حرق صور رئيس الوزراء الهندي وعلم الهند خلال احتجاجات في لاهور
حرق صور رئيس الوزراء الهندي وعلم الهند خلال احتجاجات في لاهور

على خلفية إلغاء نيودلهي مادة دستورية تمنح الحكم الذاتي لسكان إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، آلاف الهنود يفرون من الإقليم بعد تحذير أمني من وقوع هجمات مسلحة ضدهم.

ويحذر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من احتمال اندلاع حرب بين بلاده والهند.

في هذه الأثناء، قالت الشرطة الهندية إن متظاهرا كشميريا قتل خلال فترة حظر التجوال الذي تفرضه القوات الأمنية على الجزء الخاضع لسيطرتها من كشمير، على خلفية قرار إلغاء الحكم الذاتي الممنوح للإقليم.

​​

​​

ما الذي تتضمنه المادة 370؟

أعطت (المادة 370) من الدستور الهندي وضعا خاصا لولاية كشمير وجامو.

تعطي هذه المادة علما خاصا واستقلالية في كل شؤون الإدارة عدا شؤون الخارجية والدفاع والاتصالات، فيما تسمح (المادة 35)، التي أضيفت إلى (المادة 370) بقرار رئاسي في عام 1954، للسلطة التشريعية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بتحديد "المقيمين الدائمين" في الولاية وما الذي يميزهم.

وأصدرت لكل السكان المعروفين في المنطقة شهادة إقامة دائمة، تعطيهم بعض الامتيازات في الوظائف والتعليم، فضلا عن امتيازات أخرى.

لكن الفائدة الأكبر التي يجنيها المقيمون الدائمون هي حق التملك وشراء العقارات في الولاية.

من هم المشمولون؟

يشمل في امتيازات المادة 35 كل من كان يعيش في الولاية لحظة تطبيقها في 14 مايو/ أيار 1954، وكل من عاش في الولاية لمدة عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ.

ويمكن للهيئة التشريعية في الولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم أو أي جوانب أخرى تتعلق بذلك بإصدار تشريع ينال غالبية ثلثي الهيئة.​​

قوات هندية تحتجز كشميريين خلال غارة في عام 1993

​​

لماذا التخوف من إلغاء المادة 370؟

يرفض معظم سكان إقليم كشمير العيش تحت إدارة الهند، ويفضلون الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان.

ويشكل المسلمون في ولايتي جامو وكشمير الخاضعتين للإدارة الهندية أكثر من 60 في المئة من نسبة السكان، مما يجعلها الولاية الوحيدة داخل الهند ذات الغالبية المسلمة.

وبدأت حالات العنف بالظهور في الولاية منذ عام 1989، وتجددت في عام 2016 بعد مقتل الزعيم المتشدد برهان واني، الذي كان يمتلك شعبية كبيرة بين جيل الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم عمره الذي لم يتجاوز (22 عاماً).

وأدى تفاقم المشكلة إلى ارتفاع معدلات البطالة والشكاوى من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن التي تواجه المتظاهرين والمتمردين في الشوارع.

وأغلقت الحكومة الهندية خلا ل الأيام الأخيرة معظم وسائل الاتصال بالعالم الخارجي في كشمير، بما في ذلك الإنترنت والهواتف النقالة وشبكات الخطوط الأرضية.

كما نشرت آلاف القوات في المنطقة، وسط مخاوف من أن تؤدي إجراءاتها إلى اضطرابات.

​​

​​

هذه التطورات التي وصلت إلى الغاء الحكم الذاتي الممنوح لكشمير، دفعت برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى التحذير من احتمال اندلاع حرب بين بلاده والهند.

وقال خان في كلمة له الثلاثاء -خلال جلسة طارئة للبرلمان في العاصمة إسلام آباد لمناقشة القرار الهندي- إنه يخشى أن يقوم الكشميريون الغاضبون من قرار الهند بشن هجوم على قوات الأمن الهندية، وتُحمل نيودلهي باكستان المسؤولية عنه.

وأضاف أنه "إذا ردت الهند على ذلك بتنفيذ ضربة عسكرية داخل بلاده، فإن ذلك يفتح المجال أمام إمكانية اندلاع حرب".

