العالم

شاب يمني: أرسلوا إلى وطني الكتب بدل السلاح

غمدان الدقيمي
14 مايو 2020

يواصل الشاب اليمني فراس شمسان حياته الطبيعية في مقر إقامته بدولة سويسرا ضمن برنامج ثقافي بالتعاون مع اتحاد الكتاب السويسري، الذ يمنح للكتاب والصحفيين الفارين من بلدانهم إقامة مؤقتة لمدة عامين، على أن يبحث له لاحقا عن فرصة جديدة اما باللجوء أو الدراسة.

اضطر فراس (34 عاما)، وهو وكاتب يهتم بمجال الانتاج الثقافي والإعلامي وله عدة مشاركات على الصعيد العربي والعالمي في مجال التوعية بحقوق الإنسان، للفرار من اليمن في يوليو 2015، ليستقر به المقام ضمن مشروع كاتب في المهجر بالعاصمة السويسرية بيرن.

يقول الشمان لموقع (ارفع صوتك) إن بقائه في اليمن في فترة الحرب وما مر به صحيا ونفسيا كان "يعد انتحارا لأنه لا يوجد أمان حقيقي فمن لم يمت بالحرب مات بغيرها، وأنا من صناع الحياة لا الموت".

 
تعذيب في سجون مصر

في الأول من فبراير 2014 كان فراس شمسان في معرض القاهرة للكتاب، وكان يسجل تقريرا عن نوعية الكتب التي يشتريها الزوار لصالح موقعه الثقافي "فن تايم" (وهو موقع يهتم بأمور الثقافة)، ورغم حصوله على ترخيص بالتصوير لكن تم اعتقاله ووجهت له العديد من التهم بينها أنه "مصور لقناة الجزيرة، ويهدف إلى إسقاط نظام الحكم في مصر"، بحسب قوله.

وضع فراس بالسجن لمدة 36 يوما رغم أن السلطات المصرية لم تنجح في إثبات التهم الموجهة اليه.

صودرت كاميرته واختفت محتوياتها من مقاطع فيديو خاصة بأفلام وثائقية تم تسجيلها مسبقا في اليمن، حسب قوله.

ويعلق على تلك الفترة "ما حدث لي في مصر يثبت أن هنالك منظومة دكتاتورية لا تعرف أدني قيم حقوق الإنسان، ويمكنك مشاهدة تكرار ذات الطريقة مع شباب وكتّاب ومثقفين والتي تعتبرهم أعداء لمنظومتها الدكتاتورية".

وعقب عودته من مصر لم يكن وضعه الصحي على ما يرام بسبب تعرضه للتعذيب في السجون المصرية، كما يقول.

ولم يمض عام حتى بدأت جماعة الحوثيين الموالية لإيران اجتياح العاصمة اليمنية صنعاء ومدن يمنية عدة، ولأن الصحفيين والكتاب كانوا هدفا للمقاتلين الحوثيين، اضطر فراس شمسان لمغادرة البلاد أولا إلى الأردن ثم إلى ماليزيا وواجه الكثير من الصعوبات قبل أن يستقر به المقام في سويسرا.

ثقافة التجهيل والعنصرية

"إلى جانب أنها مدمرة على كافة الصعد"، يرى فراس شمسان أن "الحرب المستمرة في بلاده منذ أكثر من خمس سنوات هي نتاج طبيعي لثقافة التجهيل والعنصرية وافتقار المجتمع لقيم التعايش والتسامح، فضلا عن أنها نتيجة لتعفن نخب سياسية ودينية محدودة القدرة على الإنتاج أو حتى التفكير".

ويقول "الصراع الحالي في المنطقة بشكل عام يفتقر إلى دور حقيقي للإعلام خاصة في مواجهة الأفكار المتطرفة، ومن هذا المنطلق أسعى إلى دراسة الخطاب الإعلامي المتطرف وإنتاج محتوى إعلامي يبني مجتمعا خاليا من أفكار الكراهية والإرهاب".

