العالم

"10 أيام قبل الزفة" .. يكسر جمود سينما اليمن

غمدان الدقيمي
22 أبريل 2020

يشعر عمرو جمال، وهو مخرج وكاتب سينمائي ومسرحي يمني، بسعادة كبيرة لما حققه فيلمه "10 أيام قبل الزفة" من نجاح غير محدود، ويقول إن هذا "انتصار للفن في اليمن".

وبدأ عمرو جمال، وهو كاتب ومخرج الفيلم اليمني "10 أيام قبل الزفة" إنتاج هذا الفيلم الروائي الطويل الأول له في ربيع العام 2018، وتم عرضه لأول مرة في عدن (العاصمة المؤقتة لليمن) خلال صيف 2018، ليصبح أول فيلم طويل يعرض للجمهور في صالة عرض ويتم افتتاحه تجاريا في اليمن منذ 4 عقود.

استمر عرض الفيلم لنحو 10 أشهر في عدن في قاعتي أعراس لم يكن يخطر على البال أن تكونا قاعتي عرض سينمائي.

وأصبح الفيلم هو مرشح اليمن لنيل جائزة الأوسكار في العام 2019 كما شارك في عدد كبير من المهرجانات الدولية والعربية، وحصل على ست جوائز سينمائية في مهرجانات الأفلام الدولية التي شارك فيها.
 
حدث نوعي
يقول عمرو جمال في حديث لموقع (ارفع صوتك)، إن الفيلم "حقق نجاحا جماهيريا كبيرا. في مدينة عدن أكثر من 70 ألف شخص شاهدوه في قاعات العرض، كذلك في دول أخرى بينها الإمارات ومصر والولايات المتحدة وكندا وتركيا وغيرها حقق حضورا كبيرا جدا. ولأسباب كثيرة أبرزها أمنية وسياسية ودينية لم نستطع عرض الفيلم في عدد من المحافظات اليمنية مثل صنعاء وشبوة وحضرموت وتعز".
واعتبرت الجماهير الفيلم حدثا نوعيا طال انتظاره في اليمن ومبشرا بعودة السينما إلى البلاد، بعد اختفائها في تسعينات القرن الماضي.

وتدور أحداث الفيلم الذي استغرق إنتاجه أكثر من ستة أشهر، بطاقم عمل تجاوز مائة شخص، وميزانية ضئيلة لا تتجاوز 33 ألف دولار، حول قصة عريسين كانا على وشك الزواج، قبل أن تحول الظروف الصعبة وغلاء الأسعار التي خلفتها الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، دون إتمامه.
يقول عمرو جمال (36 عاما)، إن فيلمه "هو قصة حب من مدينة عدن في زمن الحرب.. يتحدث عن رشا ومأمون، شابان من مدينة عدن الساحلية، حالت حرب 2015 دون زفافهما، يحاولان باستماته اتمام مراسم الزفاف في عام 2018، وحين تتبقى 10 أيام لزفافهما، تقف في طريقهما مجموعة من العقبات، كل عقبة تمثل بشكل أو آخر مشكلات اجتماعية واقتصادية يعاني منها الشعب اليمني في زمن الحرب".
وعن أهمية الفيلم، يوضح عمرو جمال، الذي بدأ ممارسة الفنون منذ 22 عاما، "الفيلم أعاد صناعة السينما في اليمن إلى الواجهة، أيضا وثق جانب من الحياة اليومية للناس في مرحلة الحرب منذ عام 2015، ولأنه كذلك ويعبر عن مشاكل الناس اليومية أحبوه وأقبلوا على مشاهدته".

 

كورونا يوقف العروض
ويصف عمرو جمال ظروف تصوير الفيلم بقوله، "تم تصوير الفيلم في أصعب فترة تشهدها اليمن في تاريخها، حيث الوضع الأمني المتردي والحالة الاقتصادية الصعبة، ورغم كل الأجواء المقلقة إلا أن تصوير الفيلم جاء سلسا وسط ترحاب الأهالي في مدينة عدن وتعاونهم الكبير".
وتلقى الفيلم مؤخرا طلبات للعرض في جامعات ومعاهد بمختلف دول العالم لكن بسبب أزمة كورونا أوقفت كافة العروض السينمائية، بحسب عمرو جمال، الذي يقول إنهم يفكرون ببدء عرضه على قنوات تلفزيونية محلية وعربية.
وحصل جمال في عام 2001 على جائزة رئيس الجمهورية في كتابة النص المسرحي عن مسرحية "الطابور السادس"، ليصبح أصغر يمني يفوز بهذه الجائزة وقتها.

