132 مليون شخص في 42 دولة يحتاجون للمساعدات الإنسانية خلال عام 2019، وفق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
توجد غالبية الاحتياجات الإنسانية في البلدان التي تعاني أزمات طويلة الأمد، لذا يبقى الحل الأبرز هو إيجاد حلول سياسية وإلا فإن الأزمات ستستمر، يقول مكتب الامم المتحدة.
أعداد كبيرة من المحتاجين يوجدون في الشرق الأوسط، حيث خلفت الحروب والصراعات ملايين المشردين والجوعى.
ومن إجمالي المحتاجين تنوي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات لنحو 94 مليون شخص. الأمر الذي يتطلب تخصيص أكثر من 21.9 مليار دولار لهذه السنة فقط.
ولا تشمل هذه الأرقام الأموال الضرورية لمساعدة المحتاجين في سوريا، إذ إن الخطة الخاصة بهذا البلد لم تتخذ حتى الآن.
ومع أخذ سوريا بعين الاعتبار تقدر الأمم المتحدة الاحتياجات الإنسانية لعام 2019 بـ25 مليار دولار.
وتعتمد الأمم المتحدة يوم 19 آب/أغسطس يوما عالميا للعمل الإنساني للإشادة بعمال الإغاثة الذين يجازفون بأنفسهم في مجال الخدمات الإنسانية، وحشد الدعم للمتضررين من الأزمات في جميع أنحاء العالم.
ومع استمرار النزاعات والحروب في المنطقة العربية، ترتفع أعداد الأشخاص المحتاجين للمساعدات الإنسانية وتتضاعف مشاكلهم يوما بعد يوم.
اعتماد كبير على المساعدات
في سوريا وحدها، تصل نسبة الاعتماد على المساعدات الإنسانية في المناطق المأهولة من 60 إلى 75% من إجمالي السكان البالغ أكثر من 25 مليون نسمة.
ويؤكد أسامة الحسن، وهو عامل في مجال الإغاثة بسوريا، أن "أعداد المحتاجين للمساعدات في ازدياد".
وقال الحسن لموقع (ارفع صوتك): "ظروف الحرب الدائرة في سوريا وقلة فرص العمل وارتفاع سعر الدولار دفعت الناس للبحث عن المساعدات التي تقدمها المنظمات العامة والمنظمات الإغاثية".
"الكثير من العائلات تعيش على المساعدات ولا سيما الأرامل ذوات الأطفال الصغار وذوو الاحتياجات الخاصة.. هؤلاء ينتظرون أهل الخير من أصحاب المبادرات الفردية والمنظمات الإنسانية"، يؤكد الحسن
ويوضح موظف الإغاثة السوري أن نحو 90% من سكان المخيمات والمناطق المنكوبة و60% من سكان المناطق المأهولة بحاجة ماسة للمساعدات التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة.
لكنه يؤكد أن الدعم الذي يقدم لهؤلاء "غير كاف ولا يصل منه إلى الناس سوى النصف بسبب بعض المحسوبيات وتجار الإنسانية على حساب الناس".
"هناك الاف العائلات ستموت من الجوع لولا حصولها على سلات غذائية من منظمات وفاعلي خير. مؤلم مشاهدتها وهي تنتظر في طوابير طويلة من أجل الحصول على الغذاء"، يقول أسامة الحسن.
وفي محافظة إدلب في شمال غرب سوريا ومحيطها حيث تسيطر فصائل جهادية على الأرض، يحتاج 2.7 مليون نسمة من أصل 3 ملايين لمساعدات إنسانية وفقا للأمم المتحدة.
ويعتمد غالبية هؤلاء بشكل رئيسي في تأمين الطعام والأدوية وسواها على مساعدات تقدمها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية بعد إدخالها عبر الحدود التركية.
احتياج يتجاوز الاستجابة
ولا تزال الاحتياجات الإنسانية داخل سوريا تتخطى الاستجابة الدولية.
