تعتمد الأمم المتحدة الأول من شهر أكتوبر يوما دوليا للمسنين، وتؤكد المنظمة الدولية أن هناك أكثر من 700 مليون شخص فوق سن الستين (مسن). وبحلول عام 2050، سيكون عدد المسنين ملياري نسمة، أي أكثر من 20% من سكان العالم.
وتؤكد المنظمة أنهم فئة مستضعفة، يعاني الكثير منهم من الفقر أو الإعاقة، حيث أن 80% من سكان العالم لا تشملهم نظم الحماية الاجتماعية عند بلوغهم الشيخوخة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن ما بين 4 و 6% من المسنين في العالم يعانون نوعاً من سوء المعاملة، جسدية كانت أو عاطفية أو مالية.
المسنين العرب
ويعيش في الدول العربية أكثر من 27 مليون مسن، ما يعادل 8% من السكان.
وتشير الإحصائيات إلى أن أعدادهم سترتفع إلى 50 مليونا في 2030، وستتجاوز 90 مليونا بحلول 2050 وسيشكلون حينها 15% من السكان.
ومع استمرار النزاعات والحروب وتردي الأوضاع المعيشية في المنطقة العربية، تتضاعف مشاكل المسنين يوما بعد يوم.
اليمن.. لا حماية قانونية
في اليمن فقط، يشكل المسنون نسبة 4% من إجمالي السكان البالغ نحو 27.5 مليون نسمة وفق تقديرات رسمية، يعاني غالبيتهم ظروفاً معيشية صعبة بسبب تخلي أسرهم عنهم مع غياب أي رعاية أو اهتمام حكومي.
في عام 2000 كان هناك 7 مراكز للمسنين في سبع محافظات يمنية، تحول بعضها إلى “مراكز لاستقبال الحالات النفسية” وبقي منها 4 في صنعاء وعدن وتعز والحديدة تديرها منظمات دولية ويقطنها نحو 200 مسن.
ويؤكد وكيل أول وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصنعاء عبده الحكيمي، أن رعاية المسنين في اليمن وتلبية احتياجاتهم غائبة تماما عن سياسات الحكومات اليمنية المتعاقبة.
ويوضح لـ“ارفع صوتك” أنه لا يوجد قانون لحماية هذه الشريحة، مضيفاً أن “قانون الرعاية الاجتماعية النافذ تعرض بفقرة من فقراته للمسنين، لا يعمل بها”.
ويعترف بالتقصير الحكومي حيال هذه الشريحة، محملاً جهات حكومية عدة مسؤولية ذلك بينها وزارات: الصحة، والشؤون الاجتماعية، والأوقاف والإرشاد، والمجالس المحلية، فضلاً عن أبناء وبنات وأقارب المسنين الذين يتخلون عن مسؤولياتهم تجاههم.
ويضيف “نحن كوزارة مهمتنا توفير المأوى وغيره لكن لا تخصص لنا ميزانية للقيام بأي مهام أو تدخلات لناحية هذه الشريحة”.
وأشار إلى رفض ومعارضة قيادات سياسية ودينية تسليم إدارات بعض دور رعاية المسنين لمنظمات دولية كمؤسسة الأم تريزا ومنظمة الإحسان الهندية، “بحجة المخاوف من التبشير بالمسيحية”.
ياسمين عبدالله، سبعينية يمنية تخلى عنها أبناؤها الخمسة بذريعة عجزهم عن الإنفاق عليها، اضطرت للتسول في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء.
تقول ياسمين التي فقدت معظم أسنانها، وكانت تسير منحنية الظهر لموقع “ارفع صوتك”: “شاء القدر نهاية عمري أن أتسول من أجل لقمة العيش”.
وأضافت “أسكن في دكان صغير بحي مذبح (غربي صنعاء) مقابل 10 ألف ريال ايجار شهري رغم أن أولادي لديهم منازل لكنهم رفضوا استقبالي”.
