سيدة بحرينية تضع شريطا على فمها يحمل كلمة "الديمقراطية" سنة 2003 في المنامة/وكالة الصحافة الفرنسية
صورة تعبيرية/ المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية

تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستويات متدنية في مؤشر الديمقراطية على مستوى العالم الذي تصدره وحدة "إيكونوميست إنتيليجنس" التابعة لمجلة "إيكونوميست" البريطانية.

في مؤشر عامي 2018 و2017 حصلت المنطقة على الرقم 3.54 وهو أضعف أرقام الأقاليم الجغرافية الواردة في التقرير، وجاءت على رأسه منطقة أمريكا الشمالية بمعدل 8.56.

يظهر الرسم البياني في هذه التغريدة، المنطقة العربية في ذيل القائمة حسب الأقاليم:

ويغلب على دول المنطقة طابع الشمولية والسلطوية، بواقع 14 من أصل 20 دولة.

ومن بين 30 دولة حول العالم في قائمة الديمقراطيات الكاملة لم تأت أي دولة عربية، بينما حلت تونس في المركز 63 عالميا والأول عربياً، في قائمة الديمقراطيات غير الكاملة، ثاني قوائم التصنيف، وهي الوحيدة عربياً التي حلّت في المراتب الـ99 الأولى.

واحتلت سوريا المركز قبل الأخير عالمياً بين 165 دولة، وقبلها عربياً جاءت السعودية (159 عالمياً)، واليمن (158 عالمياً)، وأتت الكويت على رأس الدول الخليجية في المركز 116، بينما حلت مصر في المركز 127.

ويعرف الرئيس الأميركي الأسبق إبراهام لينكولن الديمقراطية بأنها "حكم الشعب، يديرها الشعب، وتخدم الشعب".

وتعتمد الأمم المتحدة 15 أيلول/ سبتمبر يوماً دولياً للديمقراطية بهدف استعراض حالة الديمقراطية في العالم.

وتقول الأمم المتحدة إن القيم المتعلقة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ومبدأ تنظيم انتخابات دورية نزيهة بالاقتراع العام تشكل عناصر ضرورية للديمقراطية. والديمقراطية توفر بدورها تلك البيئة الطبيعية اللازمة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها على نحو يتسم بالكفاءة.

وتنص المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على  أن "إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجرى على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع، أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت".

تسألني عن الديمقراطية؟

يقر الباحث السوري محمد زرزور، بنتائج المؤشر العالمي، قائلاً "لا توجد ديمقراطية في سوريا وإن وجدت فهي صورية، ووسيلة للوصول إلى السلطة، فالنظام السوري والنخب السورية لا يؤمنون بالديمقراطية أبداً".

إذن كيف ترى هذا الأمر؟ يقول زرزور لـ "ارفع صوتك": "رأيي غير مهم، فما يحدث أكبر من الديمقراطية ذاتها".

وأضاف مستهجناً "تسألني عن الديمقراطية ونحن نُقصَف ونُقتَل بموافقة كل من يدّعي الديمقراطية؟".

في ذات السياق، قال الباحث السياسي المصري رامي شفيق إن "الواقع لا يمكن إنكاره، فثمة توافق بين النخب المصرية والسلطات المتعاقبة بانتفاء الإيمان بالممارسة الحقيقية للديمقراطية في مصر".

وأضاف شفيق لـ"ارفع صوتك" أنه "من الصعب العثور على مفهوم جامع للديمقراطية كما عرفتها التجارب الغربية، في أدبيات الأحزاب المصرية أو ممارسات السلطة في مصر، بالإضافة إلى تحدي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما يجعل التطبيق أصعب".

وقال "كما أن ثمة خصومة بين تنظيمات الإسلام السياسي ومفهوم الديمقراطية في كل السرديّات الخاصة بهم وتجاربهم في الحكم إبان ثورة يناير في مصر".

دولة "مريضة بالفساد"

ومن العراق يقول المحلل الاجتماعي والأستاذ في جامعة الموصل د. قصي رياض: "على مستوى الدولة يوجد سلطات وانتخابات لكن على مستوى الأفراد فربما يوجد تقييد أو بعضه في طرح الآراء والأفكار".

