سيدة يمينة تعمل في  مزرعة/ مصدر الصورة "فرانس برس" 2018
سيدة يمينة تعمل في مزرعة/ مصدر الصورة "فرانس برس" 2018

"لأول مرة أسمع بيوم المرأة الريفية!" قالت سيدة يمنية ريفية تدعى فاطمة عبدالله ردا على سؤالنا عما تعنيه لها هذه المناسبة.

وأضافت "معظم أوقاتي أقضيها بجلب الحطب والماء وزراعة الأرض وتربية الأطفال.. أشعر بالظلم أحيانا لكنني تعودت".

وتحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة الريفية سنوياً في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، وحددت هذا العام "دور المرأة والفتاة الريفية في بناء المرونة والصمود لمواجهة تغيّر المناخ" موضوعاً رئيساً.

وتأتي هذه المناسبة بالتزامن مع الزخم الذي اكتسبته قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي التي عقدت في 23 أيلول/ سبتمبر في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.

وتعترف الأمم المتحدة بما للنساء والفتيات من دور في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية والإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وإدارة الأراضي والموارد الزراعية وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة.

وتمثل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في إطار أسرهن في المناطق الريفية.

وتشير المنظمة الدولية إلى أنه على الصعيد العالمي، تعمل امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في الزراعة وتقف النساء الريفيات في طليعة خطوط المعركة عندما تتعرض الموارد الطبيعية والزراعة للخطر.

وفي البلدان النامية، تمثل المرأة الريفية نحو 43% من القوة العاملة الزراعية، وينتجن الكثير من المواد الغذائية المتوفرة، مما يجعلهن المسؤولات الأساسيات عن الأمن الغذائي.

ومع ذلك تعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية من فقر متعدد الأبعاد.

جهل بالتغير المناخي

وتقول منى صالح، وهي يمنية ريفية حصلت على تعليم متوسط بعد الثانوية العامة "لا أحد من النساء هنا (في الريف) لديها فكرة عن التغير المناخي وكيفية المساهمة في مواجهة تغير المناخ".

تضيف لـ"ارفع صوتك": "مشاكل النساء الريفيات تتمحور حول عدم المساواة مع الذكور في كل شيء. نجلب المياه على رؤوسنا من مناطق بعيدة ونعمل في الأرض بطرق بدائية من دون أجر.. فماذا يعني الحديث عن دور الريفيات في مواجهة تغير المناخ؟".

"الرجال يهاجرون إلى المدن والنساء يقمن بكل الأدوار في الريف"، قالت فاطمة.

العراق

لا تخفي وزارة التخطيط العراقية أن النساء يدفعن ثمن تدهور مساحات الأراضي الزراعية وتعرضها للجفاف والتصحر بمرور الزمن.

وتعيش المرأة الريفية في العراق أوضاعاً صعبة جداً وتعمل في الزراعة وتربية المواشي، كما يعاني عدد كبير منهن من الاضطهاد والعنف الموجه وعبء المسؤولية عن تأمين الغذاء والوقود.

تقول الريفية الأربعينية صباح أنور: "ظروف عائلتي أجبرتني على مساعدة والدي المسن في العمل بالزراعة بعدما أكملت دراستي الابتدائية".

وأضافت صباح التي نزحت وعائلتها خلال سيطرة داعش على مناطق واسعة شمالي العراق، أن "المرأة في الريف تعاني الأمرين، بسبب صعوبات العمل في مهنة الزراعة التي تتطلب منها سقي وجني المحاصيل بالإضافة لرعي الأغنام".

وبحسب وزارة التخطيط العراقية فإن نسبة 30% من نساء العراق هن من سكان الريف، فيما تشكل نسبة النساء الريفيات اللائي يترأسن أسرهن 7.6%. 

