تسببت الحرب في اليمن في ارتفاع الفقر بنسب قياسية، فاقت 90% بنهاية 2018 مقارنة بـ 49% عام 2014.
تسببت الحرب في اليمن في ارتفاع الفقر بنسب قياسية، فاقت 90% بنهاية 2018 مقارنة بـ 49% عام 2014.

قبل الحرب في اليمن، كانت عادة عائلة باسم الحربي أن تتناول العصيد اليمني المشهور مصحوبا ببعض الدجاج والمرق.

اليوم، ما يزال العصيد وجبة العائلة المفضلة، لكن المرق والدجاج غابا عن المائدة. عوضهما شيء من الحليب والبصل.

"الفحسة" أيضا اختفى أهم ما فيها: اللحم. "نكتفي بالبطاطا والتوابل والمرق والخضروات دون لحوم. البعض يتناولها أحيانا بالأسماك المعلبة بدلا من اللحوم"، يقول باسم (42 عاما).

وتسببت الحرب في اليمن في ارتفاع الفقر بنسب قياسية، فاقت 90% بنهاية 2018 مقارنة بـ 49% عام 2014.

وخلال السنوات الثمانية الماضية، انزلق مزيد من اليمنيين إلى تحت خط الفقر الوطني المقدر بـ50 دولارا للفرد في الشهر (600 دولار في العام).

وتشتهر اليمن بالعديد من الوجبات الشعبية كالعصيد التي تحضر من خلط الدقيق والملح بالماء مع إضافة المرق والتوابل، و"السلتة" وهي خليط من الأرز والخضار والمرق والحلبة وتؤكل مع الخبز. لكن هذه الوجبات فقدت الكثير من مكوناتها بسبب الحرب الدائرة في البلاد.

"كل شيء تغير في حياتنا بما في ذلك الطعام"، يقول نزار صادق.

تناول نزار وجبة الغذاء ذلك اليوم (دجاج وأرز) في مطعم في صنعاء بثلاثة آلاف ريال. يقول إن سعر هذه الوجبة، كان قبل عام 2011، لا يتعدى 1200 ريال يمني ومعها حلويات.

ويتابع :"افتقدتُ السمك والصيادية. قبل الحرب كنت أتناولها وأسرتي في الأسبوع ثلاث مرات. الآن في الشهر مرتين فقط".

أما عبد العزيز الصنعاني (46 عاما)، الذي يمتلك محلا لبيع اللحوم، فيقول إنه كان يذبح قبل الحرب أكثر من 10 خرفان أما اليوم فلا يتجاوز أربعة.

"معظم الناس لم يعودوا قادرين على شراء اللحوم الطازجة واستبدلوها باللحوم المجمدة المستوردة رخيصة الثمن. والبعض أصبح يفضل الدجاج لانخفاض أسعارها"، يقول.

وفي مدينة صنعاء التاريخية هناك عدد من الأطباق التي افتقدتها الأسر على المائدة خلال سنوات الحرب.

يقول فايز أحمد، أحد سكان صنعاء القديمة، إن الحرب "غيبت المكسرات وبنت الصحن، والبريك (تصنع من الدقيق المحشي بالبيض والدقة)، وأيضا وجبة السوسي (خبز مفرون مقلي بالبيض)".

ويضيف "حتى موائدنا في رمضان نادرا ما تتضمن الكنافة والسمبوسة والحلويات والمشبك"، مشيرا إلى أن سعر البيضة الواحدة وصل إلى 60 ريالا مقارنة بـ20 ريالا عام 2011.

وتسبب الحرب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني،فوصل سعر كيلوجرام واحد من لحم الخروف إلى 6000 ريال (10.3 دولار أمريكي)، مقارنة بـ1500 ريال عام 2011.

وبلغ سعر لحم الدواجن المحلية 2500 ريال يمني للدجاجة متوسطة الحجم، مقابل 800 ريال قبل 2014.

وفاقم من سوء الوضع انهيار العملة المحلية أمام الدولار الذي وصل إلى 580 ريالا حاليا، فيما كان مستقرا قبل الحرب عند 215 ريالا.

علاوة على ذلك، تنصلت الأطراف المتصارعة من دفع رواتب 1.2 مليون موظف حكومي انقطعت رواتبهم منذ أكثر من عامين ونصف.

وبسبب الحرب أيضا، ارتفع عدد اليمنيين الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية إلى نحو 24.1 مليون شخص من أصل 27.5 مليون، منهم 11.3 مليونا معرضون لخطر المجاعة، وبحاجة ماسة للغذاء العاجل.​

أجبرت تلك المتغيرات اليمنيين على تغيير تقاليد الطعام التي تعارفوا عليها حتى باتت معظم العائلات تكتفي بالحد الأدنى من كميات الطعام والشراب، بعد أن كانت تنفق على ذلك مبالغ كبيرة.

وأفضت الضائقة الاقتصادية لتراجع عادات اجتماعية كمآدب العائلات الجماعية والأعراس، والولائم الجماعية التي كانت تقام في الأرياف والمدن في المناسبات المختلفة.

افتقدنا اللحم

توقفت أسرة محمد عبدالجليل، في العاصمة صنعاء، عن استضافة العائلة الكبيرة كل جمعة.

"كنا نلتقي على مائدة بمختلف أنواع الأطعمة"، يقول محمد. ويضيف: "بيتنا كان عامرا بالضيوف وأنواع الأطعمة، الآن أصبح هذا مستحيلا.. وإن تم، فالطعام يكون بكميات قليلة جدا مع تضييق دائرة المدعوين".

يقول محمد إنه "بالكاد ينفق على أسرته الصغيرة". "تركنا اللحم، ونادرا  ما نأخذ الدجاج لأنها أرخص ثمنا.. اللحم من زمان نسيناه ولا نتناوله إلا في العيد"​، يشدد محمد عبد الجليل.

وتؤكد ثريا ناصر، يمنية ثلاثينية تنحدر من أسرة متوسطة الدخل، قائلة "انتهى زمن الموائد العامرة، غيرنا عاداتنا الغذائية تحسبا للأيام الأصعب التي قد تواجهنا".

وتتابع لـ(ارفع صوتك): "كنت في السابق أعد لأطفالي حلويات وكعكا في المنزل ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا، الآن كل شهرين ثلاثة أشهر مرة واحدة. حتى الفواكه والمقبلات هجرناها".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.