العالم

اليمن.. عندما تتحول الأقبية والمنازل والمدارس إلى سجون

غمدان الدقيمي
30 مارس 2020

"تمت معاملتنا بطريقة سيئة جدا من قبل القائمين على السجن. داخل السجن، لا توجد أبسط مقومات الحياة. إنه مثل زريبة حيوانات"، الحديث للسجين اليمني السابق أنور الشرعبي.

يضيف الشرعبي لموقع "ارفع صوتك": "بقيت في السجن بصنعاء مدة أسبوع ولم يتم التحقيق معي. عرفت سجناء أجبروا على الاعتراف بعد أن تم ضربهم بشكل مبرح".

وأشار إلى أن المعتقلين في اليمن يعانون الخوف والجوع والمرض داخل المعتقلات.

أقبية ومنازل خاصة

يعاني السجناء في اليمن تأخر البت في قضاياهم، حيث يظل كثيرون داخل السجون لفترة طويلة، بعضهم قد لا يكون ارتكب أية جريمة.

وخلال فترة الحرب المستمرة منذ مارس 2015، تضاعفت أعداد المحتجزين في السجون الرسمية وغير الرسمية التابعة لمختلف أطراف النزاع.

كشفت دراسة حديثة بعنوان "واقع مراكز الاحتجاز في اليمن" صادرة عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان (منظمة مدنية محلية) عن انتهاكات وخروقات جمة للقوانين المحلية والدولية.

وشملت الدراسة التي صدرت في ديسمبر الماضي 277 فردا من المحتجزين السابقين والحاليين تعرضوا للاحتجاز بين سنتي 2015 و2018 في سبع محافظات يمنية: صنعاء، عدن، الحديدة، حضرموت، أب، مأرب، تعز.

وأفاد ثلث المعتقلين بـأن احتجازهم تم دون أي تهمة واضحة عند تنفيذ القبض عليهم، وقال 35% إن احتجازهم كان لأسباب متعلقة بالنزاع الراهن.

وأفاد 70 في المئة تقريبا بأنه تم إيداعهم في أماكن احتجاز قبل أي تحقيق معهم، ما يعد نوعا من العقوبة غير القانونية.

وكانت نسبة من لم يسمح لهم باستدعاء محام قبل بدء التحقيق 91.7%، وهناك 28% تم نقلهم إلى أماكن احتجاز غير رسمية بعضها أقبية تحت الأرض ومنازل خاصة وأخرى منشآت حكومية ومدارس وصالات رياضية.

تعرض عشرات السجناء للاعتقال في أماكن احتجاز غير رسمية مثل المباني الحكومة والخاصة والمعسكرات وحتى المدارس.

وتوزعت الجهات المسؤولة عن أماكن الاحتجاز غير الرسمية بين فصائل النزاع الراهن: الحوثيون، القوات الإماراتية، التحالف العربي بقيادة السعودية، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الفصائل المنضوية ضمن القوات الموالية للسلطات المعترف بها دوليا والتحالف العربي، وقوات النخبة الحضرمية.

وكشف ما نسبته 94.2% من المعتقلين أنه لم يتم تحويلهم إلى النيابة خلال 24 ساعة المقررة قانونا.

وتنص مبادئ الأمم المتحدة لمعاملة السجناء على أن المساحة الأرضية الدنيا الموصى بها عند بناء سجون جديدة هي 5.4 متر مربع للسجين، سواء كان يشغل الزنزانة بمفرده أو يتقاسمها مع شخص آخر.

لكن ثلاث أرباع العينة تقريبا قالوا إن أماكن الاحتجاز التي وضعوا فيها غير واسعة ولا تكفي المحتجزين بشكل مريح، ناهيك عن أنها غير نظيفة، وبدون فراش وأغطية للنوم.

وأظهرت نتائج الدراسة وجود توجه عام نحو عدم ضمان الحقوق الجسدية والمعنوية للمحتجزين في أماكن الاحتجاز، كما أظهرت مؤشرات خطيرة على وجود حالات تعرضت لدرجات مختلفة من التعذيب والعقوبات والإهانات لم تقتصر على الضرب باليد وتوجيه الشتائم والحرمان من الغذاء والنوم، بل تعدتها إلى التعذيب بالكهرباء والضرب بالعصي والبنادق والتقييد بالحبال، والحرق باستخدام الولاعات والسجائر، وخلع الأظافر واستخدام المسامير الحديدية.

