لم يوقع العالم على اتفاقية لمكافحة الاتجار بالبشر إلا سنة 2000 (بروتوكول باليرمو). وتأخر تنفيذ هذه الاتفاقية ثلاث سنوات أخرى حتى ديسمبر 2003.
قبل هذا، لم يكن لجريمة الاتجار بالبشر تعريف واضح. وغالبا ما كانت تتداخل مع جرائم أخرى مثل العبودية وتهريب البشر.
ويقصد بـ"الاتجار بالأشخاص"، وهو التعبير الذي اعتمدته الاتفاقية، "تجنيد أشخاص أو نقلهم.. بواسطة التهديد بالقوة.. أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف.. لغرض الاستغلال".
وتشمل بعض أشكال هذا الاستغلال إجبار الضحايا على الدعارة أو السخرة أو الاسترقاق أو نزع الأعضاء.
وبعد 20 عاما على الاتفاقية، ما تزال منظمة العمل الدولية تقدر عدد ضحايا العمل القسري (أحد أشكال الاتجار بالبشر) في العالم بـ21 مليون شخص، بمن فيهم ضحايا الاستغلال الجنسي.
النساء.. الضحية الأولى
تصدر الأمم المتحدة منذ سنة 2009 تقارير دورية (كل سنتين تقريبا) عن حالة الاتجار بالبشر في العالم، عبر مكتبها المعني بمكافحة المخدرات والجريمة.
في آخر تقرير، صدر نهاية سنة 2018، تظهر النساء بوضوح في مقدمة ضحايا الاتجار بالبشر بنسبة تفوق الثلثين (%49 للنساء + %23 للفتيات). وهو ما يفسر أيضا أن الاستغلال الجنسي ما يزال الهدف الرئيسي للاتجار بالبشر بنسبة 59 في المئة.
ويعتمد التقرير على إحصائيات تم جمعها ابتداء من سنة 2016 (تاريخ التقرير السابق).
وقبل 10 سنوات من الآن، كان الاستغلال الجنسي أيضا أكثر أشكال الاتجار بالبشر شيوعا، لكن بنسبة أعلى: 79 في المئة.
لكن تقرير 2009 وثق، ولأول مرة، أن النساء لم يكن ضحايا للاتجار فقط، بل "مُتجرات" أيضا. وقال التقرير حينها إن دور النساء في مجال الاتجار بالبشر أبرز من دورهن في معظم أشكال الجريمة الأخرى.
وكان ملفتا أيضا أن التقرير نبه إلى حالات يصبح فيها الضحايا السابقون متّجرين بالبشر.
أما الشكل الثاني للاتجار بالبشر الأكثر انتشارا فهو العمل القسري. وقدر ارتفع من 18 في المئة سنة 2006 إلى 34 في المئة في آخر تقرير. ويشمل العمل القسري (أو السخرة) الاشتغال قسرا في الزراعة أو البستنة أو البناء أو المطاعم.. إلخ.
وتعتمد التقارير الأممية، منذ 2009 وحتى الآن، على الإحصائيات الرسمية التي تقدمها الدول الأعضاء والمبنية على الحالات المعروفة، وإلا فإن "التقديرات تشير إلى حقيقة أن هناك ملايين البشر في ربقة هذه الممارسات المشينة في العالم"، تقول المنظمة الأممية.
وورد في تقرير 2009 أنه تم الكشف عما يزيد على 21 ألف ضحية عام 2006 في البلدان التي أبلغت بيانات عن الضحايا في تلك السنة (111 بلدا).
ولا يختلف الأمر كثيرا في تقرير 2018، فقد بلغ عدد الضحايا 24 ألفا وهو رقم قياسي حسب مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة (142 بلدا قدم معطيات).
أما العدد الإجمالي لضحايا الاتجار بالبشر (الحالات الموثقة رسميا) منذ سنة 2003 إلى الآن، فناهز حسب المكتب الأممي 225 ألفا.
سباق مع الزمن
تخوض الأمم المتحدة، منذ دخول بروتوكول باليرمو حيز التفيذ، سباقا مع الزمن لمكافحة الاتجار بالأشخاص. لكن العقبة الأساسية أن هذه الجريمة تبقى بلا عقاب في الكثير من الأحيان.
تقول الأمم المتحدة إن أربعة بلدان فقط من ضمن عشرة صدرت بها 10 أحكام إدانة أو أكثر سنويا في الفترة بين 2010 و2012.
يحدث هذا رغم أن معظم دول العالم تشير قوانينها إلى الاتجار بالبشر كجريمة محددة، وفقا لبروتوكول الأمم المتحدة.
فحسب تقرير سنة 2009، اعتمدت 63 في المائة من الدول قوانين لمكافحة الاتجار بالأشخاص في السنوات الخمس الأولى لدخول بروتوكول باليرمو حيز التنفيذ.
ومع ذلك، يشير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقريره لسنة 2008 إلى أن العدد الإجمالي للإدانات يبقى متدنيا جدا.
ويدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة برنامجا عالميا لمكافحة الاتجار بالأشخاص (GPAT). يدعم البرنامج الدول الأعضاء لمنع وملاحقة الجريمة وحماية حقوق الضحايا.
وحسب الأمم المتحدة، أتاح مكتبها لمكافحة الجريمة أيضا قاعدة بيانات لقضايا الاتجار بالبشر تتضمن معلومات عن أكثر من 1000 من المحاكمات الناجحة والإدانات في 83 دولة.
وفتحت الأمم المتحدة كذلك صندوقا لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر، يقدم مساعدات إنسانية وقانونية ومالية لحوالي 2000 ضحية سنويا.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010 خطة عمل عالمية مكافحة الاتجار بالأشخاص. وفي عام 2013، اعتمدت القرار رقم A/RES/68/192 الذي أقر يوم 30 تموز/يوليو من كل عام يوما عالميا لمناهضة الاتجار بالبشر.