تخاف من كورونا؟.. تعرف على الطاعون!
فيروس كورونا المستجد الحلقة الأخيرة في سلسلة من الأوبئة التي ضربت العالم. ورغم أنه قتل في فترة وجيزة أكثر من 10 ألاف شخص وأصاب قرابة 250 ألفا، إلا أن ذلك لا يعد شيئا بالتأكيد بالمقارنة مع ما فعله الطاعون في مختلف العصور.
فعلى مر التاريخ، كان الطاعون أخطر الأوبئة في تاريخ البشرية. أهلكت هذه الجائحة دول العالم وقتلت الملايين من البشر.
والطاعون مرضٌ معدٍ قاتل تسببه بكتيريا حيوانية المنشأ تدعى اليرسنية الطاعونية، والتي تنتشر عادة من البراغيث إلى الثدييات الصغيرة مثل الفئران والسناجب والأرانب.
يُنقل الطاعون بين الحيوانات وإلى الإنسان عن طريق لدغة البراغيث المصابة بعدوى المرض، أو إذا أكل الشخص لحم هذه الحيوانات أو كان على اتصال مباشر مع حيوان أو شخص مصاب، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وهناك ثلاثة أنواع مختلفة من الطاعون، إذ يسبب الطاعون الدبلي تضخم الغدد الليمفاوية، في حين يسبب طاعون إنتان تلوث الدوم. أما الطاعون الرئوي فيصيب الرئتين.
وتتراوح إماتة شكل الطاعون الدبلي بين 30 و60٪، ويكون مميتاً على الدوام في شكله الرئوي عند تركه من دون علاج.
آلة قتل
بين عامي 165 و180م قتل الطاعون الأنطوني داخل حدود الإمبراطورية الرومانية ما لا يقل عن 2000 شخص يوميا.
وقضى وباء طاعون جستينيان (نسبة للإمبراطور الروماني جستينيان) في القرن السادس الميلادي على ما يعادل نصف سكان العالم في ذلك الوقت.
ضرب الفيروس الإمبراطورية البيزنطية وخاصة عاصمتها القسطنطينية، وكذلك الإمبراطورية الساسانية والمدن الساحلية حول البحر الأبيض المتوسط بأكمله، حيث كانت السفن التجارية تؤوي الجرذان التي تحمل البراغيث المصابة بالطاعون.
ساهم انتشار الفيروس في توقف الأنشطة التجارية وإضعاف الإمبراطورية البيزنطية، مما سمح للحضارات الأخرى باستعادة الأراضي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.
وتسبب وباء الطاعون الدبلي الذي انتشر بين عامي 1347 و1351م، في وفاة ما لا يقل عن ثلث سكان أوروبا، وما يقرب من 200 مليون شخصا في مختلف أنحاء العالم.
ويعتقد أن الوباء نشأ حينها في الصين، ثم انتقل إلى إيطاليا وبعدها إلى باقي أنحاء أوروبا، ثم إلى مختلف دول العالم.
كما قتل طاعون مرسيليا سنة 1720 نحو 100 ألف شخص.
وفي عام 1855 ظهر نوع متطور من الطاعون يعرف بـ"الوباء الثالث"، في مقاطعة يونان الصينية لينتشر لاحقا إلى دول العالم، ويودي بحياة 12 مليون إنسان في الهند والصين وحدهما.
واستمرت الاصابات بهذا الفيروس حتى عام 1959، عندما انخفض معدل الوفيات العالمي منه إلى نحو 200 شخص سنويا، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي سنة 1814، قتل نحو 8 آلاف شخص جراء تفشي الطاعون في بلاد الحجاز، ما أدى إلى توقف الحج في ذلك العام.
وما بين أكتوبر 1347 ويناير 1349 لقي نحو 200 ألف مصري حتفهم على طريق القوافل ما بين القاهرة وبلبيس بسبب وباء الطاعون.
وأصيب المغرب بهذا الوباء الفتاك عدة مرات وكانت أشد نوبات الوباء هي التي حدثت في فترات متقطعة بين عامي 1521 و1631، وصاحب انتشار الطاعون حدوث مجاعة بين السكان المغاربة.
مازال في الصين
رغم القضاء على التهابات الطاعون المنتظمة في جميع أنحاء العالم، إلا أن هناك حالات يتم الإبلاغ عنها في الصين بين الحين والآخر.
في نوفمبر الماضي، قالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إن شخصا ثالثا أصيب خلال شهر بمرض الطاعون الدبلي في مقاطعة شيلينجول التابعة لمقاطعة أينر منغوليا بالصين بعد تناوله أرنبا بريا.
ومنذ العصور الوسطى اخترعت المضادات الحيوية، والتي يمكنها علاج معظم حالات العدوى إذا اكتشفت مبكرا، ولكن لم ينته الطاعون بعد.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، أُبلِغ في الفترة الواقعة بين عامي 2010 و2015 عن 3248 حالة إصابة بالمرض في العالم، منها 584 وفاة بسببه.
وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية ومدغشقر والبيرو هي البلدان الثلاثة الرئيسية الموطونة بالمرض في الوقت الحالي.
وفي قارة آسيا فإن أكثر الإصابات حاليا بالطاعون تقع في دولة ميانمار وفيتنام وكذلك الصين ومنغوليا، وفي أميركا الجنوبية في البرازيل والبيرو.
وخلال الفترة من أغسطس و 30 أكتوبر 2017 أبلغت وزارة الصحة في مدغشقر منظمة الصحة العالمية عما مجموعة 1801 حالة طاعون مؤكدة ومحتملة ومشتبه فيها، من بينها 127 حالة وفاة.
وفي الولايات المتحدة، كانت هناك عشرات الحالات من الطاعون كل عام. وفي عام 2015، توفي شخصان في كولورادو بسبب الطاعون، وفي 2014، سجلت 8 حالات في الولاية، حسبما نقلت سي إن إن.
وتصنف منظمة الصحة العالمية الطاعون حاليا على أنه مرض متجدد الظهور بعد أن تسبب فيما يقرب من 50 ألف حالة إصابة بشرية خلال الـ 20 عاما الماضية.
وتتمثل أولى الخطوات للحماية من هذا الوباء في القضاء على أماكن تعشيش القوارض في المنازل وما جاورها، وارتداء القفازات عند التعامل مع حيوان مريض أو ميت، فضلا عن إبعاد الحيوانات الأليفة من أماكن تواجد القوارض، وتجنب الملامسة المباشرة لسوائل وأنسجة الجسم المُصابة بعدوى المرض، بحسب مراكز مكافحة الأمراض وإتقائها ومنظمة الصحة العالمية.