ولم يتمكن ما نسبته 94.2% من أفراد العينة من رفع الشكاوى لجهات أعلى حول أساليب معاملتهم أثناء احتجازهم.

يقول الكثير من السجناء إنهم تعرضوا للتعذيب خلال فترة اعتقالهم.

وخلصت الدراسة إلى أن أغلب المسؤولين عن أماكن الاحتجاز بمراكز الشرطة هم من خريجو كلية أو أكاديمية، وأغلبهم حصل على تدريب حول القوانين المتعلقة بعملهم، لكنهم لم يحصلوا على تدريب متعلق بالتعامل مع المحتجزين، فضلا عن عدم تطبيق معايير لتعيين المسؤولين عن أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز فيها.

سجناء في انتظار حكم

لم يخف مدير قسم شرطة في العاصمة صنعاء لموقع "ارفع صوتك" ما ورد في الدراسة. لكنه برر قائلا: "هؤلاء في الأخير مجرمون، لذلك يتم التعامل معهم بقسوة".

وأضاف: "لا توجد الإمكانيات اللازمة لتحويل هذه الأماكن إلى مؤسسات تأهيلية..".

من جانبه، يقول عبد الرحمن الزبيب، وهو مستشار وباحث قانوني، إن السجون مكتظة بأكثر من طاقتها الاستيعابية. ويقدر بأن هناك أكثر من 13 ألف سجين في مختلف السجون اليمنية "معظمهم رهن إجراءات المحاكمة والتحقيق، أو انتهت فترة الحقوق المحكوم بها، أو على ذمة حقوق خاصة، أو بسبب الاختلالات في الأحكام القضائية".

ولا يشمل هذا الرقم المعتقلين في أماكن احتجاز غير رسمية بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات.

ويوضح عبد الرحمن الزبيب أن غالبية هؤلاء يفترض أن يكونوا خارج السجون وفقا للقانون والدستور اليمني، لكن بسبب ضعف الدولة في تطبيق القانون خارج السجون يتم احتجازهم.

وقال الزبيب لموقع "ارفع صوتك": "هناك اختلالات كبيرة في أداء النيابة العامة والقضاء فيما يتعلق بالسجناء. إذا طبق القانون سيخرج 75% منهم ولن يبقى سوى 25% وهي الطاقة الاستيعابية الحقيقية للسجون التي لم تُحدث ولم توسع منذ بنيت في السبعينات".

وأشار الزبيب إلى أن اكتظاظ السجون ينذر بكارثة حقيقية إذا ما سجلت حالات إصابة بفيروس كورونا. "سيقتل الآلاف داخل السجون، بالتالي يجب تطبيق القانون على السجناء".

وأكد الباحث القانوني اليمني أن السجون اليمنية بسبب الاكتظاظ لا تستطيع أن تقوم بدروها كمؤسسات للإصلاح والتأهيل.

وخلال الأيام الماضية، أطلقت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا نحو 212 سجينا في اطار التدابير المتخذة لمنع تفشي فيروس كورونا داخل السجون.

والخميس الماضي، دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت بلدان العالم إلى تقليل أعداد نزلاء سجونها، للحيلولة دون تفشي فيروس كورونا فيها.

مسؤولية مضاعفة

إلى ذلك يقول، عبد الرشيد الفقيه، وهو المدير التنفيذي لمنظمة "مواطنة"، إن "السجون وأماكن احتجاز أخرى في اليمن غير مجهزة وغير ملتزمة بالحد الأدنى من المعايير التي تجعلها إصلاحيات فعالة. خلال السنوات الماضية انتشرت فيها الكثير من الأوبئة، وهي أماكن غير خاضعة لسلطة النيابة العامة الرقابية بشكل فعلي".

وقال إن منظمته وثقت حالات وفيات داجل السجون وأماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وإن "سجون وأماكن احتجاز هوجمت بعدد من الضربات الجوية لطائرات التحالف العربي بقيادة السعودية قتلت وجرحت العشرات".

يضيف لموقع "ارفع صوتك": "مع الأزمة الجديدة الخاصة بكورونا تقع مسؤولية مضاعفة على السلطات والأطراف المختلفة بمعالجة أوضاع المحتجزين والسجناء بالإفراج وترتيبات قانونية فإذا ما انتشر كورونا في اليمن سيصبح الوضع فيها أكثر كارثية".
 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.