ووصل معدل النشاط الاقتصادي للنساء الريفيات إلى 13.8 فيما تعاني 14% منهن من البطالة و41% لم يكملن تعليمهن مما يرفع نسبة الأمية إلى 30%، وهي نسبة أعلى من المناطق الحضرية، حسب وزارة التخطيط.

وتفقد الريفيات الكثير بغياب التعليم إذ أن عاماً إضافياً في التعليم الابتدائي يزيد أجور الفتيات بنسبة 10-20%، ويحدّ من الزواج المبكر ويقلل احتمالات تعرضهن للعنف، وفقاً للأمم المتحدة.

وتقل ملكية المرأة من الأراضي الزراعية واستخدامها عن 20% من إجمالي مالكي الأراضي وتمثل المرأة أقل من 5% من إجمالي مالكي الأراضي الزراعية في العراق، في تمييز واضح لصالح الرجال.

القيود العشائرية

من جهته، يقول المحلل الاجتماعي والأستاذ في جامعة الموصل العراقية الدكتور قصي رياض، إن "المجالات المتنوعة تحكمها ظروف الرجل داخل الريف العراقي وعقليته وطبيعة تعامله مع المرأة".

ويشير في حديثه لـ"ارفع صوتك" إلى نماذج نسائية تعرضت للترمل والضيق والهجرة أجبرتها على الكفاح من أجل لقمة العيش وتربية أبنائها.

ويضيف د. رياض "لكني أراها في أطراف المدن الزراعية أكثر من رؤيتها في الريف بسبب التقارب المكاني"، لافتاً إلى تداعيات القيود العشائرية على المرأة الريفية حيث "يتمحور دورها وفقا للسلطة العشائرية حول الإنجاب والزراعة وما دون ذلك سيكون بالصدفة بالنسبة لها".

يتابع: "القيود العشائرية متفاوتة لكن يمكن القول إن هناك وعياً حضارياً تجاه الخروج عن القيود واستبدالها بمقومات نهضة حضارية متعلقة بالقانون والشرع وغيرها".

ويرى د. رياض أن الحكومة "ليست بصدد الالتفات لتحسين واقع الريف العراقي جذرياً تبعاً للإرباك والفساد المتفشي، ما يعني الحاجة لوقت أطول للمعالجات".

ومن بين المعالجات التي يقترحها: المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل أفراد الحكومات المحلية في القرى والأقضية والنواحي ومتابعتها مع الحكومة المركزية.

ويؤكد د. رياض على أهمية تقديم أولويات النهوض بواقع المرأة الريفية على مستويات عدة والاستفادة من تجارب الدول القريبة فيما يخص الريف كالأردن وتركيا وإيران، وعقد ندوات وورش للتوعية بذلك، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات والطاقات الشبابية الموجودة في المجتمع الريفي ممن تابع تعليمه في المدن.

معالجة القضية

يقول عبدالله العواضي، وهو أكاديمي يمني متخصص في علم الاجتماع، إن النساء والفتيات في المناطق الريفية "يفتقرن إلى المساواة في الحصول على الموارد والأصول الإنتاجية والخدمات العامة كالتعليم والصحة والمياه وغيرها".

وأوضح أن تأثيرات تغير المناخ، تزيد من غياب المساواة بين الجنسين في المناطق الريفية.

ويختلف تأثير تغير المناخ على الأصول التي يتملكها الرجال عن تأثيره على تلك التي تمتلكها النساء وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والصحة والمياه المأمونة ومصادر الطاقة، والهجرة والصراعات الناجمة عن تغير المناخ، والكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ.

ويرى العواضي أن معالجة قضية عدم المساواة بين الجنسين من أكثر الطرق فعالية للتقدم في مكافحة التهديدات التي يفرضها تغير المناخ، ويساعد النساء المخولات بقدرة أكبر على الاستجابة لتغير المناخ ولعب أدوار هامة في تبني تقنيات منخفضة الكربون ونشر المعرفة حول تغير المناخ والحث على اتخاذ الإجراءات اللازمة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.