لوحة "الحريم " للفنان الإنجليزي جون فريدريك لويس، رسمها عام 1860
لوحة "الحريم " للفنان الإنجليزي جون فريدريك لويس، رسمها عام 1860

أثار الداعية الإسلامي عبد الله رشدي نقاشاً، أمس الاثنين، حول موضوع السبي والرق في الإسلام، في صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك".

ونشر في تويتر أن "السبي ليس اغتصاباً وما تفعله داعش اغتصاب وليس سبيا؛ كل الحضارات تفرق بين مصطلحي السبي والاغتصاب، فقبلوا الأول وجرَّموا الثاني، وجاء الإسلام فضيق الدائرة فلا جرم في المنِّ وإلغاء السبي، والإلحاد يناقض نفسه في رفض السبي، فالطبيعة الأم لم تعطنا منهجاً يشتمل على تجريم السبي أو قبوله."

وانتقل النقاش من السّبي والاغتصاب إلى العلاقة الجنسية بين المرأة وزوجها، وخلال ذلك هاجم العلمانيين، باعتبارهم يعتمدون على نماذج غير مثبتة تاريخياً، وبأنهم "مفسدون".

 

 

من صفحة الداعية عبدالله رشدي

ثم وجّه كلامه للنسويّات قائلاً:

بداية، من هو عبدالله رشدي؟ 

يعرّف رشدي نفسه عبر موقع "إنستاغرام" بأنه "باحث في شؤون الأديان والمذاهب بالأزهر الشريف، والمتحدث الإعلامي لوزارة الأوقاف سابقاً". 

وفي صفحة رسمية، غير الحساب الشخصي، يتابعه فيها أكثر من مليون و800 ألف شخص، نشر عن حياته: "مواليد القاهرة عام 1984، قدَّم برنامج (القول الفصل) لإجراء المناظرات والحوارات بين الشيوخ والدعاة،  وبرنامجاً آخر على قناة الشباب، وقناة (الصحة والجمال)".

وأضاف "تم منعه من الخطابة من قبل وزارة الأوقاف المصرية مع الشيخ سالم عبد الجليل وآخرين، بعدما كان المتحدث الإعلاميَّ باسم وزارة الأوقاف وإمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة، بسبب التصريح بكفر غير المسلمين من النصارى واليهود حيث صرح أنه من بَدَهِيَّاتِ العقيدة الإسلامية، ما اعتبرته قيادات الأوقاف مثيرا لمشاعر مسيحيي مصر".

كما يقدم نفسه مفتياً، بحيث يجيب عن تساؤلات الناس في الأمور الدينية المتعلقة بحياتهم اليومية عبر موقع "Askfm".

ومجموع متابعي رشدي في مواقع التواصل (فيسبوك، تويتر، يوتيوب، إنستاغرام) قرابة مليونين ونصف المليون شخص، عدا عن مشاهدات بالملايين لمقاطع الفيديو التي يبثها، سواء بنفسه، أو عبر قنوات فضائية.

تحليل خطاب

النص الذي نشره رشدي في فيسبوك، وكان قبله في تويتر، يظهر فيه مفترضاً بشكل مسبق أن من ينتقد السبي والرق في الإسلام، هو إما ملحد أو علماني، هو لا يخاطب الجمهور باعتبار هذه الأمور قد تكون محل جدل بين مسلمين أساساً، كأنه يقول لك بشكل غير مباشر "إذا فكرت أنت غير مسلم".

كما يكرر استخدام مصطلحات مثل كافر وكفر، رغم أنها العبارات التي تستخدمها جماعات إرهابية لتبرير جرائمها داخل المنطقة العربية وخارجها.

يقول "القضية عند الملحد هي كيف يُبَرِّرُ الكُفْرَ لنفسِه، مع أنَّه لو أراد الحقَّ والتَّجَرُّدَ لما اقتطع نظامَ السَّبْيِ من سياقِه الزمني وسياقِه الحضاري".

رغم أن رشدي نفسه لم يجرد السبي من سياقه الزماني والحضاري الذي يقول عنه، فهو الآن في القرن الحادي والعشرين مقتنع تماماً بأن الرق والسبي جزء من العقاب المشروع من جيش لآخر، ويقارن بينه وبين ما قامت به داعش الذي اختطف النساء والرجال واغتصب الكثير من النساء باعتبارهن جوار وملك يمين، ورأى أن تصرف داعش "اغتصاب لا سبياً" لأن للسبي شروط:

يقول "وهؤلاء الذين تسترقهم داعش إما مسلمون والمسلم لا يجوز استرقاقه، وإما آمنون معاهدون من بلاد بيننا وبينهم سلام وعهد وهؤلاء كذلك لا يجوز استرقاقهم، وإما رعايا غير مسلمين لدولٍ إسلامية، وهؤلاء كذلك لا يجوز استرقاقهم لأنهم مواطنون

وفي منشوره بتويتر، اعتبر السبي محل موافقة من "كل الحضارات" وجعل تجريمه أو قبوله مائعاً في عبارة "الطبيعة الأم لم تعطنا منهجاً يشتمل على تجريم السبي أو قبوله".

