في اليمن.. شهر رمضان موسم رزق للعاطلين
قبيل شهر رمضان بأيام، يتقدم راني علي كعادته، وهو يمني موظف في القطاع الحكومي بمدينة عدن (العاصمة المؤقتة لليمن)، بطلب إجازة خلال شهر الصوم كاملا، من أجل "الراحة والتفرغ للعبادة" كما يقول.
ومثل راني كثير من الموظفين في القطاعين العام والخاص في اليمن، يراكمون إجازاتهم السنوية إلى شهر رمضان الذي يعتبرونه "راحتهم السنوية".
ولكن راني (39 عاما)، يعتبر من بين الموظفين المحظوظين الذين ما زالوا يحافظون على وظيفتهم، بينما فقد مئات آلاف الموظفين أعمالهم في القطاعين الحكومي والخاص، بسبب الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من خمس سنوات.
يقول راني لموقع (ارفع صوتك)، "لا أفضل العمل في رمضان، وأتقدم لأخذ إجازة في بدايته كل عام، أولا ليس هناك عمل في شهر رمضان كما في الأشهر الأخرى، أيضا رمضان فرصة للعبادة والجلوس مع الأهل".
ويضيف "لا أنسى أنني أقضي جزء من شهر رمضان في جلسات المقيل المسائية والسهر مع الأصدقاء ومتابعة بعضا من المسلسلات والمسابقات التي تقدمها الفضائيات اليمنية والعربية".
"رمضان للراحة والعبادة"
يوافقه الرأي معتز حميد، الموظف في مصلحة الضرائب بالعاصمة صنعاء، ويقول "رمضان للراحة والعبادة أما العمل فنحن نعمل طوال العام".
وتشهد البلاد عادة في شهر الصيام إقدام أشخاص كثيرين على أخذ إجازة، لأسباب مختلفة، تتفق في مجملها على طلب "الراحة والتفرغ للعبادة" خاصة وأن غالبيتهم ينتقلون من المدينة إلى الأرياف لقضاء هذه الإجازة.
ويشهد هذا الشهر في اليمن تراجعاً ملحوظا في إنتاجية العاملين والموظفين في القطاعين العام والخاص على حد سواء مقارنة بالأشهر الأخرى، نتيجة لكثرة عدد المجازين وتخفيض ساعات العمل، وانخفاض طاقة الأداء.
وتقلل الحكومة اليمنية ساعات العمل في شهر رمضان من 8 إلى 5 ساعات خلال الدوام الرسمي في القطاعين العام والمختلط.
ويستقبل كثير من اليمنيين رمضان بطقوس اجتماعية روحانية بعيدة عن أجواء العمل، وينصرفون إلى الاعتناء بتوفير احتياجات الشهر الاستثنائي.
موسم للرزق
على العكس يرى كثير من الشباب العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود في شهر رمضان فرصة للعمل، ويعتبرونه "موسم الرزق".
ويقومون خلاله بأعمال مؤقتة تتطلبها طبيعة الشهر، تدر عليهم بالمقابل دخلاً جيداً، حيث يبتكرون أعمالاً حرة لبيع السلع والمواد الاستهلاكية التي يكثر عليها الطلب في هذا الشهر.
يقول محمد عبد الحميد، وهو شاب يمني عاطل عن العمل، "شهر رمضان بالنسبة لي هو فرصة للعمل، شاهد أنا أبيع الفاكهة في شوارع صنعاء ويقبل عليها الكثير من الناس، سنويا في رمضان أبيع الفواكه".
ويضيف لموقع (ارفع صوتك)، أن كثير من الشباب يستغلون رمضان لبيع أشياء مختلفة عليها طلب في شهر الصوم، "اكسب يوميا ما لا يقل عن 4 آلاف ريال يمني الحمد لله تكفيني وأطفالي الثلاثة"، يقول عبد الحميد.
وتشمل مجالات العمل المؤقتة في رمضان صنع وبيع السمبوسة والطعمية والتمور واللحوح والمسواك والمسابح والحلويات الخاصة برمضان.
وبسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات تشهد اليمن أكبر عملية إنسانية في العالم تصل مساعداتها إلى أكثر من 13 مليون شخص.
ويحتاج ما يقرب من 80% من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية والحماية.
وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، بحسب الأمم المتحدة.