وشدّد عمران خان على أن بلاده ستقاوم الخطوة الهندية في كل منبر، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والجنائية الدولية، معتبرا إلغاء الوضع الخاص لكشمير "محاولة لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة، وهو تحرك غير قانوني بموجب القانون الدولي".

وأتهم خان نظيره الهندي ناريندرا مودي بانتهاك القانون الدولي بشكل سافر "لتحقيق أجندة معادية للمسلمين في الهند".

وبدأ البرلمان الباكستاني ومجلس الشيوخ الثلاثاء جلسة طارئة بدعوة من الرئيس الباكستاني عارف علوي لمناقشة الخطوة الهندية.

​​

​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

يحتفل العالم باليوم الدولي للسلام في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام.
يحتفل العالم باليوم الدولي للسلام في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام.

يحتفل العالم باليوم الدولي للسلام في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام. أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الموعد ليكون يوماً مخصصاً لتعزيز قيم السلام في كل أنحاء العالم. وذلك عبر الاحتفال لمدة 24 ساعة من اللاعنف ووقف إطلاق النار. في هذا السياق، اشتهر ربط هذا اليوم بشعار السلام الشهير الذي تظهر فيه حمامة تحمل غصناً من أغصان الزيتون في منقارها. ما علاقة الحمامة بالسلام في الأديان والحضارات القديمة؟ وكيف ارتبطت رمزية ذلك الطائر الوديع بمعاني الخير والنماء والخصوبة في العديد من الأديان؟ وكيف تم ترسيم تلك الصورة في القرن العشرين لتصبح شعاراً عالمياً للسلام بين الدول؟

في الحضارات القديمة

جرى الربط بين الحمامة ومعاني الخير والسلام في العديد من الحضارات الإنسانية القديمة. في العراق القديم، رمز الحمام لبعض من كبار الآلهة. ومنها الإلهة إنانا الهة الحب والجنس والحرب. وفي بلاد الشام القديمة كذلك، اُستخدم الحمام كرمز للآلهة الكنعانية عشيرة/ عشتار إلهة الأمومة والخصب والنماء. في مصر القديمة أيضاً، حظي الحمام بمكانة مهمة في الميثولوجيا والوجدان الجمعي. نقش المصريون صور الحمام على جدران معابدهم. كما اعتادوا على تربية هذا الطائر الوديع في أبراج مصنوعة من الفخار والطين.

في بلاد اليونان القديمة، ظهرت الحمامة كرمز لبعض الآلهة. وارتبطت بشكل خاص بأفروديت إلهة الجمال. توجد الكثير من الصور والتماثيل التي جسدت أفروديت وهي تحمل حمامة مقدسة. كما ورد في الميثولوجيا اليونانية أن الحمام كان يجر عربة أفروديت. تحكي الأسطورة أن أفروديت كانت تتسابق مع ابنها إيروس إله الحب في قطف الزهور ليفوز من يجمع العدد الأكبر منها. کاد إیروس أن يفوز في تلك المسابقة. لولا أن تطوعت حوریتان لمساعدة الإلهة أفروديت ففازت. هنا غضب إله الحب. فقام بتحويل الحوريتين إلى حمامتين. فجعلتهما أفروديت تجران عربتها مكافأةً لهما. في السياق نفسه يذكر الباحث السوري فراس السواح في كتابه "لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة" أن ارتباط الحمام بمشاعر الحب والرومانسية في الحضارة اليونانية قد تم ترسيخه من خلال الإله كيوبيد "...فهو الإله الحمامة، الذي يطير دوماً بجناحين أبيضين فيرمي بسهامه قلوب البشر ليزرع فيها الحب والعشق".

ارتبطت الحمامة بالمعاني نفسها في باقي الحضارات شرقاً وغرباً. ففي الأساطير الهندوسية، ظهر إله الحب "كاماديفا" وهو يطير على ظهر حمامة. كذلك ارتبط الحمام في الهندوسية بتحقيق الأمنيات والأحلام. بحسب التقليد يزور الهندوسي أحد المعابد ويصلي طلباً لقضاء حاجته. إذا ما قضيت تلك الحاجة، يأتي الهندوسي بحمامة ويطلقها لتطير في الهواء، معلناً بذلك عن فرحه باستجابة الآلهة لطلبه. أيضاً، عرفت حضارة الأزتيك القديمة في المكسيك الحمامة كإلهة للحب والسلام.

