في 14 تشرين ثانٍ/نوفمبر 2017، أثار تحقيق صحافي مصوّر في ليبيا ضجة كبيرة حول العالم، حيث أظهر مزاداً علنياً يُباع فيه الرجال.
هؤلاء الرجال شقّوا طريقهم من دول أفريقيا، عبر ليبيا، وأيديهم على قلوبهم أملاً في "الجنة" التي تنتظرهم في الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، حيث الشواطئ الأوروبية.
وإذ كان الأمر مجرّد شائعات، من دون برهان ماديّ، شهدت مراسلة "سي ان ان" على عملية بيع 12 رجلاً نيجيرياً وكان يطلق عليهم "البضاعة" بينما تم تصوير بيع رجلين بشكل سري يبدوان في العشرينيات من عمرهما، في مزاد علني، كل واحد مقابل نحو 800 دولار.
لـ"الجنة" حُرّاس، وعلى الساحل المقابل (ليبيا) أحلام تتكسّر بعد اعتقال المهاجرين وتعنيفهم وحتى بيعهم. فليبيا محطة رعب بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين كما هو البحر تماما، الذي لا يشبع من ابتلاعهم ثم يلفظهم جثثاً على الشواطئ أو يلقي بهم لمحطة رعب أخرى، هي سجون الدول التي قصدوها.
انتشال أكثر من 30 جثة لمهاجرين في الخمسhttps://t.co/FxIr511Dp5#ليبيا#قناة_ليبيا pic.twitter.com/Shx7rFAtjF
— قناة ليبيا (@LibyasChannel) July 27, 2019
وفيما يلي أبرز الأحداث بعد الكشف عن الاتجار بالبشر في ليبيا:
1- أطلق الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة رسمياً فرقة العمل المعنية بحالة المهاجرين الذين تقطعت بهم السّبل في ليبيا في كانون أول/ ديسمبر 2017، واتفقت هذه المنظمات على تنسيق مواقفها من أجل تعزيز المبادرات الأفريقية والأوروبية والدولية الرامية إلى خفض الطلب وتعطيل سلاسل الإمداد ومقاضاة مهربي المهاجرين والمتجرين بالبشر.
وحتى آب/ أغسطس 2018 كانت فرقة العمل قد يسرت العودة الإنسانية الطوعية لما عدده 26000 شخص عن طريق المنظمة الدولية للهجرة وقيام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإجلاء 1600 شخص بحاجة إلى حماية دولية. (مجلس الأمن)
2- 8/6/2018 اتخذ مجلس الأمن عقوبات بحق 6 أشخاص يترأسون شبكات تمارس الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في ليبيا. وكانت أول خطوة من نوعها في تاريخ الأمم المتحدة.
وتم تجميد عالمي على أصول المعنيين الستة ومنعهم من السفر، وهم: مصعب أبو قرين ومحمد كشلاف وعبد الرحمن ميلاد وإيرمياس جيرماي وفيتيوي عبد الرزاق وأحمد عمر الدباشي.
جوانب قانونية من دول عربية
2- 29/10/2018 نقلت إذاعة بلجيكية عن مصدر مقرب من ملف الأموال الليبية المجمدة قوله إن "الحكومة البلجيكية لعبت دوراً في تمويل الميليشيات الليبية المسؤولة عن الاتجار بالبشر. (اقرأ من المصدر)
3- 25/4/2019 أشار تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى استمرار الظروف المأساوية التي يعيشها المهاجرون الأفارقة المحتجزون في مراكز ليبية، وكان بعض المهاجرين المقيمين فيها أكد سابقاً لـ"سي ان ان" تعرضهم للضرب والتعذيب والبيع.
وقالت "هيومن رايتس" في تقريرها "منذ 2015، أسهم الاتحاد الأوروبي في الانتهاكات بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا من خلال دعمه لحرس السواحل الليبي المتحالف مع حكومة الوفاق الوطني، الذين يسلمون كل من ينقذونه أو يعترضونه لمراكز الاحتجاز التعسفية في ليبيا".
وأضافت: "يوجد نحو 6 آلاف مهاجر وطالب لجوء في مراكز الاحتجاز، وفق أرقام الأمم المتحدة، منهم أكثر من 3 آلاف شخص معرض للخطر الناتج عن معارك السيطرة على طرابلس. ويُحتجَز المعتقلون لأجل غير مسمّى دون مراجعة قضائية ويتعرضون لخطر الانتهاكات الجسيمة مثل التعذيب، والحرمان من الطعام، والرعاية الطبية، والعمل القسري، والابتزاز، والعنف الجنسي".
كتاب جديد يكشف المزيد
في كتابه "الاتجار بالبشر: بزنس الهجرة والعبودية الحديثة"، ركز يان-فيليب شولتز على ظاهرة الاتجار بالبشر من أفريقيا إلى أوروبا وكيف أصبحت صناعة قائمة بحد ذاتها.
وخلُص شولتز إلى أن تلك الصناعة "تطورت في السنوات الأخيرة"، ولا يعزوها إلى الاستثمار الأوروبي في ضبط الحدود أمنياً والعلاقات التجارية الاستغلالية بين الشركات الأوروبية والنخب الأفريقية الفاسدة فقط، بل إلى التواطؤ الأوروبي مع النظم القمعية في القارة السمراء أيضا. (مهاجر نيوز 2019).
يقول الكاتب وقد قضى سنوات مراسلا لمؤسسة "دويتشة فيله" الألمانية في جنوب الصحراء الكبرى "التقيت مهاجرين كانوا محتجزين في مراكز الاعتقال الليبية وبدت عليهم آثار الحروق والجروح العميقة. كما تعرضت الكثير من النساء للاغتصاب والاستغلال الجنسي. وسمعت قصصاً عن نساء تم عرضهن للبيع بالمزاد العلني في أحد السجون الخاصة تلك في جنوبي ليبيا. وانتهى المطاف بتلك النسوة المبيعات إلى الدعارة، إما في ليبيا أو في أوروبا".
ويضيف شولتز حول الاتجار بالنساء لأغراض جنسية أن مأساتهن "تبدأ في بلدهن الأصلي حيث ينشط المتاجرون بالبشر بشكل مباشر، خصوصا نيجيريا. يلجأ المتاجرون إلى طقوس دينية لخداع النساء وتقديم الوعود بتأمين إيصالهن إلى أوروبا بالمجان. وفي الطريق يخضعن لمراقبة لصيقة أكثر من الرجال الذين يسافرون على مراحل".
وحال الوصول إلى أوروبا "يتم إجبار النساء على ممارسة الدعارة بموجب عقد عبودية، يتوجب على النساء بمقتضاه كسب 40 ألف يورو من عملهن بالدعارة حتى يحصلن على حريتهن". حسبما نشر موقع "مهاجر نيوز" في مقاله المترجم.