العالم

التوحد في زمن الحرب.. قصة شاب يمني

غمدان الدقيمي
01 أبريل 2020

"ألو.. أنا مهند.. حالي الحمد لله.. كيف حالك أنت!.. أنا مش (لست) مريض"، يقول الشاب اليمني مهند سمير (15 عاما) بسعادة غامرة، في اتصال هاتفي أجراه موقع "ارفع صوتك"، معبرا عن سعادته رغم كثير من المعاناة التي يواجهها هو وأقرانه من المصابين بطيف اضطراب التوحد.
يضيف مهند أنه يحب والدته وكل أقاربه.

"أنا أحب كل من يعطيني تلفونه أنقل منه ألعاب وفيديو.. أحب اللعب بالتلفون وأحب التلفزيون"، يضيف الشاب اليمني.

لكن المصابين باضطراب التوحد في اليمن يعانون التهميش ويفتقرون لأبسط الحقوق الأساسية في بلد يعيش حالة حرب منذ  أكثر من خمس سنوات.

ولا توجد إحصائيات رسمية أو خاصة حول عدد المصابين بالتوحد في اليمن.

ويصف علماء النفس "التوحد" بأنه مجموعة من الاضطرابات السلوكية والنفسية المعقدة، التي يمكن ملاحظتها على الطفل منذ سن مبكرة، وتسبب مشاكل في الحديث واكتساب المهارات الأساسية كالمهارات الاجتماعية والتواصل مع الناس.

تقول والدة مهند، مفيدة ردمان، لموقع "ارفع صوتك"، إن مهند وهو الرابع بين أشقائه لم يبدأ الكلام إلا في سن العاشرة تقريبا.

وفي تلك السن أيضا، "بدأ التعود على دخول الحمام بمفردة. كنت في البداية أنزعج عندما يقول لي أحد: ابنك مصاب بالتوحد، أما الآن فقد تعودت"، تقول مفيدة.

وأتم مهند الآن 15 عاما من عمره.

وتتابع الأم: "مهند يقضي معظم وقته باللعب بالهاتف وعندما كان صغيرا كان يتابع دائما قنوات الأطفال على التلفاز رافضا الاندماج واللعب مع أشقائه. الآن أشعر أنه أفضل".

وتضيف السيدة، وهي أم لأربعة أطفال، "قبل الحرب كنا حاولنا أن نلحقه بمركز خاص بمرضى التوحد في تعز (جنوبي غرب اليمن)، لكن قالوا لنا سنه صغير مقارنة بالملتحقين في المركز، بعد ذلك اندلعت الحرب ونزحنا إلى الريف ومازلنا في الريف حتى اللحظة. هنا لا توجد مراكز أو مدارس خاصة. أيضا وضعنا المادي لا يسمح بذلك لأن تكاليفها باهظة".

شاب ذكي

من جانبه، يقول خاله نصيب ردمان، "مهند طفل ذكي جدا يقرأ كلمات باللغتين العربية والإنجليزية ويجيد تلاوة القرآن الكريم. يتعامل مع التكنولوجيا تحديدا الهواتف بشكل لا تتوقعه".

ويضيف نصيب لموقع "ارفع صوتك" إن مهند يتناول طعامه لوحده.

"مهند يخاف جدا من المطر والرعود والأصوات المرتفعة والمزعجة بما في ذلك أصوات الانفجارات الناتجة عن قصف الطائرات أو الدبابات أو المدافع وأصوات الرصاص خلال الحرب الحالية"، يقول نصيب.

وأوضح نصيب أن الحرب والشروط التعجيزية في مراكز المصابين بالتوحد لم تكن السبب الوحيد الذي حرم مهند من الالتحاق بمركز لتعليم المصابين بالتوحد (وهي قليلة جدا ولا تفي بالغرض غالبا) بل تسبب انفصال والديه بعزلته في المنزل وبقاءه دون تعليم وعلاج على طبيب متخصص.

فئة مهمشة

إلى ذلك، تقول أحلام الرياشي، وهي المديرة التنفيذية لمركز اليمن للتوحد (منظمة مجتمع مدني محلية)، لموقع "ارفع صوتك"، إن 50 طفلا وشابا يمنيا مصابين بالتوحد بأنواعه المختلفة (خفيفة متوسطة شديدة وتدخل مبكر) يحصلون حالياً على خدمات عبر المركز، رغم ما سببته الحرب في شح الدعم وقلة الإمكانيات المادية والفنية والبشرية للمركز.

وبحسب الرياشي، يتم تقديم كافة البرامج الوظيفية والتأهيلية والنفسية والتربوية والسلوكية واللغوية لهؤلاء الأطفال، ويتحمل الأهالي تكاليف ذلك بما فيها أجور المواصلات من وإلى المركز.
وقالت إن "مرضى اضطراب التوحد في اليمن فئة مهمشة، ولا يحظون بأي رعاية أو اهتمام حكومي. آخر دعم تلقيناه من صندوق المعاقين (حكومي) كان عام 2017. توقف بعد ذلك الدعم بسبب الحرب".

وتشير الرياشي إلى أن الكثير من الحالات التي وصلت إلى المركز كانت في مراحل متقدمة، "مع أن المفروض في التعامل مع هذه الشريحة هو التدخل المبكر أي ما قبل سن الثالثة حتى تكون نسبة الفائدة كبيرة جدا".

وتؤكد أحلام الرياشي أن نسبة ذكاء الأطفال المتوحدين خاصة في استخدام البرامج الإلكترونية عالية جدا. "هذا لا يؤثر عليهم وحتى مشاهدة التلفاز لكنه قد يكون من مشتتات الانتباه لديهم. المهم عدم السماح لهم بمشاهدة برامج عدوانية".

وينصح الأطباء النفسانيون الآباء بعدم ترك أطفالهم المصابين بالتوحد بمفردهم، ويشددون على أهمية تضافر جهود الوالدين للتغلب على مشكلة التوحد لدى طفلهم وتجنب أي خلافات أمامهم، وإلحاقهم بمراكز تأهيل خاصة.

وفوق ذلك يشددون على ضرورة اكتشاف ما إذا كان لدى الطفل موهبة أو قدرات معينة واستثمارها.
 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.