ارتبطت الحمامة بالسلام في الميثولوجيا الخاصة بشعوب أسيا الوسطى. يُحكى أن ملكين خرجا لقتال بعضهما البعض. وقبل اندلاع المعركة أمر أحد الملكين خدمه بإحضار خوذته، فأخبره الجنود أن حمامة بنت عشها داخلها. رفض الملك أن يزعج الحمامة. فترك الخوذة وانطلق لميدان المعركة. عندما رأى الملك الآخر خصمه بلا خوذة سأل عن السبب. ولمّا عرف تيقن عندها من رحمة خصمه فتفاوض معه وعقد الطرفان اتفاقية سلام.

في اليهودية والمسيحية

ظهرت الحمامة في العهد القديم في قصة نوح والطوفان العظيم. يذكر الإصحاح الثامن من سفر التكوين أن الحمامة هي التي بشرت نوح بنهاية الطوفان وانحسار المياه عن بعض مواضع الأرض. بحسب ما يذكر السواح في كتابه، ظهرت الحمامة في تلك القصة "كرمز للبشارة الكبرى بالحياة الجديدة فوق كوكب الأرض. فبعد أن هدأ الطوفان الكبير الذي غمر الأرض وقضى على مظاهر الحياة فيها، أطلق نوح حمامته لاستطلاع الأرض. فعادت وفي منقارها غصن زيتون أخضر، دلالة على انخفاض مستوى المياه وظهور رؤوس الجبال الخضراء…". بقيت صورة الحمامة التي حملت غصن الزيتون حاضرةً في الوجدان الإنساني الجمعي على مر القرون. حتى تم ترسيمها حديثاً كشعار للسلام بين البشر.

في المسيحية، حظيت صورة الحمامة بالعديد من الرمزيات المرتبطة بمفردات الدين المسيحي. تذكر بعض التقاليد المسيحية الغربية أن حمامة هبطت من السماء على عصا القديس يوسف النجار، وهو ما أعتبر إشارة إلى زواجه من مريم العذراء فيما بعد. من جهة أخرى، تحدث العهد القديم كثيراً عن تمثل الروح القدس في شكل حمامة. جاء في الإصحاح الثالث من إنجيل متى عند الحديث عن معمودية المسيح على يد يوحنا "فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ". يقول تادرس يعقوب ملطي في كتابه "الكنيسة بيت الله" معلقاً على رمزية الحمامة في المسيحية: "أولاً أن الحمامة في أغلب استخدامها ترمز لحضرة الروح القدس، إذ وجدت فى أيقونات وصور بشارة السيدة العذراء وصور معمودية السيد المسيح، وثانياً ترمز الحمامة لفضائل المؤمنين كعطايا الروح القدس خاصة السلام والوداعة والنقاوة".

من جهة أخرى، رمزت الحمامة في بعض الأحيان للكنيسة نفسها. كما رمزت في أحيان أخرى للسيدة مريم العذراء أم المسيح. والتي عُرفت باسم "الحمامة الحسنة".

في العصر الحديث، ارتبط ظهور حمامة أو سِرب حمام في السماء ليلاً بتجلي السيدة العذراء فوق قباب بعض الكنائس القبطية في مصر. وكانت أشهر هذه الحالات ما وقع في سنة 1968م في كنيسة العذراء مريم بالزيتون في العاصمة المصرية القاهرة. علق البابا شنودة الثالث، البابا السابق للكنيسة القبطية المصرية على ارتباط الحمام بظهورات السيدة مريم فقال: "العذراء تظهر ككتلة نور أيضاً، ولكن لها ملامح، والحمام الذي يظهر أيضًا يكون منيراً، وليس حماماً عادياً، والنور الذي يظهر يكون مُبهِراً ورائعاً، غير الأنوار العادية".

