أماكن العمل المزوّدة بوسائل التكييف والتبريد هي أفضل بيئة عمل بالنسبة للأجواء الحارّة خارجها، ويعانيها العُمّال والموظفون الملتزمون بمهام خارج المباني. لكن هل التبريد هو الأفضل فعلاً لجميع العاملين الذين يتعرّضون إليه؟
إذا كنت تشتكي البرد في مكاتب العمل، بسبب التكييف الزائد، انضم إليّ، حيث لا أنسى أخذ جاكيت خفيف يمنحني الدفء في مكان عملي، يومياً، في هذا الصيف الحار.
اقرأ:
موجة الحر "المستحيلة" تضرب أوروبا وأميركا
ضحاياها في تزايد.. كيف يمكن لموجات الحر أن تقتل؟
لستُ وحدي، فالعديد من الزميلات النساء يفعلن ذلك، بينما نادراً ما يشتكي الرجال البرد.
تقول زميلتي وهي تشاهدني أرتدي سترة خفيفة "هل أنت مريضة؟". هي لا تشعر بالبرد مثلي.
الأمر فعلياً مثار الجدل في ملايين المكاتب المغلقة أو البعيدة عن أشعة الشمس حول العالم، فما هي الدواعي والأسباب؟
هناك أربعة أسباب محتملة، ودراسة ذات نتائج مفاجئة!
أولاً، توجد معايير لضبط أجهزة التكييف والتبريد في أماكن العمل تم تحديدها بدرجة (70 فهرنهايت، 21 سيلسيوس) بناء على ملابس الرجال، وهي لا تزال قائمة منذ الستينات، حين كان يُفرض على الرجال ارتداء بزّات رسمية مصنوعة من قماش سميك، طيلة أيام السّنة، بالتالي لا تعدّ درجات الحرارة منخفضة بالنسبة لهم، بينما تعاني النساء البرد.
هذه الإستراتيجية لم تأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي حصلت في الأزياء الرسمية وما يُدعى بالـ"Dress code" الذي يحدد المسموح والممنوع ارتداؤه في أماكن العمل.
Air-conditioning is unhealthy, bad, miserable, and sexist. I can’t explain how many times I’ve gotten sick over the summer b/c of overzealous AC in offices. #BanAC https://t.co/QPME4lMTVS
— Taylor Lorenz (@TaylorLorenz) July 7, 2019
تقول المغرّدة وهي الصحافية والباحثة تايلور لورينز، في التغريدة أعلاه "التكييف غير صحي وسيء، وفيه تمييز على أساس الجنس. لا أستطيع ذكر عدد المرات التي مرضت فيها خلال الصيف بسبب الإفراط في التكييف داخل المكاتب".
وعادة ما يحذّر الأطباء من الاختلاف الشديد بين درجات الحرارة خارج المكتب وداخله، إذ يعرّض الموظفين/ات لنزلات البرد.
ثانياً، لأن نسبة حرق الدهون في أجسام الرجال وهم يرتدون الثياب -غالباً- أكثر من نظيرتها في أجسام النساء، بالتالي فإنّ رفع درجة التبريد، صيفاً أو شتاءً، يهدف إلى خفض درجة حرارة أجساد الرجال.
ثالثاً، وهو مبني على السببين المذكورين أعلاه، أن الأمر جزء من سلسلة إجراءات تمييزية ضد المرأة.
تقول كارولين بيريز في كتابها "نساء غير مرئيات": "هناك اختلافات في المقاييس: مثلاً، متوسط حجم التليفون المحمول يناسب يد الرجل، ويبدو كبيراً على يد المرأة، وأكثر الأدوية لأمراض الرجال، وتتعاطاها النساء لأنه لا توجد أدوية نسائية وأدوية رجالية، وفي حوادث مرور السيارات، تصاب النساء بإصابات خطيرة بنسبة 47% ويقتلن بنسبة 17% أكثر من الرجل. والسبب؟ مقاسات السيارات رجالية!".
وتضيف "ومكيفات الهواء في المكاتب وضعت درجة الحرارة فيها لتناسب رجلاً وزنه 154 رطلاً (نحو 70 كغ) وعمره 40 عاماً. لكن أثبتت التجارب، أن هذه الدرجة تقل كثيراً عن درجة الحرارة التي تناسب النساء. لهذا، في كثير من المكاتب، تشتكي النساء من انخفاض درجة الحرارة" (التغيير الآن)
رابعاً، هو الاختلافات البيولوجية بين المرأة والرجل، ولدى المرأة قد يعود الأمر لنقص الفيتامينات مثل فيتامين "E"، وكلما انخفضت درجات الحرارة أكثر زادت الحاجة إلى فيتامين "E" لأن الجسم يستطيع من خلاله توليد الطاقة اللازمة لتدفئة الجسم.
بالإضافة إلى أن "جلد المرأة رقيق" بحيث يتفاعل مع البرودة أسرع من جلد الرجل، وتضاريس جسد المرأة اختلفت، مقارنة بعصور سابقة، حيث كانت النساء في السابق أكثر سُمنة من الآن. (بانكهوفر غيزوندهايتستيبز)
أما الدراسة التي نُشرت عام 2015 وأثارت الكثير من الجدل في حينه، فأجريت على 550 من طلاب الجامعات الألمانية، وكانت النتائج أن أداء المرأة كان أفضل في كل من المهام الرياضية واللفظية، مع زيادة درجة الحرارة، بينما العكس صحيح بالنسبة للرجال، ومع زيادة كل درجة واحدة مئوية للحرارة، أجابت النساء عن أسئلة حول الرياضيات بنسبة 1.75% بشكل صحيح، بينما أجاب الرجال بنسبة 0.6%.
الدراسة لم تؤكد أن كل امرأة ستعمل بشكل أفضل في الحرارة، أو أن كل رجل سيكون كذلك بمكيف الهواء، لكن النتائج تشير إلى أنه من المفيد "أخذ ذلك على محمل الجد".
من جهة أخرى، يرى البعض أن الحفاظ على درجات الحرارة منخفضة في المكاتب أفضل من أن يُرى الموظفون يتصبّبون عرقاً، عدا عن أن أغلب المؤسسات في اعتمادها على منظومة معايير اللباس، تسمح للنساء بملابس خفيفة (تنانير قصيرة وفساتين أو قمصان بلا أكمام مثلاً) في المقابل يمنع الرجل من ارتداء "شورت" أو قميص بلا أكمام.
وكان مغرّد عراقي كتب في "تويتر" قبل أيام ممتعضاً "شخصة مبرادة وحدة مخلية عشرين نفر مطفين السبالت (مكيّفات) ومصموطين (يشعرون بحرارة شديدة) بهالحر والله لا يبليك...".