العالم

كيف يرد الفقهاء على تبرير القاعدة قتل المدنيين؟

غمدان الدقيمي
10 سبتمبر 2019

يوافق غداً الجمعة، الذكرى التاسعة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك عام 2001.

قضى في الهجمات الإرهابية نحو ثلاثة الآف مدني من مختلف الجنسيات. ونفذ الهجوم 19 انتحارياً يتنمون لتنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن.

أُطلق على ذلك اليوم "الثلاثاء الأسود". وقام فيه الإرهابيون باختطاف طائرات مدنية على متنها مئات الركاب، وتحويل مسارها للاصطدام ببرجي مركز التجارة في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن.

ولم يتبن تنظيم القاعدة تلك الهجمات الإرهابية على الفور، لكنه في الذكرى الأولى (2002) أعلن في شريط فيديو رسميا مسؤليته عنها، قبل أن يظهر زعيمه أسامة بن لادن بعد عامين (أكتوبر 2004) ليؤكد شخصيا وقوف تنظيمه وراء الهجمات.

ومنذ 11 أيلول/ سبتمبر 2001، أخذت الهجمات الإرهابية في التصاعد، بدءا بتفجيرات الرياض 2003 و 2004، وهجمات الدار البيضاء 2003، وصولاً إلى مئات الهجمات التي لم تستثن الجوامع والأسواق الشعبية والمستشفيات في العراق وسوريا واليمن ومصر وباكستان وأفغانستان وغيرها.

وتستند التنظيمات التكفيرية إلى آراء فقهية وفتاوى دينية متطرفة تشرع قتل المدنيين في مسرح الهجمات.

القتل بحجة "التترس"

تركز الحجة الأخلاقية، التي لم تستثن حتى قتل المسلمين، عند جل هذه التنظيمات على فتاوى "التترس".

والتترس هو "احتماء العدو وتترسه بمن يحرم قتله من المسلمين وغيرهم، ليمنع عن نفسه سهام وصد المسلمين له".

في كتابه “الفتاوى الكبرى”، يقول ابن تيميه (المتوفى سنة 728هـ): "وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترس بمن عنده من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم”.

وللاستدلال على جواز قتل المرء لنفسه (عملية انتحارية) إذا كان في ذلك مصلحة، يورد ابن تيميه رواية عن النبي محمد حول قصة أصحاب الأخدود التي ذكرت في القرآن. وتتحدث القصة عن غلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين.

ويضيف ابن تيمية "لهذا، أجاز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين".

أيمن الظواهري يروج

روج أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة أكثر من مرة لتنفيذ عمليات انتحارية وصفها بـ"الاستشهادية".

وقال الظواهري، وكان حينئذ قائدا لجماعة الجهاد في مصر، عقب إحدى العمليات الانتحارية التي استهدفت السفارة المصرية في باكستان، وأوقعت قتلى مدنيين إن "هؤلاء الأبرياء من موظفين ودبلوماسيين وحراس هم أعوان الحكومة المصرية".

وفي كتابه "شفاء صدور المؤمنين"، دافع الظواهري عن جواز إيقاع ضحايا مدنيين في العمليات الانتحارية، مستشهدا بآراء وفتاوى ابن تيمية مجددا.

غير أن ما يروى من أحاديث وشواهد تاريخية لتبرير العمليات الانتحارية وقتل المدنيين يأتي في الحقيقة في سياق معارك بين جيشين محترفين بعكس ما هو عليه اليوم حيث يغيب العدو المفترض أصلا في التفجيرات التي تتم في عواصم إسلامية وغير إسلامية.

وعلى ضوء ذلك، كثيرا ما انتقد علماء وحتى منظرون جهاديون الحركات الجهادية نفسها على خلفية هذه التفجيرات، بينهم سيد إمام الشريف المعروف بالدكتور فضل وهو المنظر الرئيسي لجماعة الجهاد في مصر سابقا، وناجح إبراهيم القيادي السابق في الجماعة الإسلامية في مصر.

واتهم القياديان السابقان التنظيمات المسلحة، وعلى رأسها القاعدة، بـ "الإسراف في الاحتجاج بمسألة التترس لتوسيع دائرة القتل".

من أمهات الكبائر

يقول محمد فوزي، وهو أستاذ في جامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن "استخدام العمليات الانتحارية عمل مشين لا يقوم به مؤمن".

واعتبر فوزي أن الأعمال الانتحارية التي تستهدف المدنيين مسلمين أو غير مسلمين "من أمهات الكبائر التي حرمها الله حيث ذكر النبي الكبائر السبع فقال: وقتل النفس".

وأرجع فوزي في حديث سابق لـ"ارفع صوتك" انتشار الأفكار الانتحارية إلى ما أسماه "جرثومة الجهل والأمية الدينية التي يشهدها العالم العربي والإسلامي المعاصر".

ويعزو السبب الرئيس لهذه الأمية إلى "عدم إعطاء الفرصة لحوار حر بين الأجيال وبين الشباب والعلماء..."، مضيفا "لا يوجد ما يبيح قتل أي مدني، حتى لو كان معلوماً أنه كافر ويبطن في داخله كراهية الإسلام والمسلمين، ما لم يقاتل المسلمين ويخرج عليهم بالسلاح ويدبّر ضدهم ويحالف أعداءهم".

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.