احتجاج شعبي على قتل النساء في الضفة الغربية/ تصوير محمد سلوادي
احتجاج شعبي على قتل النساء في الضفة الغربية/ تصوير محمد سلوادي

هل تنتهي القصة هنا؟ أي بإعلان النائب العام الفلسطيني المستشار أكرم الخطيب عن سبب وفاة الشابة إسراء غريب، وهو الضرب والعنف الجسدي وإخضاعها لأعمال شعوذة، ونفي السبب الذي روّجت له عائلتها "السقوط عن شرفة المنزل" واصفاً إيّاه بأنه "ادّعاء لحرف مسار التحقيق في الجريمة".

كما نفى السبب الذي تم ترويجه في مواقع التواصل "قضية شرف".

ومنذ 24 آب/أغسطس الماضي، تحولت وفاة شابة إلى قضية رأي عام، لم يمل أو يكل جمهورها من تداول تفاصيلها أو مستجداتها بغية التوصل إلى الحقيقة، خلال 20 يوماً، لتنتقل من صفحات الفلسطينيين والمواقع الإعلامية المحلية للمواقع العربية والغربية، وتصبح بذلك أكبر حملة تشهدها البلاد.

وربما كان الدافع الأبرز للوصول إلى حقيقة موت الشابة العشرينية، من بلدة بيت ساحور في بيت لحم، هو محاولة إخفائها والتكتم أو المماطلة في الإجراءات الأمنية.

صمت الجهات الرسمية وامتناعها عن الحديث للصحافة واكتفاؤها بنفي ما يُشاع في مواقع التواصل، بالإضافة إلى تكتم الأهل سوى عن طريق أحد إخوة المغدورة الذي استلم حسابها في فيسبوك وبدأ ينشر من خلاله، إلى أن تحدث زوج أختها لكاميرا "وكالة وطن للأنباء" المحلية، بدت كلها عوامل مستفزة ومثيرة للجدل وأسهمت في زيادة وتيرة الدفع باتجاه الإفصاح عما يحاوَل إخفاءه.

ودفعت الحملة الشعبية وسائل الإعلام، وضغط المؤسسات النسوية، رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، للكتابة عن القضية، حين نشر عبر صفحته الرسمية في فيسبوك:

وكانت منظمات نسوية فلسطينية وجهت دعوات بالضغط تجاه "إقرار قوانين منصفة للمرأة (حماية الأسرة من العنف) وتوحيد مراكز الحماية والأنظمة القائمة عليها، والعمل على تغيير الثقافة المجتمعية لمجتمع خالٍ من العنف وتطبيق الاتفاقيات الدولية" وفق تصريحات إعلامية.

واليوم بعد إعلان سبب الوفاة، كتب د. اشتية "رحم الله إسراء غريب، تفاصيل مقتلها موجعة لقلوبنا، نعدها بالعدالة ونعد المتهمين بالقضية أيضا بالعدالة. لسنا قضاة، ومواقع التواصل الاجتماعي ليست محاكم. التحقيقات بالجريمة تمت وتتم بكل مهنية ومسؤولية، كل دليل صغير أو كبير تمت دراسته ومتابعته. ولدى النيابة العامة ملفات زاخرة بالمعلومات ستسلم للمحكمة بعد استكمال التحقيق، وهي الجهة الوحيدة المخولة بمحاكمة الناس".

وأضاف "هذه القضية بكل ما رافقها من ألم، ستكون درسا لنا بعدم السماح لها أن تتكرر مع أي ضحية أخرى، وهذا من خلال تعزيز منظومة تشريعات الحماية الأسرية، وتعزيز الوعي والثقافة المجتمعية حول ضرورة حماية أفراد الأسرة من العنف والإيذاء.

وخلال المؤتمر أعلن عن التحقيق مع ثلاثة مشتبهين في قتل إسراء، بأحرف أسمائهم الأولى، ليتم تأويلها بأنها أسماء إخوتها وزوج أختها.

ماذا بعد؟

رسمياً، سجلت السنوات الماضية عشرات جرائم القتل ضد النساء بدوافع مختلفة، بين الضفة الغربية وغزة، لكن الصدّى الذي لاقته لم يكن لافتاً كما كان مع إسراء غريب، فهل يمكن بعد ما حققه هذا الحشد الشعبي محلياً وعربياً، من تسليط الضوء على قضية إسراء وغيرها أن يفقد بريقه بمجرد الإعلان عن سبب الوفاة. 

ما زلت أتذكر شعورنا بالألم والفجيعة في غرفة الأخبار أنا وزملائي بمدينة رام الله، حين وصلنا خبر مقتل معلمة للغة الإنجليزية وأم لخمسة أطفال، اسمها صابرين عيّاد، بالسكين على يد طليقها في قاعة المحكمة الشرعية، لم يكن أكثر من ذلك مجاهرة ولا مبالاة بقتل النساء!

وكانت الإعلامية والناشطة النسوية وفاء عبد الرحمن كتبت في حينه "من قتل صابرين ليس طليقها وحده، بل أولئك المتفرجين عليه وهو يطعنها (11 طعنة)- لو تدخلوا من الطعنة الأولى لما ماتت!" ، فهل بعد كل ما حدث في قضية إسراء أن يعود الجمهور القديم المتفرج ويختفي جمهور المحتجين المطالبين بكشف الحقائق؟

صحيح، الكثير من الشائعات والأكاذيب والأخبار والصور الملفقة انتشرت ضمن الحملة، لكنه أمر طبيعي في غياب التصريحات الرسمية أو من عائلة المغدورة، وإن كان من أمر يُعوّل عليه فهو النفَس الطويل غير المعهود في حملات إلكترونية مشابهة.

وهنا أتذكر الحملة العالمية "أنا أيضاً Me too" التي استمرت شهوراً منذ نهاية تشرين ثان/ نوفمبر 2017، وأطاحت بكبار الشخصيات الفنية والسياسية والإعلامية. 

واذ يشكل اليوم الخميس 12 أيلول/ سبتمبر، نهاية للبعض وإتماماً للعدالة:

 

 

فإنه يعني للآخر، بداية للحد من ظاهرة الشعوذة، أو تسليط الضوء على جرائم مشابهة وأخرى يُطلق عليها "جرائم شرف" و "غسل العار" الشائعة في بعض المجتمعات العربية، وأيضاً بداية لمتابعة التحقيق في الجريمة حتى ينال المجرمون العقاب، بالإضافة لاعتبار المعلومات المعلَن عنها لا تزال غامضة أو ناقصة.

 

 

 

 

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.