أبو بكر عبد الله
أبو بكر عبد الله

في حزيران/ يونيو 2018، داهم 300 مسلح من قبيلة الفولاني المسلمة 10 مناطق في ولاية بلاتو وسط نيجيريا، يدين غالبيتها بالمسيحية.

أطلق المسلحون الرصاص بشكل عشوائي وقتلوا نحو 80 مسيحيا، وأحرقوا منازلهم أيضا. فر المئات بحياتهم إلى الغابات والقرى المجاورة، لكن المسلحين تعقبوهم إلى هناك أيضا.

لم يكن الصراع في حد ذاته دينيا، بل نزاعا على الأرض والكلأ بين مربي مواشي رحل من قبيلة الفولاني ذات الأغلبية المسلمة ومزارعين مستقرين من البيروم (مجموعة إثنية مسيحية). وهي نزاعات متكررة في وسط نيجيريا منذ سنة 2013.

يشهد وسط نيجيريا، منذ سنة 2013، نزاعات متكررة بين الرعاة المسلمين من قبائل الفولاني والمزراعين المسيحيين.

​​وكانت الهجمات على المزارعين المسيحيين منسقة، إذ استهدفت 10 قرى في منطقة باركين لادي بولاية بلاتو.

وبعد ساعة تقريبا من الهجوم، وصل 262 مسيحيا إلى قرية "يلوان غيندي أكواتي" القريبة، حيث يقطن أبو بكر عبد الله وهو إمام مسجد القرية.

كانت الساعة حوالي الثالثة والنصف زوالا، ولم يكن مر على انتهاء صلاة الجمعة وقت طويل. يقول الإمام أبو بكر إنه سمع صوت إطلاق الرصاص من قريته، لكن الصوت بدأ يرتفع أكثر فأكثر مع اقتراب المهاجمين.

أخفى الإمام الثمانيني، وهو من إثنية الهوسة، المسيحيين الفارين مغامرا بحياته. أدخل النساء إلى منزله أولا ثم الرجال إلى المسجد. المسجد نفسه بني على أرض قدمها مسيحيون.

وحينما وصل المسلحون إلى القرية، خرج الإمام ابو بكر ومساعده عمرعبد الله للتفاوض معهم. "كان المسجد مفتوحا، فسمحنا للمسلمين والمسيحيين بالدخول إليه للاحتماء وكذلك إلى بيتي. طلبنا من الجميع الاستلقاء على الأرض لتجنب التعرض لطلقات الرصاص". قال الإمام في مقابلة مع السفارة الأميركية في نيجيريا. وأضاف: "كانت وجوه المهاجمين مغطاة. ظللت أتوسل إليهم، حتى أنني شرعت في البكاء. غادروا في النهاية".​

​​وصف أبو بكر هذه اللحظات بأنها كانت عصيبة.

يقول الإمام إنه قام بحماية الفارين، لأنه كان يعيش في سلام معهم. "هم جيراني، لم يكن لنا معهم مشكل أبدا. عشنا بسلام حتى جاء هؤلاء المهاجمون وبدؤوا في تدمير القرية وقتل الناس. لم أكن لأترك هذا يحدث. لذا طلبت من الفارين الاحتماء بالمسجد ومنزلي".

بعد انسحاب المهاجمين، ظل الفارون في حماية الإمام في مسجده ومنزله لخمسة أيام، قبل أن ينتقلوا إلى مخيم للنازحين.

لا يتذكر أبو بكر السنة التي عين فيها إماما لمسجد القرية خلفا لوالده، لكنه يقول إن ذلك كان منذ أكثر من 30 سنة.

أبو بكر نفسه يقول في حوار مع يومية "ذا بانش" النيجيرية إن له عشرين ولدا وبنتا (من ثلاث زيجات)، ستة منهم يدينون المسيحية ديانة والدتهم، التي تنحدر من إثنية البيروم التي تعرضت للهجوم.

يبكي هذا الشاب النيجيري أقرباءه الذين قتلوا في الهجوم.

​​​تكريم دولي

كرّمت الولايات المتحدة الأميركية أبو بكر عبد الله، ومنحته الخارجية الأميركية جائزة الحريات الدينية الدولية لسنة 2019، إلى جانب أربعة رجال دين آخرين من السودان والعراق والبرازيل وقبرص.

وقال منظمو الجائزة في بيان إن "عبد الله وفّر الملاذ في مسجده للمئات من المسيحيين الفارين من هجمات الرعاة المسلمين".

سفير الحرية الدينية الدولية، سام براونباك، لفت خلال حفل توزيع الجوائز في واشنطن إن عبد الله خاطر بحياته ورفض التخلي عنهم عندما سأله المتطرفون عن مكان وجودهم.

وقال في الصدد "تصرفه دليل على شجاعته وحبه لأخيه الإنسان مهما كانت معتقداته".​​

​​​​وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الجهة المنظمة للجائزة، الممنوحة لمناصري الحرية الدينية، إن عبد الله أسدى خدمة للإنسانية بوقوفه إلى جانب إخوته المسيحيين.

وحصل أبو بكر أيضا على إشادة واسعة في نيجيريا. وحظي قبل سفره باستقبال من يامي أوسينباجو نائب الرئيس النيجيري.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة إن أبوبكر عبد الله "كتب اسمه بماء الذهب في الساحة الدولية، وسيتردد صدى أفعاله في كل مكان، وأينما كانت هناك مناقشات حول التسامح الديني والود بين المسيحيين والمسلمين في البلاد وحول العالم".

ويوجد اسم الإمام النيجيري على رأس قائمة للحصول على جائزة وطنية في بلاده.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.