العالم

"أخدام" اليمن .. والخشية من الموت

غمدان الدقيمي
05 مايو 2020

ينتاب اليمنية فوزية سعيد، خوف شديد من إصابتها أو أحد أطفالها بفيروس كورونا المستجد، خصوصا وأنهم يعيشون في "محوى الرماح" للمهمشين المكتظ بالسكان في صنعاء.
ولا تقوى فوزية على إخفاء حزنها وهي تروي قصة سكنها وأسرتها في هذا المكان الذي يفتقر لأبسط الخدمات.
تقول فوزية "نسكن هنا منذ سنوات طويلة، ليس لدينا منازل وغير قادرين على استئجار شقق. نعاني من البرد والمطر والقذارة في هذا المكان، منزلنا عبارة عن خيمة وليس لدينا حمامات ولا مياه نظيفة. هذا المكان هو وباء بحد ذاته والآن نخاف من كورونا، لو أصيب واحد داخل المحوى سينقل المرض للجميع وستكون كارثة".
ومحوى الرماح، هو تجمع سكاني منعزل يقع بمنطقة الحصبة شمالي العاصمة اليمنية صنعاء، تقطنه أكثر من 200 أسرة فقيرة، فضلاً عن العديد من الأسر التي نزحت من محافظات أخرى بسبب الحرب.
هو واحد من مئات وربما آلاف المجمعات السكنية المماثلة والتي هي عبارة عن خيم منتشرة في اليمن، تقطنها الأسر المهمشة من ذوي البشرة السوداء، أو "الأخدام" كما يُطلق عليهم في اليمن، وهي تسمية تنم عن العنصرية.
تكتظ هذه التجمعات السكانية بخيام بلاستيكية ضيقة بعضها مدعمه ببعض الأحجار، بداخلها القليل من الفرش الممزقة. تعيش في الواحدة منها أسرة يتجاوز عدد أفرادها غالباً ثمانية أشخاص.

الكثير من المعاناة

تقول فوزية سعيد لموقع (ارفع صوتك)، إنها وأطفالها الثمانية يعيشون الكثير من المعاناة والأمراض ومن قلة الطعام (سوء التغذية)، فضلا عن زوجها المريض بالسرطان الذي لا يستطيع توفير نفقات العلاج.
ويقول زوجها محمد الحاكم "نعاني من المرض والجوع والفقر والمطر (هطول الأمطار تغرق خيامهم). أنا مريض بالسرطان منذ عام ولم أجد أحدا يساعدني".
ويضيف "كورونا إذا انتشر في صنعاء سيقتلنا في هذا المحوى لأننا تفتقر لأبسط وسائل الوقاية ناهيك عن ازدحامنا الشديد".
وتقول الأمم المتحدة إن عشرة ملايين شخص في اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية.
وأعلنت السلطات الرسمية في اليمن عن تسجيل 12 حالة إصابة بفيروس كورونا في محافظات عدن وحضرموت وتعز، لكن سلطات الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء لم تعلن رسميا عن تسجيل أي حالة إصابة بهذا الفيروس.
غير أن مواقع محلية أفادت بتسجيل عشرات الحالات في صنعاء بينها 5 حالات وفاة، ويرفض الحوثيين التعليق حول ذلك.

نظرة سيئة

ابتسامات الأطفال في هذا المحوى المكتظ، وهم ينظرون إلى عدسة الكاميرا، بملابسهم الرثة، تمتزج بمشاعر الحزن ومعاناة الكبار وهم يرون مشاكلهم اليومية، وقد غدت أكثر بؤساً جراء الأوضاع المتدهورة في بلدهم منذ العام 2011.
"أطفالنا لا يدرسون مثل بقية أطفال اليمن. المجتمع ينظر لنا بنظرة سيئة كأننا ناقصين، والسبب أن بشرتنا سوداء"، يقول وليد محمد (40 عاماً)، لموقع "ارفع صوتك".
ويشكو هيال عرمان من الإهمال، ويقول في وفي حديث لموقعنا، "لا أحد يريد مساعدتنا واخراجنا من هذا المكان. نحن نطالب المنظمات الدولية والدولة يوفروا لنا طرابيل ومعقمات نحن معزولين في هذا المكان عن العالم وليس العاصمة صنعاء فقط. ننتظر الموت في أي لحظة بسبب كورونا".
ولم يخفي حصولهم منذ حوالي عامين على مساعدات غذائية من منظمة دولية بشكل شهري.

مهن بسيطة

تقع هذه الفئة (ذوي البشرة السوداء) في أدنى السلم الاجتماعي للمهمشين في اليمن.
ويعملون في مهن بسيطة لا تدر عليهم مداخيل كبيرة، أبرزها تصليح الأحذية (إسكافيين)، تنظيف السيارات، والمحظوظ منهم هو عامل النظافة، إذ يتقاضى 30 ألف ريال شهرياً (50 دولاراً).
فيما الأطفال والنساء يمتهنون التسول.

نحن بجحيم

منذ حوالي خمس سنوات يمضي عبد الكريم قائد وأسرته المكونة من عشرة أفراد أياماً صعبة داخل إحدى الخيام التي نزحوا إليها من مدينة تعز (جنوبي غرب البلاد) على وقع الحرب الدائرة هناك.
"نزحنا من الحرب، تشردنا مع أولادنا... نحن بجحيم، هذه الخيمة لا تقينا من البرد ولا المطر ربما تتدمر فوق رأسنا بأي لحظة"، يقول عبدالكريم لمراسل (ارفع صوتك) مشيرا إلى خيمته التي لا توحي بالاستقرار ويتطلب دخولها انحناء الرأس. وتبدو الملابس مبعثرة بداخلها.
ويكافح عبد الكريم لتأمين وجبتي طعام في اليوم لأسرته من خلال عمله كسائق دراجة نارية في صنعاء.
وغالبا يحصل معظم المتواجدين في هذا المكان على الطعام من بقايا المطاعم أو التسول.
نبذة تاريخية
وهذه الشريحة متساوية في الحقوق والواجبات مع بقية أفراد المجتمع، والقانون اليمني لا ينص على وجود تمييز ضدهم.
لكن المشكلة تكمن في العزلة التي يعانون منها وتربوا عليها واقتنعوا على أنهم مهمشون وناقصون، ولذلك يكرس جزء من المجتمع هذه النظرة ضد هذه الشريحة.
ويؤكد خبراء تاريخ واجتماع أن ذوي البشرة السوداء هم بقايا الدولة النجاحية التي حكمت منطقة "زبيد" غربي اليمن (402هـ – 553هـ)، قبل أن تهزم على أيدي "بني المهدي" سنة 553 هـ.
بينما يرى آخرون أنهم بقايا الأحباش، تعرضوا للاضطهاد بعد هزيمتهم على يد سيف بن ذي يزن، بالتعاون مع الفرس سنة 575 ميلادية.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة حول عددهم من إجمالي سكان اليمن (أكثر من 2.8 مليون نسمة). لكن رئيس جمعية الأحرار السود، محمد القيرعي، الذي ينتمي لنفس الطبقة، يقدرها بأكثر من ثلاثة ملايين مواطن.

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.