ضمن حملة مخك للتفكير

ويعتقد الكاتب الشاب أن انتشار السلاح في اليمن جعل البلد يدور في دوامة لا تتوقف من الصراعات والحروب، معتبرا أن الشباب "هم وقود هذه الحروب والفئة الأكثر هلاكا".

ويخاطب الأطراف الخارجية الداعمة لحرب اليمن الحالية بالقول "أرسلوا إلى وطني الكتب بدل السلاح".

المواجهة الفكرية

وتمثل قضايا التطرف والإرهاب هاجسا كبيرا بالنسبة لفراس شمسان، "استنزفت الآلاف من أبناء بلدي والذين تم اقتيادهم للموت بدون أن يحصلوا على حقهم الكامل في الحياة، وكل هذا بسبب تجار الدين والحروب"، يقول شمسان.

وكانت سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على محافظة أبين الجنوبية (2010- 2011) أبرز مرحلة دفعت بفراس لمتابعة هذا الملف المعقد.

أطلق عقب ذلك حملة أسماها "مخك للتفكير مش للتفجير" لتوعية الشباب بخطورة هذه الجماعات وكيفية استغلالها لقدراتهم.

ويوضح شمسان "توصلت إلى أن هنالك دعم من قبل جمعيات وأطياف سياسية ودينية وعسكرية لنشوء ودعم قيام هذه الجماعات، بينما يتم منع ومحاربة أي شكل من أشكال التوعية أو بناء الثقافة لمواجهة الأفكار المتطرفة".

ويؤكد أن هذه الجماعات وليدة فكر متطرف يتم ترسيخه ثقافيا من خلال استغلال دور العبادة والمراكز الدينية، وأن الحل الأمثل لمحاربتها هي المواجهة الفكرية وهو ما تفتقره الحرب ضد الإرهاب في الوقت الحالي.

"حان وقت الفن"

ويقول فراس شمسان، الذي عمل في عدة وسائل إعلامية محلية، إن بداية حملاته التوعوية كانت عام 2006 عندما أسس حملة للتوعية بأضرار التبغ، ونتج عنها اشتراكه مع منظمة الصحة العالمية في العمل على سياسات مكافحة التبغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تلت تلك الحملة، مؤتمرات وحملات أخرى بينها حملة "حان وقت الفن" بهدف تشجيع المواهب الفنية الشابة في إنتاج محتوى فني، يساهم في مكافحة خطاب الكراهية والعنصرية.

وخلال مسيرته نال على العديد من الجوائز كنموذج "للشباب الناجح".

ويعمل فراس حاليا على إنتاج فلم وثائقي عن أسباب فرار المثقفين والفنانين اليمنيين إلى خارج البلد، فضلا عن إصدار رواية لتوثيق مرحلة النشاط الشبابي في اليمن خلال الفترة 2006 وحتى 2011، وانعكاسات الحرب على الشباب وتفاقم التطرف.

ويقول إن عدم استيعاب عائلته لما يقوم به كان أكبر عائق بالنسبة له "كذلك العوائق التي وضعتها أمامي المنظومة السياسية من خلال عدم منح التراخيص أو محاولة ايقاف الحملات أو عدم تسهيل العمل، وضعف الإمكانات والدعم".

ورغم ذلك، تبقى "تجربة الاعتقال في مصر والإصابة وكذلك تبعات الهجرة والهروب من الحرب الحالية في اليمن"، هي العائق الأكبر"، على حد تعبيره.

لا نية للعودة

وبعد مرور قرابة خمس سنوات على مغادرته اليمن، لا يخطط فراس شمسان للعودة.
ويوضح "للأسف اليمن ليست آمنة بالنسبة لي لأسباب كثيرة أبرزها الصراع الدائر حاليا".

ويختتم شمسان حديثه "كوننا فارين من العنف والتطرف في بلداننا لا يجعلنا أشخاصا مستسلمين وغير منتجين. لدينا أحلام سنحققها، بما فيها مناهضة العنف والإرهاب".
 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.