قتلتهم الكوليرا وحمى الضنك.. يمنيون: ما بقي إلا كورونا!
يقضي مئات اليمنيين سنويا بسبب وباء الكوليرا وحمى الضنك. ومع احتمال الإعلان عن إصابات بفيروس كورونا الذي يجتاح العالم، سينضاف ثقل جديد على كاهل اليمنيين الذين يرزحون أصلا تحت حرب متواصلة منذ خمس سنوات.
وأعلنت دول مجاورة مثل السعودية والكويت والبحرين والإمارات والعراق إصابات عديدة.
استبق اليمنيون الوضع بالسخرية الآتية من قلة الحيلة تجاه وباء كورونا المستجد، رغم أن البلاد لم تعلن عن أية حالة لحد الآن. هي سخرية ممزوجة بالأسى، فنصف مستشفيات البلد خارج الخدمة والبنية التحتية تكاد تكون مدمرة بالكامل.
وتأثر اليمنيون بوضع بلادهم عقب الثورة الشبابية الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2011، ثم الانقلاب الحوثي على السلطة عام 2014. والآن جاء الدور على فيروس كورونا الذي قتل لحد الساعة أكثر من 10 آلاف شخص.
وبسبب تكرار نفي الحكومة المعترف بها دوليا وحكومة الحوثيين خلو اليمن من فيروس كورونا، علق أحد اليمنيين قائلا: "الفيروس مخزن (يتناول نبتة القات) ومفتهن ومرتاح واحنا مش عارفين".
وعلق آخر: "جوازات دول العالم أصبحت مثل الجواز اليمني، ولا توديك أي دولة"، في إشارة إلى توقف رحلات الطيران في أغلب الدول مع توسع رقعة انتشار الفيروس.
أما ثالث فقال ساخرا: "بعد 5 سنوات حرب وآخرتها نموت بفيروس".
وكانت المستشفيات اليمنية هي الأخرى موضوعا للسخرية. سئل أحدهم: كيف يتم فحص المصاب بكورونا في اليمن؟ فأجاب الطريقة الممكنة والوحيدة في بلادنا هي مراقبة المريض، إن مات بعد 14 يوم فهو مؤكد مصاب بالفيروس، وإن عاش ولم يمت فهي أعراض زكام وحمي وملاريا وما شابه.
وعلق آخر: "اليمن تعتبر دولة متطورة بدليل أننا عايشين الحجر اللي عايشه العالم اليوم من 2015".
سخرية العاجز
يقول منصور الجرادي، وهو صحافي يمني ومؤلف كتاب "النكتة في الثورة اليمنية": "عندما يقع الإنسان في قهر شديد يتحول كل شيء بالنسبة له إلى مجرد لهو. فالإنسان اليمني الذي واجه صنوف الظلم خلال أكثر من خمس سنوات من الحرب وقطع المرتبات وإغلاق المطارات والرفض من العالم لاستقباله، باتت كورونا بالنسبة له مجرد مزحة سخيفة خاصة وأن الآلاف من اليمنيين ماتوا ليس بسبب الحرب ولكن بأمراض يمكن علاجها مثل الكوليرا والتيفويد وحمى الضنك".
ويضيف الجرادي لموقع "ارفع صوتك": "اليمنيون أرادوا القول للعالم إنهم لا يكترثون من هذا الوباء فهناك عشرات الأوبئة تحصد أرواحهم كل يوم منذ خمس سنوات ولم يأبه أحد لهم.. بل إن هناك الآلاف يموتون بالأمراض المزمنة ولم يستطيعوا توفير العلاج لها أو السماح لهم للسفر للعلاج في الخارج..".
ويرى الجرادي أن الفكاهة بالنسبة لليمنيين هي وسيلة للترويح عن النفس والعلاج، وإن كان ذلك مؤقتا للهروب من الأزمات والمشاكل التي يعانون منها.. هي وسيلة للسخرية ممن ظلمهم من أمراء الحرب، ومن الدول التي شاركت في الحرب ومن صمت العالم".
ويوضح أن الفكاهة بشكل عام أداة اتصال ممتازة تجعل القارئ والكاتب والموضوع في "بوتقة إنسانية واحدة" لا يشعر أي منا أنه فوق النقد ولا يشعر بالضيق من حجم النقد.
وفي رده على سؤال ما أهمية السخرية والفكاهة في ظل الحديث عن وباء كورونا القاتل، قال منصور الجرادي: "السخرية تحصل في كل العالم، لكنها في اليمن للأسف دليل عجز عن مواجهة الوباء سواء من الحكومة أو المجتمع".