"هو يوم مثل باقي الأيام لن يغير في الواقع شيئا"، قال الباحث السوري محمد عبدالله رداً على سؤال ماذا يعني لك اليوم الدولي للسلام؟
وأضاف مستهجناً "عن أي سلام تسأل! العنف لم يتوقف لحظة واحدة منذ سنوات.. ولا يقتصر على القتل والموت، بل يشمل السجن والتعذيب والخوف وضياع المستقبل وغيره".
ونفى عبدالله وجود "مبادرات شبابية فاعلة تدعو للسلام وتعزز قيمه والتسامح في المجتمع"، مضيفاً "الحرب دمرت كل شيء حتى النسيج الاجتماعي.. الجميع مُحبَطون هنا"
ويصف الوضع في بلاده بالقول "لا أحد من المتصارعين يريد السلام في سوريا، هي مسألة حياة أو موت، فناء أو وجود. أما الشباب، ثلثهم يقاتل مع مختلف الأطراف، وثلث هرب إلى أوروبا وتركيا، والبقية لم تسهم في إيقاف الحرب".
ومنذ عام 1981، تحتفل الأمم المتحدة وبلدان العالم كل 21 أيلول/ سبتمبر بهذا اليوم لتعزيز المثل العليا للسلام داخل الأمم والشعوب وفي ما بينها.
ماذا يحصل اليوم؟
تدعو الأمم المتحدة جميع الأمم والشعوب إلى وقف القتال في يوم 21 أيلول/ سبتمبر والاحتفاء به من خلال الأنشطة المعلوماتية وتوعية الجمهور حول قضايا السلام.
وتؤكد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 أن "لا سبيل إلى تحقيق التنمية المستدامة دون سلام، ولا إلى إرساء السلام دون تنمية مستدامة".
وانطلاقاً من هذه الروح، اتخذ مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة قراراتهما عام 2016 بشأن "الحفاظ على السلام".
وتوضح المنظمة الدولية بأنه ينبغي اعتماد نهج جديد شامل لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلات، ولتوطيد سيادة القانون، وتعزيز التنمية المستدامة، بالارتكاز على الحوار والاحترام.
وترى أن دعم التربية والتعليم، والنهوض بحرية التعبير، وترسيخ الحوار بين الثقافات، واحترام حقوق الإنسان والتنوع الثقافي، وتزايد التعاون العلمي مهمات رئيسية لبناء سلام مستدام.
جوانب مغيبة
يقول الإعلامي والناشط المدني مثنى الصالح إنه بجانب شباب آخرين، نفذوا خلال العامين الماضيين حملات مجتمعية كحملة العيد في الموصل، من شأنها ترسيخ السلام والتعايش ونبذ الطائفية والفرقة داخل المجتمع.
ويضيف الصالح لـ"ارفع صوتك" أنهم، قاموا ضمن حملات أخرى، بتوزيع الورود والحلويات إلى جانب قصاصات ورق دونّت عليها عبارات إيجابية تتعلق بالسلام المجتمعي وحب الوطن.
ويصف الوضع الراهن في العراق بأنه "متأزم"، قائلاً "نحن موجودون على شفا حفرة من الانهيار في ظل هذه الصراعات الطائفية، لذا فإن زراعة قيم السلام ضرورة ملحة، لكنها مغيبة ويجب أن يلتفت إليها صناع القرار".
ويرى الصالح أن خطاب صناع القرار في بلده "مناطقيٌّ" لا يشتمل على قيم تعزيز السلام، معللاً ذلك بـ"استشراء الفساد في الطبقة السياسية".
ويذكر أن "أموالاً ضخمة أنفقت على عمليات مد الجسور بين أوساط المجتمع، وغيرها من النشاطات، لكن دون جدوى!".
مبادرات طموحة
"حاولت أن أجمع العراق كله في تمثال واحد"، تقول الطالبة في جامعة الأنبار العراقية، سرور (24 عاماً).
وصممّت تمثالاً يرمز للسلام، تم نصبه وسط الرمادي بدعم من الأمم المتحدة.
تقول سرور لـ"ارفع صوتك": "نختار السلام لأننا نريد الوصل بين الناس، لكن تلزمنا معرفة كيف يفسر الناس، من مختلف الديانات والثقافات والخبرات مفهوم السلام".
في ذات السياق، ومن جامعة الأنبار أيضاً، تقول الفنانة نور (24 عاماً) عن معرض أقامته: "دعا معرضي للرسوم 17 شابة من الأنبار (أصغرهن عمرها 7 أعوام) لرسم كل ما يخطر في أذهانهن عن مفهوم السلام".
وكانت تلقت منحة لأجل مبادرتها المجتمعية "لمسة نساء الأنبار".
ننشد الاستقرار
من سوريا والعراق، إلى اليمن، نشاهد قنوات تلفزيونية رسمية وخاصة، تبث أغانٍ تدعو للسلام، من إنتاج شبابي.
ورد في مطلع إحدى الأغاني "لا عنصرية لا طائفية لا مذهبية لا أفضلية هذا اليمن واحد من قديم الزمان".
بالإضافة لذلك، نرى في شوارع متعددة داخل العاصمة صنعاء، حملات للرسم على الجدران، تعبر في مضامينها عن الأمل والسلام ونبذ الحرب والإرهاب.
يقول مراد سبيع، وهو أحد الرسامين الشباب المشاركين لـ"إرفع صوتك": "نتمنى الاستقرار لكل اليمنيين، ونحاول أن نكرس هذا الفن في حياة الناس، ليعبّر عن أصواتهم. يجب أن نبتعد من دائرة العنف والطائفية والصراعات السياسية إلى السلام".
ويضيف "لا نريد أن يستمر هذا الوضع السيء في اليمن. نحن نعبر عن ذلك من خلال الرسم على الجدران".
وكانت الفنانة هيفاء سبيع رسمت جدارية عنوانها "مجرد ساق"، مطلع العام الماضي، جسدت فيها قصة طفل يمني يحمل بين يديه ساقه اليسرى التي بُترت بانفجار لغم أرضي خلال الحرب.
تقول هيفاء "لا أتمنى سوى السلام والأمن والتعايش في بلدي والعالم أجمع".