وفعليا كان خطف الرجال والنساء شائعاً قبل الإسلام، ثم يتم بيعهم في سوق للعبيد، وهو ما استمر بعده رغم حث الإسلام على تحريرهم. 

وبرر الشيخ محمد متولي الشعراوي، السبي في الإسلام، وتولى الشعراوي منصب وزير الأوقاف لمصر. وجاء تبريره بأنه ممارسة الجنس مع الجارية هي استجابة وإشباع لغرائزها وسبباً في تحريرها!

وقال "حين يبيح الله للسيد أن يستمتع بها، يريحها من هذه الناحية (ممارسة الجنس)، ويُعلمها أنها لا تقلّ عن سيدتها امرأة أخرى وتتمتع به وأيضاً يريد المبالغة في تصفية الرق لأنه إن زوجها من غيره، فإنها ستبقى أمة ومن تنجبه يصبح عبداً، لكن منه هو، فمبجرد أن تنجب منه ولداً، حررت نفسها وحررت ولدها، يبقى زيادة في تصفية الرق ولا مش زيادة؟ إكرام لغريزتها (يقصد الجنسية) أم غير إكرام؟ ومع ذلك الحمقى يؤاخذون الإسلام على هذا".

لكن لماذا تسبى من الأصل إن كان سيتم تحريرها؟ وماذا عن حقها في اختيار الرجل الذي تنام معه؟ وماذا لو كان لها في بلدها عائلة وزوج وأولاد؟ وهل كل ما تريده المرأة هو الجنس وإنجاب الأطفال؟

رشدي يقول لنا إن الرق والسبي في الإسلام جائز وله شروطه، ويجب ألا يتم الجماع بالمرأة إلا إذا كانت راضية، لكن منطقياً، وفي زمن الجواري والعبيد، هل كان لهم رأي أصلا؟ وهل سينتظر مالكها وسيصبر حتى ترضى؟ خصوصاً أن الذي يريد الجنس معها كان بالأمس عدوّها وعدو بلادها وقومها؟ أين حرية الإنسان في تقرير مصيره؟

في مقابلة سابقة نشرها "ارفع صوتك"، قال الشيخ الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر، إن السبي "ارتبط بظروف تاريخية معينة وكان له أحكام خاصة وهذا الأمر غير موجود الآن في التشريع الإسلامي. ومن ثم فإن أي أمر يؤدى إلى السبي هو محرم ولا محل له في الإسلام."

وبالبحث عن العديد من آراء ومواقف الأئمة المسلمين أو الدعاة المؤثرين في مواقعهم، نجد هذه الصيغة التبريرية تتكرر، دون محاكمة السابق لإنهائه في أي وقت كان أو سيكون لاحقاً. 

كما أن أكثرهم، ومثال عليه رشدي، يقارنون الرق والسبي في الإسلام مع ما قبله سواء في شبه الجزيرة العربية أو مصر الفرعونية أو لدى أتباع الديانة اليهودية والمسيحية، باعتباره شيئاً مشروعاً من قبل، لكنه اختلف في الإسلام، بمعنى تم تحسين ظروف العبودية.

يقول رشدي "وإذا كان الإسلام حصر مصدر الرق في الحرب مع عدو ظالم فإنه بذلك في أوج العدل وقمة الإقساط، في زمن كانت الدول والجماعات تستبيح مبدأ خطف الناس هكذا واستعبادهم بلا حرب ولا شيء."

كما رأى رشدي المرأة باعتبارها وعاء مستقبل ومتلق فقط في العملية الجنسية، وبأنها تأثم إذا امتنعنت عن ممارسة الجنس مع زوجها، قائلاً "الامتناع سيزرع الضغينة في نفس زوجها الذي يرى امرأته تتمنع منه وهو قائم بحقوقه نحوها فتكسر خاطره دون مبرر. لأن الشرع يرفض الجفاء والبعد بدون سبب يبيح ذلك، فجعل المودة والرحمة أساس الحياة". 

وتلاه سؤال وجواب أكد نظرته هذه، التي تتماشى مع ما قاله الشعراوي سابقاً، وربما تقوم عليها كل هذه النقاشات منذ الزمن السابق للإسلام حتى اليوم، وهو تشييء المرأة والنظرة الدونية لها من قبل الرجل، الذي يعتبر أن رأيه ومشاعره هي الأهم بينما هي مجرد أداة ووسيلة لإمتاعه، وتبرير ملذاته الشخصية بأنها إشباع بالضرورة لملذاتها!

 

 

وبدا مصراً على نعت أي معارض لإجاباته أو منتقد لها بالعلماني، أو ما دعاه "العلمنجي" كنوع من السخرية، وأنهى النقاش بالتأكيد على ما قاله:

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.