“استغنوا عني وليس لدي سبيل للإعاشة سوى التسول”.
سوريا
ولا يبدو الوضع أفضل حالا في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 حربا دامية خلفت ملايين القتلى والجرحى والمحتاجين.
يؤكد نزار نجار، وهو مسؤول في دار السلام للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في إحدى مناطق ريف حلب أن “أعداد المسنين جراء ظروف الحرب في ازدياد”.
ويقول لـ“ارفع صوتك”: “لدينا في الدار نحو 25 حالة بعضهم يعانون إصابات عقلية وجسدية كالشلل، ويوجد دار آخر في منطقة باعزاز فيها حوالي 150 حالة 30 امرأة و120 رجل يعاني معظمهم أمراضاً عقلية”.
أضاف نزار “نقدم للمسنين في الدار عبر كادر شبه تطوعي وجبات غذائية وخدمات الغسيل والنظافة ووسائل الراحة والنوم وبعض الأدوية والمعالجة الفيزيائية”.
وأشار إلى أنهم يفتقرون للمنظمات الداعمة والتي تتولى رعاية أفراد هذه الشريحة إلا ما ندر، مبينا أن معظم الدعم يأتي عبر “فاعلي خير”.
ويؤكد نزار نجار أن وضع غالبية المسنين في سوريا “مزرٍ للغاية، ولا يوجد قانون خاص ينظم رعايتهم ويحفظ حقوقهم”.
وتشير إحصائيات رسمية تعود إلى نهاية عام 2012 إلى أن عدد المسنين ارتفع من 600 ألف مسن عام 2005 ليصل عام 2009 إلى 1.2 مليون مسن بنسبة 5% من إجمالي عدد السكان تقريبا، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد أربع مرات حتى العام 2050.
العراق
وفي العراق يبلغ عدد المسنين 1.2 مليون نسمة، وفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2018، بنسبة 3% من عدد السكان البالغ 40 مليونا.
وتشير وزارة التخطيط العراقية إلى أن “ما نسبته 6.6% من كبار السن ممن تبلغ أعمارهم 65 سنة فما فوق هم من ذوي الإعاقة، منهم 16.4% لا يستطيعون القيام بأنشطتهم اليومية كليا و26% يعانون صعوبة كبيرة في القيام بها، فيما يعاني 27% صعوبة بسيطة في القيام بها”.
وقبل سنوات قليلة أصدرت وزارة حقوق الإنسان العراقية الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية، أكدت فيها أن “كبار السن لا تتوفر لهم برامج للرعاية الصحية أو برنامج ضمان الشيخوخة”.
كما يفتقر العراق لقانون خاص يمنح كبار السن -ممن لا يمتلكون رواتب تقاعدية- مبالغ مالية.
ويقول الكاتب العراقي محسن حسين إن كبار السن من المتقاعدين العراقيين يعانون سوء المعاملة في الحصول على رواتبهم.
وأشار إلى أن “راتب تقاعد الصحفيين مثلا 500 دينار، أي أقل من نصف دولار شهريا ويقوم الصندوق بمنحهم إكراميات شهرية قد تتوقف في أي لحظة”.
ويضيف في مقال له أن معظم المسنين في العراق لا يتلقون من الدولة رواتب ورعاية صحية وسكن مناسب.
إشكالات جمة
يعاني المسنون في كل من العراق وسوريا واليمن والوطن العربي إجمالا إشكالات جمة، بينها ارتفاع الأمية، والبطالة، وضعف المشاركة الاقتصادية، وإعالتهم للأسر؛ بسبب هجرة الشباب، فضلا عن أن معدلات العمل في صفوفهم شهدت نمواً بطيئاً خلال السنوت الأخيرة.
وتؤكد المعطيات أن مسنا من كل أربعة يحصل على تغطية الضمان الاجتماعي في المنطقة العربية.