وهناك "إيمان مرحلي بالديمقراطية يشوبه بعض الخوف" وفق تعبيره.

وقال د. رياض: "نحن شعب نعيش فوضى عارمة على مستوى التنمية والتعليم وما زال الفساد ينخر في جسد الدولة... نظرياً نحن دولة لها سيادة وعملياً نحن دولة مريضة بالفساد".

من جهته، يقول المحلل السياسي ونقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبدالباري طاهر، إن المنطقة العربية "تشهد قمعاً شاملاً للحياة بما في ذلك مصادرة الديمقراطية".

وذكر طاهر أسباباً عدة لانعدام الديمقراطية في المنطقة، وهي: انتصار الاستبداد والطغيان والانقلابات العسكرية والخضوع للقوة العسكرية الطاغية فضلا عن الاستعمار الحديث والقديم.

وأضاف لـ"ارفع صوتك": "هناك تناقض حاد بين التغيرات الواقعة بين الشباب العربي في معرفة حقوقه ومطالبه، خاصة مطلب الحياة الكريمة، وبين بنية النظام العربي، الذي يعاني من الهشاشة بشكل يجعله عاجزا عن التفاعل الإيجابي مع هذا الجيل".

وقال طاهر إن الغلبة العسكرية "غيبت الحريات العامة تماماً وقمعت حرية الرأي والتعبير والديمقراطية وحرية التظاهر واستقلال الإعلام وحقوق المرأة والأقليات والفصل بين السلطات والحرية الحزبية، بالإضافة إلى الثروة النفطية الهائلة في بعض البلدان التي أثرت سلباً على طبيعة الأنظمة فيها".

ووصف ما تمر به المنطقة منذ عام 2011 وحتى الآن بـ"التحشيد لمواجهة الربيع العربي الذي كان يهدف إلى بناء دول مدنية ديمقراطية حديثة".

وقال طاهر إن "الحروب التي تقودها الرجعيات العربية والمال العربي بالتحالف مع الاستعمار دمر البلدان العربية".

ولكنّ المنطقة العربية "في حاجة أكثر من أي وقت مضى لديمقراطية حقيقية، لأن الحكم بإقصاء الآخرين لن يدوم طويلاً، إلا أنه إعاقة لروح الحياة وروح الحرية والتقدم" كما قال طاهر.

"التطرف الإسلامي"

وفق المحلل السياسي عبدالباري طاهر، فإن "التطرف الإسلامي هو سبب رئيس لغياب الديمقراطية في المنطقة".

كما شكلت القوى الإسلامية "عائقا أمام التحول الديمقراطي وكانت معادية للحريات العامة والحداثة والانفتاح على العصر، من خلال توظيف الدين واستخدامه في السياسة والحكم داخل المنطقة العربية، الشيء الذي لعب دوراً خطيراً جداً" حسبما قال طاهر.

وتطلق الجماعات الإسلامية المتطرفة على الديمقراطية وصف "صنم العصر"، مكنةً لها العداء الشديد.

وتستند هذه الجماعات إلى تنظيرات مفكرين معاصرين، مثل المصري سيد قطب، الذي رفض الاعتراف بأية إمكانية للتوافق بين الديمقراطية والإسلام، والسبب في أن "الحكم إلا لله".

في المقابل، انخرطت جماعات إسلامية عديدة في السلطات الحاكمة، باعتبار أن العملية الديمقراطية أحد أساليب "التداول السلمي للسلطة". 

ورغم التباينات والخلافات العميقة بين جماعات الإسلام السياسي السنية والشيعية، إلا أن كثيرا منها يجتمع في رفضه للديمقراطية.

في خطاب متلفز نهاية آب/أغسطس 2018، أكد زعيم جماعة الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي أن "ولاية أمر المسلمين ليست خاضعة للانتخابات".

وقال الحوثي الموالي لطهران "لو تركت المسألة إلى الاختيار البشري لكانت خاطئة جدا".

واستشهد بمجتمع مكة في صدر الإسلام، قائلاً إن "الأغلبية كانت إلى جانب أبي جهل وأبي سفيان ومكذبة بالرسول (محمد). لو قيل للناس انتخبوا، لاتجهوا إلى انتخاب أبي جهل أو أبي سفيان وكفروا برسول الله!".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.