منتصف آذار/مارس الماضي، تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، الذي انعقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، بتقديم مساعدات لسوريا وللاجئيها بقيمة سبعة مليارات دولار.
والعام الماضي وصلت إلى سوريا مساعدات تقدر بنحو 6.1 مليار دولار (هي الأعلى بين كل السنوات الماضية)، منها نحو 4 مليارات خارج قنوات الأمم المتحدة وبرامجها والبقية عبر قنوات المنظمة الأممية.
ومنذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية نيسان/أبريل 2019، لم تتلق الوكالات الرسمية الأممية المعنية بالوضع السوري سوى 217 مليون دولار، من أصل الإجمالي الذي طرحه برنامج الاستجابة والمقدر بـ 3.10 مليار دولار، وهذا التمويل الضعيف يمثل فقط 6.6%.
غير أن إجمالي ما تدفق من مساعدات إلى سوريا خلال نفس الفترة بلغ نحو 1.31 مليار دولار، وهو ما يمثل ثلث المبلغ المستهدف عام 2019، والمقترح من قبل الأمم المتحدة وبرنامجها.
العراق
لا يبدو الوضع أفضل حالا في العراق، حيث خلفت الصراعات والحروب التي شهدتها البلد منذ ثمانينيات القرن الماضي ملايين الضحايا والمتضررين الذين يحتاجون إلى نوع واحد على الأقل من أنواع المساعدة.
يقول الدكتور فالح نغميش، وهو باحث اقتصادي عراقي، إن العراق لا يعتمد على المساعدات الإنسانية الخارجية كثيرا، فـ"من عائدات النفط الدولة تشتري مواد غذائية وتقدمها للمواطنين بما فيهم المتضررين من الحروب".
لكن الخبير الاقتصادي ذاته قال إن أكثر من 5 ملايين شخص من أصل 40 مليون عراقي يحتاجون لمساعدات إنسانية سواء غذائية أو تعليمية أو صحية وغيرها.
وأشار إلى أن "نسبة الفقر تعادل 30%. وارتفاع عدد النازحين فاقم هذه النسبة".
وأوضح نغميش أن نسبة كبيرة جدا من سكان مدينة الموصل (محافظة نينوى) التي دمر الجانب الأيمن منها تماما بفعل الحرب على داعش بحاجة للمساعدات لا سيما النازحون الذين دمرت منازلهم فضلا عن الأيتام والأرامل.
ويفترض أن تسهم عائدات النفط في حلحلة جميع متطلبات المحتاجين العراقيين.
لكن البلد، الذي ينتج حوالي 4.3 مليون برميل يوميا، يعتبر من الدول الأكثر فسادا في العالم، وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية.
وقال نغميش: "خصصت الدولة في العامين الماضيين مبالغ مالية لمساعدة المناطق المتضررة التي شهدت الحرب، ولكن سادها الكثير من الفساد. حتى وزارة الخزانة الامريكية وضعت بعض الأشخاص ضمن القائمة السوداء لنهبهم أموال المساعدات".
ودفعت الأوضاع المعيشية الصعبة في مدينة الموصل، التي كانت معقل تنظيم داعش الإرهابي إلى ما قبل عام ونصف، إلى إطلاق مئات المبادرات التطوعية لمساعدة السكان.
الشاب خالد محمود أطلق مبادرة لمساعدة السكان الذين لا يستطيعون دفع ديونهم بدفعها بدلا عنهم.
يقول محمود "العمل الانساني لا يقتصر على إغاثة الناس هنا، بل يتجاوزه إلى كيفية خلق مسار بين العائلات الغنية والعائلات الفقيرة".
ويضيف لموقع (ارفع صوتك) "الذي يهمنا هي العوائل التي لا تستطيع دفع ديونها، قمنا بتسجيلها في سجل خاص ومن ثم شطب ديونها التي تكفل بها فاعلو خير وأغنياء".
ويؤكد أن أكثر من ألف عائلة استفادت من مبادراته المتعددة التي أطلقها في الموصل القديمة.