شباب يمنيون: نريد السلام قبل كل شيء
يبدو أن الشباب هم أكثر الفئات المتضررة من الحرب الدائرة في اليمن، والتي دخلت نهاية آذار/مارس الماضي عامها السادس دون أن تلوح في الأفق أي بوادر للسلام.
وتشهد اليمن حربا دامية منذ نهاية مارس 2015 بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعومة من تحالف سني تقوده السعودية من جهة، والحوثيين المدعومين من إيران من جهة ثانية.
وأودت الحرب هناك بحياة نحو مئة ألف شخص ودفعت الملايين إلى شفا مجاعة وفقا لمشروع "بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة" وهو منظمة غير حكومية.
وفي أحاديث لموقع (ارفع صوتك)، حمل عدد من الشباب اليمنيين جميع أطراف النزاع ما وصلت إليه بلادهم من مأساة.
"كفاكم ظلماً"
يعتبر الشاب مهند الحماطي (25 عاما)، أن هذه الحرب عبثية وأنهكت الشعب اليمني، يأمل انتهائها والعيش بسلام، ونبذ التطرف والتعصب من أجل اليمن الواحد.
لكنه يرى أن الأطراف المتحاربة غير قادرة على بناء سلام مستدام "لأن كل طرف يستمد قوته من أطراف خارجية، فضلا عن أن الأطراف المتحاربة تتغذى من استمرارية هذه الحرب".
ويتهم سيف محمد كافة الأطراف المتنازعة ببيع اليمن وتدميرها وإهانتها أمام مختلف دول العالم. ويقول مخاطبا تلك الأطراف "ضعوا اليمن فوق أي اعتبار. اليمن بحاجة لنا جمعياً فلنعيش بسلام، السلام مطلبنا الرئيسي".
ضمن هذا السياق الناقم ضد أطراف الحرب يقول إدريس أحمد (31 عاما) "عليكم أن تدركوا بأنكم مسؤولون عن قرابة 30 مليون يمني، أنتم من عبث بهذا الشعب ومقدراته وتاريخه العريق" في إشارة إلى مسؤولية الأطراف المتنازعة.
ويضيف إدريس "كفاكم ظلماً لهذا الشعب الحر استخدموا قوة عقولكم لا اسلحتكم، نريد السلام قبل كل شيء".
مخرجات مؤتمر الحوار
وحمل شباب آخرون كافة الأطراف مسؤولية الهدم وهو ما يوجب عليهم بالمقابل الشراكة في البناء.
وشددوا على أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013- 2014) الذي شارك فيه 580 عضوا يمثلون مختلف الأطياف والتيارات اليمنية يجب أن تنفذ "باعتبارها الحل الأنسب لجميع الأطراف".
نزيه الصنوي، شاب في أواخر العقد الثالث من العمر يقول "مع دخول البلد في السنة السادسة للحرب أصبحنا وكل العالم على قناعة تامة بأنه لا حسم عسكريا لطرف على الطرف الآخر، بل إن الحل لهذا الصراع هو سياسي بالدرجة الأولى".
ويضيف "اليمن واليمنيون يشعرون كل يوم بالثمن الباهظ والمكلف للحرب المستمرة، بشريا وماديا وعلى كل المستويات الإنسانية والاقتصادية وحتى الاجتماعية".
ويؤكد قائلا إن على أطراف الصراع "تقديم تنازلات سياسية وعسكرية للوصول إلى حل لإنهاء الحرب الأليمة التي اثقلت كاهل كل يمني يحلم بمستقبل مشرق ويتمنى له ولأطفاله حياة كريمة".
ويتمنى الصنوي أن يكون عام 2020 "الحلقة الفاصلة بين يمن الحرب ويمن السلام الذي يحلم به كل شاب يمني".
ويتابع "كما اتمنى أن تولد الإرادة الوطنية دون غيرها في إنهاء هذه الحرب التي تتجاذبها الأطراف الاقليمية لجعل اليمن ساحة حرب بالوكالة".
يوافقه الرأي زميله طارق الظليمي ويضيف "عليهم تعليمنا أن نتعايش مع الاختلاف، والعودة إلى ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات السابقة، من المعيب أن يوقعوا على اتفاقات ثم يتنصلون عن التنفيذ".
"تفعيل الدستور المؤقت"
ويوجه نبيل الأسيدي، وهو رئيس لجنة الحقوق والحريات في نقابة الصحفيين اليمنيين رسالة إلى كل أطراف الصراع، بقوله، "تعبنا من الحرب المدمرة التي انهكتنا واضعفتنا وسببت لنا الجوع والأوبئة وفقدنا بسببها الكثيرون، ندعوكم إلى السلام ولا سلام إلا بترك السلاح والقبول بالآخر ووضع مصلحة اليمنيين قبل مصالحكم الأنانية بحثا عن السلطة والثروة والاستحواذ".
ويرى الأسيدي أن بناء السلام لا يحتاج سوى إلى "ترك السلاح والبدء بحوار جاد وإعادة مؤسسات الدولة والعودة إلى نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وإعادة تفعيل الدستور المؤقت وإطلاق المعتقلين وإعادة الحريات الصحفية، وبناء أسس وعقد اجتماعي جديد للدولة اليمنية بما يتوافق مع المرحلة".
ويتهم الأسيدي أطراف النزاع والأحزاب السياسية بأنهم اثبتوا منذ عام 2011، أنهم فاشلون في تقديم التنازلات "بفعل الحرب الكل صار ينتقم من الدولة. وأصبحت منظمات المجتمع المدني والأحزاب في أضعف حالاتها أمام السلاح والمليشيات، بل تحولت الأحزاب إلى أمراء وأدوات حرب".
وخاطبهم قائلا "عليكم العودة إلى العمل السياسي الذي انتهى بفعل الحرب، فالمكاسب التي ستحققوها في ظل التنمية والاستقرار أكثر بكثير منها في ظل الحرب والفوضى".
جيش وطني غير متحيز
صدام أبو عاصم، وهو صحافي يمني لاجئ في سويسرا يقول "لإحلال السلام مستقبلا يجب تجريد كل الأطراف من أدوات الحرب ومن ممكناتها الآن. هذا أمر يتعلق بجدية الأطراف كلها للجلوس على طاولة الحوار والتخلي عن العناد والاتفاق على صيغة تكفل للجميع حق الحياة بجميع تفاصيلها".
ويضيف "بناء جيش وطني غير متحيز من أكفاء ومتخصصين بعد تجريد الأطراف من كل أنواع السلاح الثقيل قد يساهم في إيقاف دورات العنف مستقبلا بالتزامن مع العمل السياسي والإصلاح الاقتصادي والتنموي ووقف التعامل مع كل الأطراف الخارجية التي تريد فقط خراب اليمن واليمنيين".