تجددت المواجهات مرة أخرى بين متظاهرين من الأقلية الشيعية والشرطة النيجيرية، في العاصمة أبوجا، مخلفة ثمانية قتلى بينهم صحافي وضابط شرطة.
واندلعت المواجهات، يوم الاثنين، بين أعضاء في حركة نيجيريا الإسلامية، المنظمة الشيعية المتشددة في شمال نيجيريا، وبين رجال الشرطة.
وينظم أتباع الحركة تظاهرات بشكل منتظم للمطالبة بالإفراج عن زعيمهم إبراهيم زكزكي الذي يقبع في السجن منذ ديسمبر 2015.
ويدعو زكزكي، 66 عاما، إلى ثورة إسلامية شبيهة بالثورة الإيرانية سنة 1979، في بلد يشكل السنة غالبية المسلمين فيه.
وكثيرا ما تنتهي تظاهرات أتباعه بمواجهات مع رجال الشرطة كما حدث قبل أسبوعين، حيث ألقي القبض على 38 منهم وقدموا للمحاكمة.
لكن الحركة تؤكد على الطابع السلمي لتظاهراتها وتتهم الحكومة باستهدافها، فيما تطالب المنظمات الحقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، "السلطات بالامتناع عن قمع المتظاهرين الشيعة بالقوة".
مذبحة زاريا
يبلغ عدد سكان نيجيريا 177 مليون نسمة، موزعين بشكل متساو على المسيحية البروتستانتية والإسلام السني، فيما يشكل الشيعة أقلية صغيرة تنشط بقوة.
وتتركز الأقلية الشيعية في ولايات كانو وسكوتو وكادونا. وتعد مدينة زاريا في كادونا معقلها الرئيسي. وفيها ولد زعيم الحركة إبراهيم زكزكي.
تأثر زكزكي بأفكار سيد قطب وآية الله الخميني. وأسس منذ كان طالبا في الجامعة حركة نيجريا الإسلامية. وفي حوار مع وكالة "فارس نيوز" الإيرانية، قال ابنته بديعة إن أباها التقى الخميني مرتين، وحضر سنة 1980 في طهران احتفال الذكرى الأولى للثورة الإيرانية.
اعتقل أكثر من مرة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وانشق عنه فريق سنة 1995 وشكل تنظيما جديدا تحت اسم "جماعة التجديد الإسلامي"
لكن حركته استمرت في التوسع، حتى صارت تسمى في وسائل الإعلام بـ"حزب الله النيجري"، وهي تحظى بدعم إيراني.
وكانت سنة 2015 محورية في تاريخ الحركة الشيعية، فقد شهدت أحداثا دامية راح ضحيتها المئات من أتباع زكزكي في مدينة زاريا قدرتهم وسائل الإعلام بـ600 شخص.
ودمر الجيش أيضا منزل زعيم الحركة الشيخ، إبراهيم زكزكي الذي أصيب بعيارات نارية قبل اعتقاله، فيما قتل نائبه محمد محمود توري.
واعتقلت أيضا زوجة زكزكي وما زالت تقبع في السجن، كما دمرت حسينية مدينة زاريا بالكامل.
وحينها، لم تعلن السلطات النيجيرية حصيلة رسمية للقتلى الذين سقطوا في يومين متتاليين من الاشتباكات في زاريا، لكن وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن دلائل تشير إلى مقتل حوالي 600 شخص.
وبدورها أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "300 شخص على الأقل" قتلوا في زاريا عندما أطلق عليهم أفراد الجيش النار "دون أي استفزاز".
إلا أن القيادة العليا للجيش النيجيري وصفت تلك الاتهامات بأنه "لا أساس لها من الصحة".
وقال الجيش حينها إن الحركة الإسلامية في نيجيريا حاولت اغتيال رئيس أركانه بوراتاي، عندما اعترض أعضاء منها طريق موكبه. وهو ما نفته الحركة.
ولاية فقيه "نيجيرية"
تضم نيجيريا بضعة آلاف من المسلمين الشيعة يستلهمون فكر الثورة الإسلامية التي شهدتها إيران سنة 1979. ولا يخفي أتباع الحركة الإسلامية النيجيرية تأثرهم الواضح بفكر الثورة الإيرانية، وإيمانهم بنظرية ولاية الفقيه.
ومباشرة بعد أحداث زاريا، احتجت إيران رسميا لدى نيجيريا على هجوم الجيش، وأجرى الرئيس حسن روحاني اتصالا بنظيره النيجيري محمد بخاري.
وطلب روحاني معلومات عن مصير زعيم "الحركة وتشكيل "لجنة تحقيق" حول الأحداث.
واستدعت طهران القائم بالأعمال النيجيري إلى مقر وزارة الخارجية، بينما اتصل وزير خارجيتها جواد ظريف بنظيره النيجيري جيفري أونياما.
وكرمت الحكومة الإيرانية سنة 2015 الشيخ زكزكي، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ36 للثورة الإيرانية.
#إيران تكرم زعيم شيعة #نيجيريا السيد "ابراهيم الزكزاكي" بحضور عدداً من المسؤولين ورجال الدين وضباط في الحرس الثوري ! pic.twitter.com/gH3qSgBHOc
— دراسات إيرانية (@iranandarab) February 22, 2015
وتعد الحركة الإسلامية في نيجيريا أحد أعمدة نشر المذهب الشيعي في غرب افريقيا. وشرع زعيمها في الترويج للمذهب بدءا من سنة 1979، متأثرا بالثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه في العام نفسه.