رغم كورونا.. كرة الشارع مستمرة في اليمن
منذ بداية شهر رمضان الجاري، يقضي الطفل اليمني محمد عبد الله (15 عاما) أكثر من ست ساعات يوميا في لعب كرة القدم في الشارع المجاور لمنزله، غربي العاصمة صنعاء، مع عشرات الأطفال والشباب الذين يستغلون شهر رمضان باللعب.
وفي رمضان يتحول الكثير من شوارع وأزقة العاصمة اليمنية صنعاء إلى أماكن لعب للأطفال والشباب على حد سواء خاصة ممارسة الألعاب الرياضية ككرة القدم والسلة.
ولم تمنع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد هذا العام هؤلاء الأطفال والشباب من التجمع وممارسة هواياتهم خلال شهر رمضان.
وقبل أكثر من شهر أغلقت السلطات اليمنية المدارس والجامعات كإجراء احترازي للوقاية من تفشي فيروس كورونا لكن ذلك لم يمنع الأطفال والشباب من التجمع واللعب.
ولم تسجل اليمن، سوى حالة إصابة واحدة مؤكدة بفيروس كورونا، أعلن عنها في العاشر من نيسان/أبريل الجاري.
دون جدوى
يقضي محمد عبد الله ثلاث ساعات يوميا باللعب أو تشجيع الفرق الرياضية قبيل وقت الإفطار ومثلها في المساء.
ويقول محمد "سنويا في رمضان نقيم دوري كرة قدم في الحي الذي اسكنه وفي نهاية الشهر يتم تكريم الفريق الفائز في الدوري"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أنه "لا توجد كورونا في اليمن لذلك نحن لسنا خائفين".
وتقول والدته أسماء أنها حاولت ابقاء ابنها في البيت بسبب الخوف من كورونا لكنها لم تنجح في ذلك.
"حاولت اقناعه وشقيقه الأصغر بالبقاء في البيت لكن دون جدوى كأنه لا وجود لخطر الإصابة بالفيروس في كل مكان هنا بصنعاء، وكأنني لم أمنعه من الاختلاط بالآخرين"، تضيف أسماء لموقعنا.
وتحاول أسماء أن تحرص بعد إغلاق المدارس والجامعات في اليمن على أن تكون واضحة في توعية أطفالها بخطورة الوضع على حياتهم وحياة الناس.
لكن ابنها محمد وشقيقه مجد غير واعٍ أبداً بخطورة وباء كورونا طالما يرون أصدقائهم مستمرين في اللعب بحرية دون رقيب رغم خطورة الوضع.
التخلص من مشاكلهم
عبد اللطيف سعيد، أب لثلاثة أولاد جميعهم يشاركون في لعب كرة القدم برمضان في الحي الذي يقطنوه شمالي العاصمة صنعاء.
يقول سعيد وهو موظف في القطاع الخاص، إنه "من الصعب السيطرة على الأطفال خصوصا في رمضان الذي يعتبرونه متنفسا لهم".
ويضيف لموقعنا، "غالبا منازل بعض هؤلاء الأطفال صغيرة وبالتالي البقاء في البيت بالنسبة لهم شبه مستحيل حتى لو اتخذ الأهل إجراءات صارمة ومشددة، ناهيك عن أن بعض الأسر تفضل خروج أولادها للتخلص من مشاكلهم داخل المنازل".
ويوضح عبد اللطيف سعيد أن رجال أعمال دائما يدعمون إقامة دوري كرة قدم لأطفال الأحياء السكنية بصنعاء في رمضان وهذا يدفع بالأطفال والشباب للمشاركة فيها عنوة.
غياب التوعية
من جانبه، يقول مروان المغربي، وهو باحث اجتماعي يمني، إن الأطفال والشباب بل وغالبية اليمنيين يتعاملون مع وجود هذا الوباء (كورونا) باستخفاف وتساهل.
ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "ربما هؤلاء واليمنيين عموما يشعرون بالأمن من فيروس كورونا، خصوصا وأنه لم تسجل سوى حالة واحدة فقط أعلن عنها بداية شهر أبريل، حينها (عندما أعلن عن أول حالة) عاش اليمنيون فترة قلق كبيرة لكن بعد مرور أسبوعين دون تسجيل حالات جديدة بدأ الخوف يتراجع".
ويحمل مروان المغربي المسؤولية للآباء والأسر عموما وضعف التوعية من قبل السلطات المحلية ووزارة الصحة في اندفاع الأطفال والشباب للعب في أزقة الشوارع.
"تساهل الأسرة والمجتمع مع أطفالهم هو السبب الرئيس، تسرب هذا التساهل من التغذية العكسية أن اليمن بلد خالي من كورونا"، يقول الباحث الاجتماعي.
ويشير إلى أن عدم الاهتمام بمسألة توعية الأطفال بخطورة الوضع، وحثهم على الالتزام بالإرشادات الصحية، قد يجلب عواقب "وخيمة" على حد تعبيره.
ويؤكد المغربي أن السلطات اليمنية نفسها تساهلت في اجراءات الوقاية الصحية "لأنها سمحت بفتح المولات وأسواق القات وغيرها"، كما أن "وزارة الصحة لم تعد تتابع التشديد على اجراءات السلامة من تعقيم وتباعد اجتماعي مثل ما كانت تفعل حتى أن هناك حراك اجتماعي يطالب بإغلاق الحدود بشكل كامل وإعلان اليمن منطقة آمنة".
لكن الباحث المغربي، يعتقد بأن المجتمع سيلتزم بالحجر الصحي بشكل شبه كامل تلقائياً في حال تسجيل اصابات جديدة بكورونا.
ويتابع "يصعب الجزم بأن اليمن سيكون خالي مستقبلياً من فيروس كورونا رغم أننا نأمل ذلك وبشدة، مع ذلك الوقاية خير من العلاج، وتكلفة الحملة التوعوية من وزارة الصحة والسلطات المختصة لن تكلف شيئاً مقارنة بالخسائر في حال تفشي الفيروس لا سمح الله".