صورة الآخر مبنية في الأساس على نظرة دينية دونية واستحقاريه للآخر بشكل عام كونه كافرا.
صورة الآخر مبنية في الأساس على نظرة دينية دونية واستحقاريه للآخر بشكل عام كونه كافرا.

أخذ الآخر المخالف في العقيدة أو الثقافة أو اللغة حيزا مهما في الأدب العربي والإسلامي، خصوصاً في الرواية، إذ يعد الاحتكاك به صورة من صور اكتشاف الذات وتأكيد هويتها.

"حاولت بعض الروايات استكشاف الجوانب الإيجابية للآخر المغاير. وأظهرت إمكانية التعامل معه واقتربت منه"، يقول وليد دماج وهو روائي يمني شاب لموقع (ارفع صوتك) متحدثاً عن روايات "خوند حمرا" للروائي حجاج أدول، وروايتي "سمرقند" و"ليون الأفريقي" للروائي أمين معلوف.

وقال دماج إن رواية "خوند حمراء" تعد محاولة لإظهار الإمكانية الكبيرة للالتقاء مع الآخر الغربي. "فالرواية في قاهرة المعز إبان الدولة الفاطمية وتحكي قصة صداقة بين مسلم عربي ومسلم غير عربي وآخر مسيحي من بلاد أوروبا أيام الحملات الصليبية تم أسره وبيعه وكيف أن اختلاف الدين والعرق لم يؤثر على العلاقة مع الآخرين من العرب والمسلمين. نقاش كبير وجدل قاد لمحاولة توحيد الديانتين المسيحية والإسلامية، وكانت الرواية محاولة للتقارب مع الآخر والامتزاج به".

أما رواية "سمرقند" فأظهرت الإنجليزي، الذي ارتبط بقصة عشق مع إحدى الأميرات الإيرانيات في طهران إبان ثورة 1905، "بصورة إيجابية" وكيف كان سيودي بحياته من أجل معشوقته.

وأضاف دماج متحدثا عن رواية "ليون الأفريقي" أنها "كانت محاولة لفهم الاختلافات بين العربي والغربي والعلاقات المختلفة بينهما".

"ملابسهن فاضحة"

يقول الأكاديمي اليمني المتخصص في النقد العربي الحديث جمال الجهلاني إن صورة الآخر في الرواية العربية والإسلامية في الأغلب "نمطية وغير واقعية، وهي امتداد لتلك الصورة التي رسمها العرب والمسلمون القدامى فيما سمي بأدب الرحلات، ومن بعدهم المهاجرون ورسل الملوك وسفراؤهم عن ذلك الآخر الكافر المنحل والمنحط".

ويضيف الجهلاني لموقع (ارفع صوتك) "أي أن الصورة مبنية في الأساس على نظرة دينية ودونية واستحقاريه للآخر بشكل عام كونه كافرا، واستمر تأثيرها إلى وقتنا الراهن، ويبرز ذلك جليا في روايات التأسيس العربية: (موسم الهجرة إلى الشمال)، و(عصفور من الشرق)، و(الحي اللاتيني) وغيرهن من الروايات التي نجد في أغلبها صورة مشوهة للغرب وحضارته وإنجازاته العلمية والتقنية والخدمات الإنسانية".

ويوضح الأكاديمي المتخصص في النقد العربي الحديث أن تلك الروايات نظرت إلى جانب واحد من الحياة الغربية وهو المتعلق بعلاقة المرأة والرجل، و"ركزت على العلاقات الجنسية وما فيها من إباحية وتفسخ وانحلال قيمي وأخلاقي..."، وإلى مظهر "الانفلات في الحرية"، و"تعرّي المرأة"، ومقاربة "الكبائر" ونحوها. فمثلا انتقدت رواية "دفء الليالي الشاتية" لعبد الله العريني النساء في نيويورك لملابسهن الفاضحة.

وتصف الرواية العربية الإسلامية المدينة الغربية بأن كل فرد من أفرادها منشغل بنفسه عمن سواه، وتنتقد الجو المادي عند الآخر، كما تنتقد الآخر "حينما يريد أن يخدعنا ويسطو على حقوقنا". يتمثل ذلك في نابليون كما ورد في رواية "الجودرية" لمحمد جبريل، حيث كتب نابليون لأهل مصر رسالة مليئة بالخداع بعد أن جاءها غازيا يريد احتلالها عام 1798.

ويوضح الأكاديمي الجهلاني أن هذه الروايات لا تخاطب الآخر ولا تحاول التواصل والحوار معه بقدر ما تسعى إلى "شيطنته وتسفيهه والتعالي عليه انتقاماً من حروبه المتكررة فيما سمي بالحروب الصليبية والحقبة الاستعمارية بعدها".

إشكالية الأديان

يعتقد الجهلاني أن الأديان والثقافة الدينية رسخت تلك الصورة عن الآخر المغاير. ويقول إن التوراة كانت من أولى الكتب "التي أفرزت وفرقت بين الأنا والآخر، فأطلقت على كل من ليس يهوديا أنه من الأغيار.  وفي الديانة الإسلامية أيضا نجد التمييز الواضح فقد أطلق على الغير مسلم والغير عربي بأنه أعجمي، كما كان يقال دار الإسلام ودار الكفر، وهذا الوصف تجاوز الإنسان إلى المكان".

وفي المقابل أثنى بعض الرواة العرب على بعض المظاهر الإيجابية لدى الآخر مثل قيمة النظام كما جاء في رواية "عودة إلى الأيام الأولى" لإبراهيم الخضير: "الأمريكان شغلهم مرتب.. وكل شيء عندهم وراءه علم وخبر".

وأثنت الرواية نفسها على قيمة الصدق في المعاملة بين الغربيين، وعدم إضاعة الوقت، والوضوح والمباشرة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.