العالم

هل الشركس أكثر الأقليات اندماجاً في الشرق الأوسط؟

إلسي مِلكونيان
21 مايو 2020

عندما توجهنا بهذا السؤال لأفراد من الجالية الشركسية في الأردن، كانت لإجابتهم أبعاداً أعمق وأوسع من مجرد "نعم" أو "لا".

عاش أبناء هذا المكون أكثر من 150 عام في دول الشرق الأوسط، لا سيما العراق وسوريا والأردن وصولاً إلى الأراضي الفلسطينية، لكنهم اليوم يتذكرون قضية وقصة حزينة.

ففي القرن التاسع عشر، تعرض 90% منهم للتهجير من مناطقهم في القوقاز شرق البحر الأسود، وذلك بسبب توسع روسيا القيصرية جنوباً. وعمليات التهجير هذه كانت مصحوبة بمذبحة في 1864 راح ضحيتها، وفق الرواية الشركسية، أكثر من مليون شخص. وكان للدولة العثمانية هي الأخرى دورا في تهجيرهم إلى البلقان بعد أن استغلتهم في حروب لصالحها وهجرتهم مرة أخرى باتجاه الجنوب. 

 ويُعتبر يوم 21 أيار "يوم الحزن الشركسي" الذي يستذكر فيه الشركس حول العالم آلامهم التي أوصلتهم إلى دول عربية وغربية عدة.

وتماماً كالإثنيات والمذاهب المختلفة الأخرى التي تعيش في الشرق الأوسط فهم يتكلمون العربية ويساهمون في الحياة العامة. ولكنهم حافظوا على هويتهم دون الانصهار في المجتمعات التي يعيشون بها أو نسيان الولاء للوطن الأم.

أكثر من "فرق رقص"

من الصعوبات التي يواجهها أي لاجئ أو مغترب إلى بلد آخر هي مدى قدرته على الحفاظ على الهوية.

بالنسبة للشركس في بلدان الشتات، اعتبر الرقص من أبرز جوانب الفلكلور التي نقلها الأجداد إلى الأبناء على مر العصور. وحتى يومنا هذا لا زال أبناء هذا المكون يشاركون بشكل فاعل في معظم مهرجانات الدول العربية ليزينوا المسارح بملابسهم المزركشة وحركاتهم الرشيقة الإيقاعية المتناسقة.  

 

وراء كل رقصة قصة تعبر عن الهوية وشيم الأجداد الذين عاشوا في طبيعة جبلية تختلف تماما عن الهوية العربية. توارثها ساعد الأجيال المتعاقبة على التعرف عليها والتمسك بها.  

 

توارثت الأجيال أيضاً عدد من الأطباق الشركسية للحفاظ على التقاليد والتذكير بهوية الأجداد. تقوم بهذا النشاط فاديا خواج من خلال المطعم الذي افتتحته في عمان. تطهو الأطباق الشركسية وتعرف زبائنها العرب بهذه الأطعمة. وبرأيها من أشهر أطباق الشيبسوباستا والحاليفا.

 

 

البداية من الوطن واسمه "شركسيا"

لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد الشركس في العالم، لكن تقديرياً يتراوح عددهم بين 5-8 مليون شخص، حسب مجلة The Economist البريطانية، جميعهم انحدروا من دولة اسمها "شركسيا"  شمال القوقاز.

عربياً، يتمركز أكثرهم في الأردن (عددهم يقدر بنحو 125 ألف)، وبأعداد أقل في الدول المجاورة.

ويشرح رئيس المنظمة الشركسية للعودة، عرفان صوقار سطاش، حدود هذه الدولة التي باتت تعرف الآن بثلاث جمهوريات وهي قبردينو-بلقاريا، الأديغة، قرتشاي- شيركسيا، وأبخازيا، جميعها تقع جنوب روسيا الاتحادية.

 

سكنت في شركيسيا التاريخية 12 قبيلة، يرمز إلى كل منها بنجمة على علم الدولة الأخضر في إشارة إلى خصوبة أراضي المنطقة. ويتكلم أهلها لغة اسمها "الأديغية" المستخدمة في هذه الجمهوريات فقط. أما شركس الشتات، فقلة يتحدثونها أو يعلمونها، باستثناء مدرسة الأمير حمزة في عمان حيث يتعلم فيها الطلاب اللغة وفق منهج معتمد.

وللشركس تقاليد أيضاً حافظوا عليها على مر السنين مثلا تقليد خطف العروس في الزفاف، حيث يتم الاتفاق بين الطرفين على نقل العروس إلى منزل  أحد الوجهاء (المدة تتراوح من يوم إلى أيام) حتى يتقدم الشاب إلى أهلها بطلبه في الزواج منها. ويمتنع عن رؤية العروس حتى حصوله على موافقة ذويها.  

والنتيجة هي الاندماج بأٍسلوب "مميز"

لا توجد آلية أو طريقة لقياس اندماج الوافدين أو ما يسمى بالأقليات في المجتمعات التي انتقلوا للحياة فيها.

ولكن دراسة لوضع المهاجرين الشركس توصلت إلى أن التهجير الذي تعرضوا له وإعادة التوطين ساهم في تكوين الشخصية الشركسية والتي تفرض نفسها بعلاقاتهم مع المجتمعات التي يعيشون فيها.         

أما من وجهة نظر الشركس فقد استطاعوا أن يندمجوا في شخصتين: "نحن أردنيون بالآخر"، قال حميد أبزاح. وهو يقدر أن نسبة اندماجهم في المجتمع الأردني هي 100%، وأنهم أيضأ ساهموا في بناء الدولة الأردنية.

وتؤكد فاديا خواج أيضأ أنها استطاعت تحقيق التوازن بين الهويتين: الشركسية والأردنية على حد سواء، بقولها:   

واللافت أيضأ أنه وبرغم الحنين إلى الوطن والاستذكار الدائم لآلام الماضي لم يغادر الشركس المجتمعات التي يعيشون بها إلا في ظروف استثنائية.  حيث اضطرت الحرب في سوريا المكون الشركسي هناك إلى الرحيل بحثاً عن الأمان ومستقبل أفضل لهم ولعائلتهم.

ويقدر عدد العائدين  إلى مناطقهم جنوب روسيا بـ1200 شخصاً، ليسجلوا هجرة ثالثة ويبدأوا عملية اندماج جديدة مع الوطن الأم الذي طالما عشقوه وحنوا إليه.   

إلسي مِلكونيان

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.