في الحضارة الإسلامية

ارتبط الحمام بإحدى أشهر القصص التي وردت في أحداث هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة. جاء في كتب "البداية والنهاية" لابن كثير، و"كنز العمال" للمتقي الهندي، و"الدر المنثور" لجلال الدين السيوطي أن النبي وأبا بكر الصديق كان يختبئان في غار ثور أثناء رحلة الهجرة. ولحق بهما أهل مكة ووقفوا عند باب الغار. وكادوا أن يدخلوا ولكنهم امتنعوا عن ذلك لمّا رأوا حمامتين راقدتين أمام الغار. يعتقد الكثير من المسلمين أن الحمام الذي يعيش حول الكعبة حالياً من نسل الحمامتين اللتين رقدتا أمام غار ثور منذ أربعة عشر قرناً. يُعرف هذا الحمام باسم "حمام الحما". ويحظى بمعاملة خاصة، إذ لا يجوز للمحرم أو غير المحرم قتله، ويستوجب قتله الفدية.

بشكل عام، احتفت الثقافة الإسلامية بالحمام. واعتبرته بشيراً لكل ما فيه خير وسعادة. ورد في كتاب "تفسير الأحلام" لابن سيرين أن من يرى في المنام الحمام يطير نحوه ويتجه له أو يجلس على كتفه أو صدره أو على يديه، فتلك الرؤية تبشر بالخير والبركة والفرح والسعادة والأخبار السارة.

أيضاً، ارتبط الحمام بمعاني الحب والرومانسية والسلام في الشعر وكتب الأدب عند المسلمين. على سبيل المثال يذكر الباحث حسن جبار شمسي في دراسته "الحمامة بوصفها رمزاً للمرأة في الغزل الأموي": "اوحت الحمامة في قصيدة الغزل العربية بمعاني الحب والصبوة وكان لها علاقة بموضوع العشق فارتبطت بالمرأة أقوى الارتباط، وكانت صورة لها، كما ارتبطت بمحور أساسي من محاور تجربة العشق، هو الحزن والفقر ولهذا فقد اكتسبت الحمامة جانباً عاطفياً خاصاً...". يمكن أن نتأكد من ذلك الاستنتاج من خلال ملاحظة عنوان واحد من أشهر كتب الفقيه الشهير ابن حزم القرطبي. كتب الفقيه الأندلسي في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي كتاباً عن قصص الحب والعشق وسماه "طوق الحمامة في الألفة والأُلاف". وتحدث في بعض مواضع الكتاب عن اتخاذ الحمامة رسولاً بين العاشقين والمحبين. فقال: "وإني لأعرف من كانت الرسولَ بينهما حمامةٌ مؤدبة، ويُعقَدُ الكتابُ في جناحها…". من جهة أخرى، رمزت الحمامة للحكمة في قصة "الحمامة المطوقة" الواردة في كتاب كليلة ودمنة. كما اتخذ منها الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي في كتابه "الفتوحات المكية" رمزاً للحقائق الإلهية والواردات الصوفية.

حمامة بيكاسو

تم ترسيم صورة الحمامة التي تحمل غصن الزيتون لتصبح شعاراً للسلام في العصر الحديث. وقع ذلك في منتصف القرن العشرين على يد الرسام الإسباني العالمي بابلو بيكاسو.

تذكر بعض التقارير أن والد بيكاسو رسم لابنه لوحة "بيت الحمام" وعلقها على الجدار الداخلي للمنزل. وتحدى ابنه الصغير أن يرسم الحمامة بشكل دقيق. ولكن بيكاسو تمكن من رسمها بإتقان وهو في الثالثة عشر من عمره. بعدها قام بيكاسو برسم مئات اللوحات والتي يظهر فيها الحمام بأشكال متعددة. وكان السبب في ذلك شغفه بتربية هذا الطائر الصغير.

في سنة 1949م، تواصل الشاعر الفرنسي لويس أراغون مع بابلو بيكاسو. وطلب منه أن يرسم شعاراً للمؤتمر العالمي لمناصري السلام الذي أنعقد ما بين 20 و 25 إبريل سنة 1949م في باريس وبراغ. وافق بيكاسو ورسم لوحة "حمامة السلام البيضاء". بمرور السنوات اُعتمدت تلك اللوحة رمزاً وشعاراً للسلام في أغلب أنحاء العالم. وتوافق ذلك مع الإرث الوجداني الرمزي الكبير الذي احتلته الحمامة في الثقافات والأديان على مر التاريخ.