العالم

فنان يمني يصنع الجمال من النفايات

غمدان الدقيمي
28 أبريل 2020

من داخل غرفة صغيرة في منزله بحي حدة جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، يقود الفنان التشكيلي اليمني البارز ياسين غالب، مبادرة في تحويل المهملات والمخلفات إلى تحف فنية يعبر من خلالها عن قصص قديمة، ويحاكي فيها التراث اليمني.

تحت سقف الغرفة التي يتخذها غالب مكانا للعمل، تتوزع بشكل فني جميل، لوحات فنية وطاولات ومجسمات جمالية مختلفة، انتجها من قناني العلب المعدنية التالفة وبقايا الخشب، وعظام وجلود الحيوانات، والأحذية وأنواع البلاستيك والكراتين الملقاة على الطرقات.

عبر غالب عن الإنسان اليمني القديم من خلال مجسم منسوج من العلب التالفة، وحول عظام البقرة إلى قناع محارب قديم، وجلود الأغنام عبر فيها بأن المأزرة استعملت في اليمن منذ ما قبل الميلاد، مستخدما الرمزية في أغلب مجسماته، ومصّرا على ابتكار الجمال من بقايا مخلفات جمعها من شوارع المدن اليمنية.

يقول غالب إنه منذ سنين مضت كانت تراوده فكرة استغلال المتاح من المواد "أسوة بالتقليد الموجود لدى آبائنا وأجدادنا في استخدام كل ما هو متاح"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "بدأت أجمع هذه الأشياء التي يراها الناس غير قيمة منذ حوالي 20 سنة، واحتفظ بكل ما أجده في طريقي، كنت أقول لا بد أن يخرج منها شيء فني جميل ومبتكر".

ويوضح الفنان اليمني أن فترة الحرب "اللعينة" الدائرة في بلاده منذ خمس سنوات، خلقت فراغا كبيرا لدى غالبية اليمنيين، ما جعله يستثمر هذا الفراغ ويقتل الملل، فبدأ بهذا العمل.

هذه البداية لفتت انتباه أفراد أسرته أولا، وشكل ذلك دافعا إيجابيا للاستمرار.

"هذا عبارة عن تفريغ لمخزون موجود لدي هذا المخزون يسلط الضوء على بعض القضايا وإن كان بشكل ساذج في بدايته، وفي بعض منها تركز على قضايا تراثية بحكم ارتباطي بالعمارة التقليدية. رأيت الموضوع ممتع فاستمريت"، يقول الفنان غالب.

 

منظر من مدينة تاريخية

ويروي غالب، وهو أيضا مهندس معماري بارز متخصص في الحفاظ على المعالم والمدن التاريخية، "بدأت بتكوين بعض الأشكال البسيطة وهي عبارة عن ايماءات أحدها بالأعواد اليابسة يوضح شكل يمني مجرد يرتدي معوز ويبدو واضحا البؤس والشقاء والبساطة لدى الإنسان اليمني. وبالجلد وأعواد يابسه رويت في لوحة قرى معلقة في الجبال والانسان اليمني متواري ويبقى هو اشمخ وأعلى وأكثر اصرارا على البقاء".

"هذه اللوحة عبارة عن تكوين من مخلفات البلاستيك"، يقول غالب، وهو يتلمس بيديه لوحة بخلفية صفراء. أضاف أنها اختزال لجامع وبعض المنازل أو تجريد لمنظر من مدينة تاريخية.

ويشرح تفاصيل لوحة أخرى انتجها من الخشب تظهر امرأة جالسة ترتدي الزي التقليدي التعزي "هي تجريد في الأساس".

ويتابع أن أول شيء انتجه كان من مخلفات الكارتون قبل الحرب الأخيرة بسنوات وهي عبارة عن مكتبة عرضها أربعة متر وارتفاعها ثلاثة أمتار.

"أنابيب من الكارتون قطرها 3 إنش ورفوف من الخشب استطعت من خلالها صنع مكتبة قوية جدا تحمل كافة كتبي وما أكثرها، نشرت الفكرة للكثير من الزملاء وبالفعل طبقوها"، يروي الفنان اليمني.

وأشار إلى أن أنابيب الكارتون التي يرميها اليمنيون في المخلفات يمكن أن يٌعمل منها ديكور وكراسي وطاولات وحتى أسرة.

 

استثمار مستدام

وفي رده على سؤال ما إذا كان يفكر بإقامة معرض لهذه الأشياء يقول ياسين غالب مستغربا: "لمن!. عندنا للأسف الشديد وزارة الثقافة بلا روح ثقافية وتجربتنا معها مريرة. وزارة الثقافة وهيئاتها يعملون خارج الحقل الثقافي".

وبشأن إشكاليات التراث اليمني المعني به وزارة الثقافة يقول "التراث اليمني ينظر له بنظرة دونية وللأسف الشديد من المعنيين بالأمر، برغم أن تراثنا فيه ثراء وغناء وجمال وله نكهته الخاصة وتعدد الألوان والطراز بتعدد البيئات فهو يعبر عن العمق الحضاري لهذا البلد"

ويتابع "للأسف الشديد حتى اللحظة لا يوجد وعي لدى صانع القرار بأهمية هذا الشيء. هذا استثمار بلا دخان استثمار مستدام لكن لا أحد يعي ذلك".

 

صعوبات وسذاجة

وعن الصعوبات التي يواجهها أشار ياسين غالب الذي يعمل في هذا الفن لمدة أربع إلى خمس ساعات يوميا، إلى أنه يفتقر إلى الأدوات المستخدمة في قصّ هذه المخلفات "سوقنا ضعيف في هذه الاحتياجات أيضا لا توجد كهرباء. احتاج دريل صغير وغراء قوي وأشياء أخرى بسيطة. مثلا معي مجموعة من العظام ممكن أعمل منها حلي لكن لا توجد الأداة المناسبة للقص والخرم و...".

ورغم تأكيده بأنه يحاول أن "ينتج شيئا من لا شيء"، إلا أنه يقول "هذا العمل يريد مني التعاطي الجدي. أنا أرى هذا الذي أقوم به لا يزال في مرحلة السذاجة التلقائية. أريد أن أحول من هذا عمل فني حقيقي يتكلم عن نفسه ويكون فيه مكنونات وأبعاد وليس محاكاة سطحية لبعض الأشياء، بمعنى أن يكون له بعد ثقافي أو فني حقيقي وليس تصوير مباشر فقط".

 

تجميل كل قبح

وعن طموحه يقول غالب (63 عاما)، إنه "يأمل تجميل كل قبح في الحياة وأن أخلق أشكال جميلة لها رسالة معينة في حياتنا".

ويضيف "أريد أن أثبت انه لا تزدري شيء وإن كان في القمامة (النفايات) فمن هناك يمكن أن تنتج شيء جميل".

ويرى ياسين أن "الناس في اليمن الناس تزدري الناس مناطقيا سلاليا طبقيا وعرقيا. يجب أن لا ننظر للأشياء والناس أو الأشخاص مهما كانوا وأينما كانوا بنظرة دونية فكل شيء فيه سر".

ويتابع إن الحرب "القبيحة" في بلاده فاقمت الطائفية والعنصرية والازدراء بشكل كبير جدا "الازدراء قضية بدأت تطفو على السطح خلال الحرب الأخيرة وهذا هو الذي سيعفن المستقبل القادم إذا استمر على ما هو عليه".

 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.