هدفا للمتشددين
ومنذ بدء عرضه كان الفيلم هدفا للمتطرفين والمتشددين في اليمن.
يقول عمرو جمال، إنه صباح أول يوم للعرض فجر متشددون قنبلة يدوية في باحة إحدى قاعات العرض في مدينة عدن، فضلا عن التحريض عبر منابر المساجد ضد الفيلم "تجاوزنا ذلك بمساعدة رجال الأمن والإقبال الشديد من قبل الجماهير لمشاهدة الفيلم".

وفي محافظة تعز (جنوب غرب البلاد) وهي العاصمة الثقافية لليمن، أوقف متطرفون إسلاميون العروض وقاموا بتمزيق اعلانات الفيلم رغم أن التذاكر كانت قد بيعت ولقي الفيلم ترحيب الجمهور إلا أن العرض أوقف بسبب التهديد.

يوضح عمرو جمال قائلا: "تم وصف الفيلم هناك بالإباحي والخليع لأن بطلة الفيلم والممثلات كاشفات الوجه، وهاجمه عبد الله العديني (رجل دين يمني بارز ينتمي لحزب الإصلاح الإسلامي) بشدة وحرض ضد طاقم الفيلم".

وكان عبد الله العديني قد وصف هذا الفيلم بأنه "منكر عظيم، وواجب كل مسلم أن يسعى لإيقافه بالوسائل السلمية".

وقال في إحدى خطب الجمعة "يريدون سينما من أجل ترسيم الفساد... نحن نطالب بحماية تعز من هذه الرذيلة".

وفي محافظة شبوة الجنوبية حرضت أطراف سياسية ودينية ضد الفيلم على مواقع الإنترنت.
يقول عمرو جمال، "بشكل عام المتشددين الدينيين ينظروا للفنون بأنها لهو، وهمشت السلطات اليمنية طوال الأربعة العقود الماضية الفنون لأغراض سياسية ودينية".

"هؤلاء يتجاهلون أن الفنون تساهم في رفع الوعي وتثير التفكير بشكل مختلف وتغير مفاهيم قديمة وترفع مستوى الوعي لدى الشارع، وتوثق لفترة من الزمن"، يقول المخرج اليمني الشاب.
 

إهمال رسمي
و "10 أيام قبل الزفة" هو الفيلم السينمائي اليمني الثالث في تاريخ اليمن، حيث سبقه فيلما "يوم جديد في صنعاء القديمة" وفيلم "الرهان الخاسر"، إلا أن الأخيرين عرضا تلفزيونيا فقط.
وأنتج أول فيلم سينمائي يمني عام 2004 تحت اسم يوم جديد، وتم عرضه ولم تتجاوز مدته ساعة واحدة، في العاصمة صنعاء، على هامش فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية.
ساهم في إنتاجه، فريق فني بريطاني، وكان عرضه خاصاً فقط بالمهرجانات الثقافية.
وأنتجت اليمن بعد ذلك أفلاما أخرى، غير أن مدتها كانت قصيرة، إلا أن فيلم "10 أيام قبل الزفة" هو الأول من نوعه في اليمن من فئة الأفلام الجماهيرية الطويلة، إذ تصل مدته إلى ساعتين.
ومن خلال الإقبال على مشاهدة هذا الفيلم يقول عمرو جمال إنه اتضح بأن اليمنيين تواقين لعودة السينما إلى بلادهم بعدما تعمدت السلطات والمتطرفين إهمالها وتهميشها "تم تدمير السينما تماما في اليمن ومحاربة الفنون بشكل عام خلال العقود الثلاثة الأخيرة لأن السلطة كانت قمعية ولا تتحمل الرأي والرأي الآخر".
ويؤكد "في حال وجود بنية تحتية ودعم واستقرار ستحصل منافسة كبيرة في هذا الجانب وستتحول السينما اليمنية إلى واحدة من أبرز الأماكن الثقافية التي سيرتادها الناس".
 
دافع النجاح
وعن الدافع الايجابي الذي منحته جوائز الفيلم لفريق العمل لإنتاج أعمال جديدة، أكد عمرو جمال أن "النجاح الذي حققه الفيلم، دفعنا فعلا للبحث عن الجديد الذي نعمل على كتابته منذ أكتوبر 2019، ونأمل أن يبدأ تصويره بعد انتهاء أزمة كورونا ونأمل أيضا أن يظهر بالمستوى المطلوب الذي يسعد الناس ويعبر عنهم".
وتفتقر اليمن حاليا لأي دور سينما أو مسرح بعدما كانت مدن البلاد تعج بها منتصف القرن الماضي.
يقول عمرو جمال إن عودة السينما والمسرح إلى اليمن سيفتح الآفاق لدى الشباب ويبعدهم عن حمل السلاح أو الانخراط ضمن جماعات العنف والإرهاب.
ويضيف "أنا مؤمن إيمان مطلق أن انتعاش الفنون في اليمن سيغير الواقع السيء في البلد، سنشهد يمن مزدهر وآمن ومستقر".

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.