يصدر تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان سنة 2018 ويؤكد أنها ما تزال مستمرة.
وفي مسح إحصائي أجرته "لجنة الإنقاذ الدولية"، منتصف 2015، وشمل 190 امرأة في منطقتي درعا والقنيطرة، أكدت امرتان من كل 5 نساء أنهما تعرضتا لعنف جنسي من أجل الحصول على مساعدات إنسانية. وتبلغ هذه النسبة 40 في المئة.
وقبلها بسنة، قال تقرير لمكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن اللاجئات والنازحات السوريات يواجهن ضغوطا شديدة تتضمن الفقر والاستغلال والتحرش الجنسي.
وفي سنة 2016، أدانت تركيا رجلا بالسجن لـ108 سنوات لاستغلاله جنسيا أطفالا سوريين في مخيم "نسيب" للاجئين القريب من الحدود السورية التركية.
واستغل المدان، الذي كان مكلفا بالمرافق الصحية في المخيم، ثمانية أطفال، لكن مصادر إعلامية رجحت أن يكون عدد الضحايا أكثر نظرا لكون بعض العائلات تفضل التستر على مثل هذه الحالات.
وكانت هذه أول مرة يتم الكشف عن حالات من هذا النوع في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا.
العراق
أفادت تقارير لمنظمات حقوقية بأن نازحات كن على صلة قرابة بعناصر داعش تعرضن لانتهاكات واعتداءات جنسية من قبل عاملين في مخيمات النزوح، وأحيانا من قبل رجال الأمن ومسلحين من الميليشيات.
وحسب مقابلات أجرتها منظمة العفو الدولية مع 92 امرأة في ثمانية مخيمات بين تشرين الأول/أكتوبر2017 وآذار/مارس 2018، أكدت كثير من هؤلاء النسوة دخولهن في علاقات جنسية مع إداريين استخدموا وسائل للضغط عليهن للقبول.
منظمات متورطة
أجرت وكالة رويترز، في بداية العام الماضي، مسحا حول العنف الجنسي قال فيه إن 120 موظفا في كبرى الهيئات الخيرية في العالم تعرضوا للطرد خلال سنة 2017.
وتعد منظمة "أوكسفام" البريطانية إحدى أكبر المؤسسات الخيرية التي اهتزت على واقعة تورط موظفين فيها أو متعاقدين محليين معها في فضائح استغلال جنسي.
وكشفت تقارير صحفية بأن موظفين في أوكسفام دفعوا المال مقابل ممارسة الجنس خلال مهمة لمساعدة ضحايا زلزال هايتي سنة 2010.
وأدت الفضيحة إلى استقالة بيني لورانس نائبة الرئيس التنفيذي للمنظمة. واتهمت أوكسفام بإخفاء نتائج التحقيق عقب الحادث.
وشملت فضائح الاستغلال الجنسي أيضا بعثات الأمم المتحدة للسلام في أكثر من دولة.
ففي سنة 2015، كشفت أجهزة رقابية تابعة للأمم المتحدة أن عناصر في بعثة السلام بهاييتي وليبريا قدموا المال والمعونات للسكان مقابل الحصول على خدمات جنسية.
وبحسب تقرير للمنظمة الدولية، حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه، فإن هذه الممارسات "شائعة ولا يكشف عنها كما ينبغي".
وأشار التقرير إلى أن 231 امرأة هايتية مارست الجنس مع عناصر من القبعات الزرق مقابل خدمات أو سلع.
وتابع أن أحد الأسباب التي دفعت لذلك الجوع ونقص الأدوية والملاجئ في المناطق الريفية.
وأشار تحقيق آخر أجري في ليبريا على عينة من 489 امرأة بين 18 و30 عاما إلى أن حوالي 25 في المئة منهن مارسن الجنس مع عناصر البعثة الدولية مقابل المال.
وأعلنت الأمم المتحدة منذ حوالي 10 سنوات عن استراتيجيتها لمكافحة الاستغلال الجنسي في بعثاتها حول العالم.